شروط البرهان للعملية السياسية تطيل أمد الحرب

البرهان فشل في مشروعه السياسي وفشل عسكرياً ويحاول أن يبرر إخفاقه بمهاجمة جميع الأطراف التي لا تسانده أو تتوافق معه.

الخرطوم - قال القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء إنه "لن تكون هناك أي عملية سياسية إلا بعد أن تنتهي الحرب في البلاد"، في تصريح جديد يؤكد أنه يرفض جميع الوساطات والتحركات المتعددة التي تنخرط فيها القوى السياسية الباحثة عن الديمقراطية لإنهاء القتال، مع استجابة قوات الدعم السريع لمبادراتها.

وقال البرهان أمام حشد من جنود الجيش في مدينة مروي، بشمال السودان، "لن يكون هناك سلام في السودان إلا بعد أن تخرج قوات الدعم السريع من المناطق التي احتلتها، والذهاب إلى مناطق تقبلها".

ووجه انتقادات لمن يتهمون المنتسبين إلى المقاومة بإشعال الحرب، قائلا إن "الحرب أشعلها من حمل السلاح وقتل الأبرياء وشرّد المواطنين من منازلهم". وأضاف أن "الجيش سيستمر في القتال ومواصلة الزحف وصولا إلى مدينة الجنينة عاصمه ولاية غرب دارفور".

ويدرك قائد الجيش أن الشروط التي يحاول فرضها لن يتم تحقيقها في ضوء الوقائع على الأرض حيث تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في ظل مؤشرات على هجوم وشيك على المدينة الوحيدة التي ما زالت خارج سيطرتها في الإقليم المضطرب، بينما تنتشر لتغطية وتأمين مناطق غرب دارفور بالكامل.

ولعلّ أبرز ما أزعج البرهان حديثاً الضربات التي تلقتها قواته في أكثر من منطقة، بعدما بدأت قوات التدخل السريع تستخدم الطائرات المسيّرة في استهداف ناجح لمواقع مهمة.

ويؤكد متابعون أنه فشل في مشروعه السياسي وفشل عسكرياً، ويحاول أن يبرر فشله الذي أدى إلى كارثة السودان بمهاجمة جميع الأطراف التي لا تسانده أو تتوافق معه بما فيها دولة الإمارات.

وتجري جهود إقليمية ودولية من أجل استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع في منبر جدة، وتقود السعودية والولايات المتحدة ودول أخرى جهودا لإعادة الجيش وقوات الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات في مدينة جدة، بعد توقف المحادثات لشهور.

وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان رجح قبل فترة إجراء المحادثات خلال أبريل/نيسان لكن ذلك لم يتحقق، وتم مؤخرا تداول أنباء على أنها ستعقد في مايو/حزيران المقبل، وسط شكوك في إمكانية تحقق ذلك، لاسيما على ضوء المواقف المتشددة التي ما فتئت قيادات الجيش تطلقها في الفترة الأخيرة.

وكشفت قيادة الجيش السوداني عن مخططها لما بعد الحرب، وهي إقامة مرحلة تأسيسية تستمر لسنوات ويتولى فيها الجيش إدارة الحكم في البلاد، بدعم ما يسمى “المقاومة الشعبية”، التي تؤكد المصادر أنها تابعة للحركة الاسلامية.

وقال مساعد قائد الجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا، الأحد، إن القوات المسلحة ستتجاوز القوى السياسية خلال مرحلة التأسيس التي تمتد لعدة سنوات.

وأضاف العطا خلال جولة تفقدية على المواقع المتقدمة للعمليات العسكرية بأم درمان، أنه “بعد الانتصار القريب جدا، سنعمل على فترة تأسيسية لعدة سنوات دون أي حاضنة سياسية”.

وتابع “الحاضنة ستكون الشعب السوداني، والمقاومة الشعبية الفتية”. ومضي قائلا في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام المحلية “سنقود تأسيس الدولة على أطر وطنية صحيحة لا للعمالة ولا للارتزاق ولا للعملاء ولا لخونة الأوطان وكل من أخطأ في حق الوطن سيحاسب”.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.

وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، من جراء تداعيات الحرب التي تدور في أنحاء عدة.

وكان أعضاء في مجلس الأمن الدولي طالبوا الجمعة الماضية بضرورة التحرك سريعا لوقف الحرب، وحذروا من أن الوضع في السودان يتجه نحو طريق مسدود وصراع طويل الأمد يؤدي إلى انهيار البلاد وتطال تداعياته المنطقة ككل.

وحملوا قائدي الجيش والدعم السريع مسؤولية التدهور الذي آلت إليه الأوضاع في السودان، مشددين على الضغط على الأطراف المتحاربة لحملها على التفاوض.

وقبل ذلك بيوم أعلن الاتحاد الأفريقي عن إجراء تحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت في الحرب الحالية السودان. ودعا أطراف النزاع للمشاركة الكاملة في عملية السلام الموسعة والأكثر شمولا في جدة، بمشاركة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في أفريقيا “إيغاد” والدول المجاورة.