روسيا تفتح جبهة مواجهة مع فرنسا وأوروبا في مالي

وزير الخارجية الروسي يندد بـ'الذهنية الاستعمارية' لفرنسا وأوربا في مالي، معلنا أن بلاده مستعدة لتوفير دعم لباماكو "لزيادة القدرات القتالية لدى القوات المسلحة المالية" وأيضا استمرار موسكو في تزويدها بالقمح والاسمدة.
صراع نفوذ بين فرنسا وروسيا في مالي على وقع حرب أوكرانيا
روسيا تحذر من خطر فعلي في مالي لظهور جيوب فوضوية
باريس تواجه اتهاما بالكيل بمكيالين في التعاطي مع الانقلابات في افريقيا
تشاد تدعو مالي للعودة عن قرار الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس

موسكو/نجامينا - تدخل روسيا وفرنسا في مواجهة نفوذ على جبهة أخرى في خضم مواجهة أوسع بفعل الحرب في أوكرانيا، وسط اتهامات متبادلة بين باريس وموسكو بالتأجيج الاضطرابات في مالي.

واستغلت روسيا التوتر الشديد بين فرنسا ومالي خاصة بعد أن ألغى المجلس العسكري الذي يحكم البلاد بعد انقلاب على انقلاب سابق، الاتفاقيات العسكرية المشتركة واستعجاله سحب القوات الفرنسية من أراضيه وانسحابه من مجموعة دول الساحل والصحراء ومن القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب، للاستفادة من الأزمة بين باريس وباماكو.

وفي أحدث فصل من فصول المواجهة والصراع على النفوذ في إفريقيا، ندد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة بـ"الذهنية الاستعمارية" لفرنسا وأوروبا في مالي وذلك خلال استقباله في العاصمة الروسية نظيره المالي عبدالله ديوب.

وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي إن "استياء فرنسا من رغبة السلطات المالية في طلب المساعدة من قوات أمن أجنبية ليس سوى تعبير عن ذهنية استعمارية كان ينبغي على الأوروبيين أن يتخلصوا منها منذ وقت طويل".

وحذر الوزير الروسي من "خطر فعلي" في مالي "لظهور جيوب فوضوية يتحرك فيها بحرية مقاتلون ينتمون إلى مجموعات مسلحة غير قانونية"، مؤكدا أن "هذا الأمر يهدد وحدة أراضي البلاد وسبق أن قلنا ذلك مرارا لزملائنا الفرنسيين".

وأضاف "نفهم، لكننا لا نقدر محاولات فرنسا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي أن تدعي أداء دور مهيمن في إفريقيا ومناطق أخرى"، معتبرا أن سعي باريس إلى "فرض سلوكها في مالي في وقت يمكنها التواصل معها" هو أمر "غير مقبول".

وتابع أن روسيا مستعدة لتوفير دعم لباماكو "لزيادة القدرات القتالية لدى القوات المسلحة المالية"، وخصوصا في تدريب العسكريين وعناصر الشرطة، مؤكدا أيضا أن موسكو ستواصل تسليم مالي القمح والأسمدة العضوية إضافة إلى المنتجات النفطية، فيما تتعرض روسيا لعقوبات بسبب غزوها لأوكرانيا، عرقلت قدراتها على التصدير وزادت المخاوف من أزمة غذاء عالمية.

وقررت باريس في فبراير/شباط الماضي الانسحاب عسكريا من مالي وسط ظروف أمنية متدهورة وعلى خلفية توتر بين فرنسا والمجلس العسكري الحاكم الذي تتهمه الدول الغربية باللجوء إلى خدمات مجموعة فاغنر الروسية الخاصة التي تعتبر ذراعا عسكرية للكرملين، بينما تؤكد باماكو أن الأمر يقتصر على الاستعانة بمستشارين روس.

وحضّت تشاد التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة دول الساحل الخمس، مالي الجمعة على العودة إلى المنظمة الإقليمية المناهضة للجهاديين وقوتها العسكرية المشتركة.

وكان المجلس العسكري في مالي قد أعلن الاثنين انسحاب بلاده من هذا التحالف الذي يضم أيضا النيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو وتشاد لمكافحة الجماعات الجهادية في منطقة الساحل.

واتهمت باماكو مجموعة دول الساحل الخمس بأنها "أداة" بيد "الخارج"، في إشارة ضمنية إلى فرنسا التي تدهورت علاقاتها معها إلى حد كبير منذ الانقلاب العسكري في أغسطس/اب 2020.

وقد أعلنت فرنسا في فبراير/شباط سحب قوتها العسكرية المناهضة للجهاديين (قوة عملية برخان)، وينتظر أن يستكمل الانسحاب في الصيف.

وكتبت الرئاسة التشادية لمجموعة الساحل في بيان الجمعة أن الرئيس الحالي للمجموعة الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو "يحضّ حكومة جمهورية مالي على إعادة النظر في موقفها".

ومحمد ديبي اتنو (38 عاما) نفسه استولى على السلطة في تشاد وصار يقودها على رأس مجلس عسكري إثر وفاة والده إدريس ديبي إتنو قبل أكثر من عام، لكنه يحظى بدعم من فرنسا التي عبرت عن استعدادها لدعم الحوار الوطني بين فرقاء تشاد، بينما تراهن على نجامينا في تخفيف الأعباء عن قواتها في مواجهة الجماعات الجهادية.

وأضاف البيان أن الجنرال ديبي "سيطلع مالي في الأيام القليلة المقبلة على نتائج مشاوراته الجارية مع رؤساء ورؤساء وزراء الدول الأعضاء الأخرى"، مشيرا إلى عقد "مؤتمر وشيك لرؤساء الدول والحكومات في البلد المضيف" موريتانيا.

وكان رئيس النيجر محمد بازوم قد قدّر الأربعاء أن مجموعة دول الساحل الخمس "انتهت" برحيل مالي التي انتقدها على خلفية "هروبها إلى الأمام الأمر الذي يعزلها في إفريقيا" ويحرم القارة "من إستراتيجية مشتركة ومنسّقة لمكافحة الإرهاب".

ونصّب محمد ديبي نفسه رئيسا لتشاد في 20 ابريل/نيسان 2021 على رأس مجلس عسكري مكون من 15 جنرالا في اليوم نفسه لإعلان مقتل والده أثناء قتال في الجبهة ضد متمردين بعد أن حكم البلد بقبضة حديد طوال 30 عاما.

وسرعان ما اعترفت به فرنسا والاتحادان الأوروبي والإفريقي، ما عاد عليها باتهامات بأنها تمارس سياسة الكيل بمكيالين بسبب إدانتها ومعاقبتها الانقلابيين في دول إفريقية أخرى لا سيما في مالي.

وإلى جانب قوة 'برخان' الفرنسية، يعتبر الجيش التشادي الركيزة الأساسية للتحالفات الإقليمية التي تشن حربا على التنظيمات الجهادية.