شركات طيران أخرى تنضم لقطر في شكواها من عيوب في ايه 350

الخلاف بين قطر وشركة ايرباص حول عيوب في طلاء طائرة إيرباص ايه 350 وتلف سطحي، يتجاوز منطقة الخليج، بينما يفتح الباب أمام معركة على تعويضات بمئات ملايين الدولارات بعد أن أوقفت الخطوط القطرية تسلم 23 طائرة أخرى من هذا الطراز.
اتساع نطاق الخلاف بين قطر وايرباص على عيب في طلاء ايه 350
قرار قطر وقف تشغيل بعض الطائرات يأتي في وقت حساس لشركة إيرباص
الخطوط الجوية القطرية تدرس عروضا من بوينغ
قطر تواصل إجراء تحليل أعمق ولا تُبدي أي بادرة تراجع في خلافها مع ايرباص

دبي/الدوحة - اتسع نطاق نزاع بين شركة إيرباص لصناعة الطائرات والخطوط الجوية القطرية على عيوب في الطلاء وعيوب سطحية في الطائرة من طراز ايه 350 متجاوزا منطقة الخليج، إذ أثارت خمس شركات طيران أخرى على الأقل مخاوف منذ دخل هذا الطراز عالي التقنية الخدمة.

واتضح ذلك من خلال وثائق وأكدته عدة مصادر مطلعة، فقد أوقفت الشركة القطرية تشغيل 20 طائرة من بين 53 طائرة لديها من طراز ايه 350 وقالت إنها تتصرف بناء على أوامر من السلطات المحلية المعنية لحين التأكد من أسباب ما يصفه شهود بأنه ظهور فقاعات أشبه بالبثور على بعض الطائرات من هذا الطراز.

وتقول إيرباص إنه لا توجد أي مخاطر على سلامة الطائرة ايه 350 وهي نقطة رددتها شركات الطيران الأخرى التي لم توقف تشغيل أي طائرة ووصفت المشكلة بأنها "شكلية".

لكن الخطوط لقطرية لم تقتنع على ما يبدو بتبريرات عملاق صناعة الطائرات الأوروبي خاصة مع إثارة شركات طيران من خارج منطقة الخليج مخاوف مماثلة.

وقالت إيرباص إن بعض المشاكل ظهرت في شكل "تلف سطحي مبكر" أدى في بعض الحالات إلى ظهور طبقة تحتية من شبكة معدنية الغرض منها امتصاص الصواعق وإن الشركة تعمل على إصلاحها.

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على الوضع إن هذه المادة أدت في طائرات لدى الخطوط الجوية القطرية وشركة طيران أخرى واحدة على الأقل إلى ظهور شقوق، الأمر الذي تسبب في انكشاف جسم الطائرة المصنوع من ألياف الكربون وتعرضه لتلف محتمل من جراء الطقس أو أي عامل آخر.

وقالت إيرباص في بيان أرسلته بالبريد الإلكتروني إن تصميم الطائرة ايه 350، التي دخلت الخدمة عام 2015، يوفر حماية كبيرة لمقاومة العواصف وإنها تعمل في مختلف أنحاء العالم بقدر كبير من الموثوقية.

وسُئلت الشركة عن الشقوق التي ظهرت فردت بأن بعض شركات الطيران عُرضة لتقلبات في درجات الحرارة أكبر من غيرها مشيرة في ما يبدو إلى الظروف الصحراوية في قطر على سبيل المثال.

وطالبت الشركة القطرية بتحديد سبب قاطع وبإصلاح دائم للمشكلة يرضي الهيئة العامة للطيران المدني في قطر. وامتنعت الهيئة عن التعقيب.

وقال مصدران مطلعان على قرار وقف تشغيل الطائرات إنه قائم على استمرار الغموض الذي يكتنف السبب وأثر التآكل السطحي والشقوق في الحماية من الصواعق.

وتقول إيرباص إنها توصلت إلى سبب رئيسي، لكن مصادر في اثنتين من شركات الطيران المعنية قالتا إن الشركة لم تخطرهما بأي أسباب.

وفتح الخلاف الباب أمام معركة على التعويضات قالت المصادر إنها قد تتعلق بمئات ملايين الدولارات بعد أن أوقفت الخطوط القطرية تسلم 23 طائرة أخرى كانت قد طلبتها من الطراز ايه350.

وخرج الخلاف بين اثنتين من أقوى الأطراف في عالم الطيران إلى العلن في مايو/أيار الماضي بعد مرور ستة أشهر على إرسال الخطوط القطرية طائرة من هذا الطراز لتجهيزها وإعادة طلائها في إطار الاستعداد لبطولة كأس العالم لكرة القدم (مونديال 2022) التي تنظمها قطر العام المقبل.

لكن لوحة رسائل تستخدمها إيرباص وشركات أخرى تسير طائرات ايه 350 أوضحت أن ما طُرح على مدار أشهر على نطاق واسع كمشكلة منعزلة تتعلق بدرجات الحرارة الشديدة في قطر أصبح مشكلة أوسع نطاقا.

