'رواء' تستحضر سيرة عميد علم النفس العربي

المؤسسة العاملة في قنا تضيء على سير ومسيرة عدد من رموز العلم والثقافة والأدب من أبناء المحافظة الصعيدية بينهم الدكتور عبدالعزيز القوصي.

أطلقت مؤسسة رواء للتنمية المجتمعية والثقافية، بمحافظة قنا في صعيد مصر، مبادرة "مفكرون قنائيون أضاءوا محراب العلم"، والتي تهدف لتسليط الضوء على سيرة ومسيرة عدد من رموز العلم والثقافة والأدب من أبناء محافظة قنا، الذين وصلت أعمالهم وشهرتهم لبقاع العالم، والتعريف بتاريخ العلم والثقافة في صعيد مصر بوجه عام، ومحافظة قنا بوجه خاص، وربط الأجيال الشابة والناشئة بتاريخهم، وإطلاع على سير النابغين من الآباء والأجداد.

وقال القاص والكاتب والباحث في شؤون التراث، الطيب أديب، مؤسس ورئيس مؤسسة رواء، إن محافظة قنا أنجبت في العصر الحديث عشرات المفكرين والعلماء والأدباء الكبار الذين أفادوا مصر والعالم العربي والإنسانية جمعاء.

وأشار إلى أن مبادرة "مفكرون قنائيون أضاءوا محراب العلم"، تهدف لاستحضار سير وإنجازات هؤلاء المفكرين والعلماء والأدباء.

ولفت أديب إلى أن مؤسسة رواء أعدت برنامجا ثقافيا بدأ بالفعل، ويتضمن تناول سيرة ومسيرة عدد من النوابغ وتعريف الشباب والصغار بجهودهم ومنجزاتهم، مثل الدكتور عبدالعزيزالقوصي عميد علم النفس العربي، والدكتور تمام حسان أمير النحو العربي، والدكتور رشدي فكّار الفيلسوف والمفكر الإسلامي وغيرهم من النوابغ والمشاهير الذين أنجبتهم مدن وقرى محافظة قنا.

وأضاف بأن كل نابغة تخصص لها ندوة تتناول مولده ونشأته وإنجازاته العلمية ومؤلفاته وما ناله من جوائز وتكريمات، وتخليد ذكرى كل شخصية عبر محاضرات ومناقشات ومطبوعات تذكر بالماضي المشرف لهؤلاء المفكرين والعلماء والأدباء.

وقد انطلقت المبادرة بندوة خاصة تناولت سيرة ومسيرة الدكتورعبدالعزيز القوصي الذي يلقب بـ"عميد علم النفس العربي".

وخلال الندوة التي انعقدت في مركز شباب كوم الضبع، جنوبي غرب قنا، وأدارها الطيب أديب، تم استعراض مسيرة الدكتور عبدالعزيز القوصي الذي ولد في مدينة قوص بمحافظة قنا عام 1906، وانتقل مع والده إلى محافظة أسيوط ليستكمل تعليمه هناك، حتى انتقل إلى القاهرة، وهناك التحق بمدرسة المعلمين العليا، وكان ترتيبه الأول على المدرسة عام 1928، ولتفوقه أوفدته وزارة المعارف إلى بعثة لجامعة برمنغهام في بريطانيا وهناك حصل على بكالوريوس علم النفس في 1932 وأتم  الماجستير والدكتوراه في علم النفس التربوي في 1933، ليحصل على زمالة جمعية علم النفس البريطانية عام 1934، و زمالة علم النفس الفخرية من جامعة مونتيفيديو في الأوروغواي عام 1954.

عبدالعزيزالقوصي
تعريف الشباب والصغار بجهود ومنجزات عدد من النوابغ

وقد توصل دكتور عبدالعزيز القوصي في رسالته للدكتوراه إلى اكتشاف علمي سيكولوجي، سجلته له جامعة إدنبرة عام 1934، وأطلق على هذا الكشف اسم "عامل إدراك المكان"، وهو اكتشاف عرف باسم القوصي في كل جامعات العالم آنذاك ويرمز له عالميا بحرف K إشارة لاسمه، وأحدث هذا الكشف دويا علميا، إذ غير كثيرا من المفاهيم في هذا العلم. وعده العلماء من أهم النظريات العالمية في علم النفس، ويدور حول بناء القدرات العقلية على أساس أبعاد ثلاثة هي: "المضمون الأساسي والوظيفة والشكل".

وأصبح رائدا لمدرسة جديدة في علم النفس، ويدين له أساتذة علم النفس والتربية في مصر بالكثير، وما زالت نظريات واكتشافات الدكتورعبدالعزيز القوصي مرجعا لعلماء النفس حتى يومنا هذا.

كما تتلمذ على يدي القوصي أبرز علماء النفس في إنجلترا وسويسرا والسويد وغيرها. ووصفه علماء علم النفس بـ"عميد علم النفس في العالم العربي".

والقوصي أول من أدخل إلى العربية اصطلاح "الصحة النفسية"، وألف كتاب "أسس الصحة النفسية" الذي تُرجم لمعظم لغات العالم.

كما أثرى الدكتور عبدالعزيز القوصي المكتبة العربية بمؤلفات كثيرة ومنها: الإحصاء في التربية وعلم النفس، الاختبارات الحسية للذكاء، أسس الصحة النفسية، علم النفس أسسه وتطبيقاته التربوية، مخاوف الأطفال، تيسير النحو، ومؤلفات وبحوث أخرى.

ونال القوصي وسام الأرز اللبناني، ووسام الاستحقاق السوري، كما نال أوسمة من العراق، والأردن، وموريتانيا، والسودان، والمغرب، وليبيا، إضافة إلى نيله لجائزة الدولة التقديرية في العلوم الإنسانية في مصر عام 1980، ومنحته إسبانيا أحد أوسمتها الرفيعة تقديرا لجهوده في اللجنة الدولية لتطوير التعليم في إسبانيا.

وبعد رحلة حافلة بالعطاء ودع المفكر العبقري الدكتور عبدالعزيز القوصي -رحمه الله- دنيانا في يوم 27 أبريل/نيسان 1992، وقد طالب القاص والباحث والكاتب الطيب أديب، رئيس مؤسسة رواء للتنمية المجتمعية والثقافية، والمشاركون في الندوة وجمهورها، بإطلاق اسم الدكتور عبدالعزيز القوصي على أحد الصروح العلمية والثقافية في محافظة قنا، وذلك تخليدا لذكراه واعترافا بفضله كمفكر وعالم قنائي مصري أثرى الحياة العلمية والثقافية في مصر والوطن العربي.