رمضان شهر الحلويات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

لذة الصوم لا تكتمل في الكثير من الدول العربية بدون الطعم الحلو واللذيذ لمختلف الأصناف من الحلويات.

عواصم عربية - تشهد محلات الحلويات والمخابز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زحاما شديدا خلال نهار شهر رمضان، حيث يتوق الصائمون لشراء حلويات شهية، مقرمشة أو ناعمة مغموسة في شراب سكري أو محشوة بالمكسرات والتمر للاستمتاع بها بعد الإفطار من الغروب وحتى بزوغ فجر اليوم التالي.

وتعرض تلك المحلات أنواعا مختلفة من الحلويات الشهيرة مثل القطائف والكنافة والزلابية وغيرها في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، وكلها بمكونات واحدة.. عجينة حلوة مقلية بالزيت ومغموسة في عسل أو شراب.

وتصنع معظم المتاجر المعروفة هذه الحلويات الشهيرة منذ أجيال، وتنتظر أغلب العائلات عاما كاملا تقريبا حتى تستمتع بمذاقها مجددا.

ويقول أبوسفيان وهو صانع قطائف من سكان رام الله في الضفة الغربية إنه يقوم بما يسميه "مهنة موسمية" منذ 50 عاما.

وأضاف "نصف قرن من العمل في المهنة يعكسها مرور جيل من الأطفال قصدنا صغيرا وعاد إلينا مع أبنائه وأحيانا مع أحفاده".

وفي دبي أشارت أمينة علي صانعة حلويات إلى أن "حبة لقيمات مع عسل تعد من النكهات المميزة بعد الإفطار".

وأكدت الإماراتية أم خليفة أن "اللقيمات تعتبر أكلة شعبية تراثية من الإمارات، تعودنا عليها من أيام أجدادنا، وإلى اليوم ما زالت تزين الموائد في رمضان وفي الأعياد"، متابعة "هذه الحلوى الخليجية التراثية يطيب لنا أكاها بعد الإفطار أو العشاء".

وفي الجزائر يسافر البعض من مدن مختلفة لمجرد شراء الزلابية من مدينة بوفاريك، الزلابية المصنوعة من وصفة يقول السكان إنها قديمة تتناقلها الأجيال.

زلابية
وصفة قديمة تتناقلها الأجيال

وتحدث محفوظ بائع تلك الزلابية في بوفاريك بالبليدة عن هذه الحلويات، فقال إن "زلابية بوفاريك هي الأصلية والمعروفة على الصعيدين المحلي والدولي، إذ يحرص البعض على إرساله إلى أقاربهم خارج الجزائر".

ويقول متسوق يدعى فيصل إن رمضان بدون زلابية لا يعتبر رمضان.

وفي تونس تعتبر عائلة عبيد واحدة من أقدم العائلات المشهورة بصنع هذه الحلويات التقليدية خلال شهر رمضان.

ويقبل المواطن التونسي على الزلابية والمخارق بوصفها حلويات تقليدية وشعبية في تونس لها نكهة خاصة في رمضان، لا يكاد منزل يخلو منها أثناء الإفطار أو خلال السهرات، بحسب شكري عبيد صاحب محل لبيع الحلويات الرمضانية.

في حين يأسف محمد عبدالجليل صانع حلويات على انحدار الصنعة للاندثار، مشيرا إلى أنه "بدأ العمل منذ سنة 1975 في هذه المهنة التي ورثها عن آبائه وأجداده، لكنها الآن بدأت في الانقراض بشكل غريب".

وتابع "يمكن القول إنها انقرضت بنسبة 50 أو 60 في المئة.. لم يعد الشباب يقبل على تعلمها أو الاشتغال بها، فبعد ذهاب جيلي لن يعود هناك من يعمل بهذه المهنة".

ويعتبر الكُلاّج في لبنان من بين الحلويات الشعبية خلال شهر رمضان، وهي معجنات مقلية مليئة بالكريمة ومغموسة في شراب سكري.

سعر رقائق الكلاج تأثر كغيره من المنتجات الأخرى في لبنان بزيادة معدلات التضخم

ويعمل محمد عيسى (31 عاما) صانع معجنات منذ ما يقرب من نصف عمره، ويقول إن اللبنانيين كانوا يقبلون على شراء الحلوى العربية بكميات كبيرة، لكنهم الآن يشترون ما يكفيهم بالكاد، ولا يشتريها إلا أولئك الذين لا يزالون قادرين على دفع ثمنها.

وأضاف "رغم الانتظارات لتذوق هذه المعجنات خلال الشهر الفضيل، فإن الظروف الصعبة حالت دون أن يتمتع الجميع وبالتساوي بهذا الطعم الرمضاني الفريد".

ويرتبط الكلاج بشهر رمضان، لأن محال الحلويات تصنعه خلال هذا الشهر فقط، ويلقى تناوله إقبالا واسعا بعد الإفطار لكونه الصنف المفضل لدى الكثيرين. واعتاد اللبنانيون على شرائه خلال رمضان، حيث يستطيب المفطرون طعمه الحلو واللذيذ، عقب تناولهم الوجبة الرئيسية، بعد ساعات طويلة من الصوم.

وكغيرها من السلع والمنتجات الأخرى في لبنان تأثر سعر رقائق الكلاج بزيادة معدلات التضخم في البلاد بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد منها من 4 إلى 8 دولارات.

أما سعر دزينة الكلاج المقلي الجاهز للأكل (12 قطعة) فارتفع من 18 ألف ليرة (نحو 0.16 دولار) إلى مليون ليرة (نحو 9.2 دولار) منذ 2019، وذلك تأثرا بارتفاع المواد التي تدخل في صناعته كالغاز والسمن والحليب، جراء هبوط قيمة الليرة من 1500 إلى أكثر من 100 ألف ليرة مقابل الدولار خلال الفترة الماضية.

وقال الزبون حسن برجاوي "أردت شراء كلاج وشعيبيات، إلا أنني فوجئت بأن بالأسعار التي تتخطى رواتبنا لذلك قررت العودة فارغ اليدين".

ومع ذلك، ومع مرور الزمن، تم دمج هذه المعجنات التقليدية مع مكونات غربية أكثر عصرية، لاسيما في مصر، حيث يتم استخدام فواكه وشوكولاتة وكراميل وبسكويت وغيرها للحشو أو تزيين الحلويات.

وبينما يقبل لشراء حلويات من محل سيدرا المزدحم بالزبائن في التجمع الخامس بالقاهرة قال الزبون محمد عادل إن "دمج الحلويات التقليدية مع نكهات عصرية أفرز مأكولات لذييذة".

وسواء تم بيع هذه الحلويات التقليدية بلمسة أكثر حداثة، أو على وضعها منذ عقود، فإن لذة شهر الصوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تكتمل بدونها.