الشكاوى من تلف الطلاء تتواتر من شركات كاثاي باسيفيك والاتحاد للطيران ولوفتهانزا ومن الخطوط الجوية الفرنسية بصفتها الشركة المسؤولة عن الصيانة لحساب شركة إير كاريبي

وتبين رسائل أن شركة الخطوط الجوية الفنلندية التي تعمل في شمال الكرة الأرضية حيث الجو البارد أثارت مخاوف تتعلق بالطلاء منذ 2016 وأبلغت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 عن انتشار التلف تحت الطبقة الواقية من الصواعق.

وتواترت الشكاوى من تلف الطلاء من شركات كاثاي باسيفيك والاتحاد للطيران ولوفتهانزا ومن الخطوط الجوية الفرنسية بصفتها الشركة المسؤولة عن الصيانة لحساب شركة إير كاريبي.

وقال مصدران مطلعان إنه في أعقاب ظهور هذه المشاكل التي لم يسبق نشر شيء عنها شكّلت إيرباص العام الماضي "مجموعة عمل متعددة المهام" وفي الوقت نفسه عملت على دراسة مواد جديدة لحماية الطائرات ايه 350 مستقبلا من الصواعق.

وأكدت الخطوط الجوية الفنلندية وكاثاي باسيفيك ولوفتهانزا أن بعض طائراتها من طراز ايه 350 أُصيبت بما وصفته بتلف "شكلي". وقالت شركة إير كاريبي إنها وشركة الطيران الشقيقة فرنش بي لم ترصدا مشاكل كبرى في الطلاء أو أي مشاكل تتعلق بالسلامة بصفة خاصة.

وقالت الخطوط الجوية الفرنسية إن طائراتها من طراز ايه 350 تعمل بصورة عادية منذ بدأت تشغيلها في 2021 وامتنعت عن التعليق على شكوى شركة إير كاريبي. أما الاتحاد للطيران فامتنعت عن التعليق.

ومما لا ريب فيه أن الخطوط القطرية سبق أن كانت طرفا في نزاعات مع موردين في الماضي قبل الوصول إلى حلول وسط مُرضية. ومن آن لآخر ينتقد رئيسها التنفيذي أكبر الباكر كلا من إيرباص ومنافستها الأميركية بوينغ بسبب أخطاء محسوسة في التصنيع والإستراتيجية.

ويقول محللون إن النزاع يتزامن مع مساعي الكثير من شركات الطيران لتقليل اعتمادها على طائرات الرحلات الطويلة وذلك في أعقاب جائحة فيروس كورونا.

وتنفي مصادر بصناعة الطيران في الخليج وجود دوافع تجارية وراء وقف تشغيل الطائرات وتشير إلى حاجة قطر الماسة للطائرات قبل استضافة كأس العالم.

وليست إيرباص وحدها التي تواجه مشاكل، فقد واجهت بوينغ مشاكل في الطلاء وظاهرة تطاير قطع صغيرة من الطلاء في طائراتها من طراز 787 المنافس لطائرة إيرباص. وقال متحدث باسم الشركة إن هذه المشكلة لا علاقة لها بالسلامة وإنه يجري العمل على حلها.

غير أن قرار قطر وقف تشغيل بعض الطائرات يأتي في وقت حساس لشركة إيرباص التي تسابق الزمن للوفاء بالتسليمات المستهدفة بنهاية العام وفي وقت تدرس فيه الخطوط الجوية القطرية عروضا من بوينغ لإحلال طائرات جديدة محل أسطول طائرات الشحن المكون من 34 طائرة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016 وبعد عام من تحول الخطوط الجوية الفنلندية إلى أول شركة طيران أوروبية تشغّل الطائرة ايه 350 أبلغت الشركة عن تلف في الطلاء وذلك حسبما ورد على لوح الرسائل. ثم اشتكت الشركة في ما بعد من أن "الطلاء في حالة سيئة للغاية".

في حين أن الهيئات التنظيمية الأوروبية قالت إنه لا يوجد دليل على وجود مخاطر على السلامة، تواصل قطر إجراء تحليل أعمق ولا تُبدي أي بادرة على التراجع

وأبلغت شركة كاثاي باسيفيك من هونغ كونغ والتي تتعامل مع مورد مختلف للطلاء عن مشاكل مماثلة في الشهر نفسه. وبعد قرابة عام قالت الشركة إنها "مازالت تواجه مشاكل تقشر الطلاء في عدة طائرات".

وفي إحدى الرسائل كشفت الشركة عن ظهور المشاكل في طائرة من طراز ايه 350 بعد أسبوعين فقط من تسلمها.

وقال متحدث باسم الخطوط الجوية الفنلندية "نستطيع أن نؤكد أننا شهدنا بعض المشاكل في طلاء الطائرة ايه 350 وأننا نعمل بالتعاون مع إيرباص لحل هذه المشاكل"، مضيفا أن المشكلة "شكلية لكنها مؤسفة بطبيعة الحال".

وأكدت شركة كاثاي باسيفيك أن بعض طائراتها من هذا الطراز شهدت "تدهورا شكليا إلى حد ما". وقالت إنه تم تحري جوانب المشكلة بالكامل وإنه ليس لها أي أثر على سلامة الطائرة.

وتوضح الرسائل أنه بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2017 شهدت شركة لوفتهانزا تقشر الطلاء في بعض الأماكن تجاوزت مساحة بعضها المتر المربع.

وقالت لوفتهانزا، إنه تم تصحيح عيوب شكلية مما يظهر بين الحين والآخر وإن سلامة الطائرات لم تتأثر بأي حال من الأحوال.

ولعب الطلاء دورا رئيسيا على صعيد العلامات التجارية المميزة وعلى الصعيد الدبلوماسي في عصر الطائرات بإبراز صورة شركات الطيران والدول في مختلف أنحاء العالم، غير أن التحول إلى الطائرات الجديدة الأخف وزنا جلب معه مشكلة، فعندما أطلقت إيرباص قبل 15 عاما الطائرة ايه 350 اختارت الاقتداء بطائرة بوينغ الجديدة 787 في استخدام ألياف الكربون بدلا من المعادن.

ويقول خبراء إن الطائرات الأخف وزنا تستهلك وقودا أقل غير أن تجميلها بطريقة تثبّت الطلاء أصعب.

وتحتاج الطائرات الجديدة أيضا طبقة من الشباك المعدنية لتبديد أثر الصواعق لأن ألياف الكربون ليست موصلا جيدا.

وأخيرا فإن الكربون على النقيض من المعادن لا يتمدد ولا ينكمش مع تغير درجات الحرارة، غير أن الطلاء يتمدد وينكمش الأمر الذي يؤدي إلى شد وجذب بين جسم الطائرة والطلاء وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقشر الطلاء بمرور الوقت.

وتشير المشاكل التي أبلغت عنها الخطوط الجوية القطرية وبعض الشركات الأخرى التي تشغل الطائرة ايه 350 إلى أن هذا التطور يحدث قبل الأوان وذلك وفقا لما قاله مصدران مطلعان على تصميم الطائرة.

قرار قطر وقف تشغيل بعض الطائرات يأتي في وقت حساس لشركة إيرباص التي تسابق الزمن للوفاء بالتسليمات المستهدفة بنهاية العام فيما تدرس الخطوط القطرية عروضا من بوينغ

وأضاف المصدران أن المشكلة ربما تتفاقم بصفة خاصة لضعف التصاق الطلاء بالمسامير المصنوعة من التيتانيوم، فيما أثار بعض خبراء الصناعة تساؤلات عما إذا كانت عيوب تصنيع أخرى قد ساهمت في هذه المشكلة.

ويبدو أن صورا قدمتها الخطوط الجوية الفنلندية على لوح الرسائل في 2019 تُظهر تآكل أو اختفاء الشبكة المعدنية. وامتنعت الخطوط الفنلندية وإيرباص عن التعليق على الصور غير أن مسؤولين في عملاق صناعة الطائرات الأوروبي، قالوا إن هذه المشكلة بالذات ربما نجمت عن مشكلة ظهرت في بدايات الإنتاج وتم حلها في ما بعد.

وقال ميجل انجيل لوركا سانث كبير مهندسي الطائرة ايه 350 عن مشكلة الطلاء العامة "لم نشهد أي أثر على هيكل الطائرة ومازالت الشركات التي تشغلها تطير بها بمستويات عالية من موثوقية التشغيل".

وأضاف في مقابلة "هذه لا تؤثر على الإطلاق على الحماية من الصواعق بسبب الهوامش الكبيرة الخاصة بالسلامة.. المسألة لا تتعلق على الإطلاق بصلاحية الطائرة للطيران".

ومع ذلك فقد قالت مصادر بصناعة الطائرات إن إيرباص تدرس تحديث نظام الحماية من الصواعق بمادة أكثر مرونة. وأكدت الشركة أن هذه المادة أحد الخيارات التي يجري بحثها، لكن حرب الكلمات على الطائرات الرابضة على الأرض ونوافذها مغطاة في قطر مستمرة.

وتبين صور حصلت عليها رويترز ظهور شقوق في الطلاء أو اختفاءه وانكشاف وسائل الحماية من الصواعق أو تآكلها في طائرتين على الأقل.

والآن يتعين على السلطات التنظيمية أن تحاول كسر جمود حول ما إذا كان هذا النوع من التلف تنطبق عليه الهوامش المسموح بها في التعامل مع الصواعق التي تصر إيرباص على أنها ستمر بسلام. وربما يحدد ذلك ما إذا كان من الممكن تفعيل بنود التعويض.

وفي حين أن الهيئات التنظيمية الأوروبية قالت إنه لا يوجد دليل على وجود مخاطر على السلامة، تواصل قطر إجراء تحليل أعمق ولا تُبدي أي بادرة على التراجع.