شنقريحة يزور فرنسا تمهيدا للقاء قمة بين ماكرون وتبون

الزيارة تأتي في خضم جهود فرنسية جزائرية لإعادة الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء على وقع تنامي خطر الجهاديين وفي خضم تصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب.
الزيارة تحمل دلالة رمزية عن حجم التقارب الفرنسي الجزائري فهي غير مسبوقة منذ نحو 17 عامًا
الجزائر تسعى لتعزيز تعاونها مع فرنسا على وقع خلافاتها مع قوى دولية واقليمية
الملف الليبي سيكون حاضرا في اجتماع شنقريحة ببوركار

الجزائر - يستعد رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة لزيارة فرنسا نهاية كانون الثاني/يناير وفق مصدر عسكري حيث يلتقي نظيره تييري بوركار تجهيزا لزيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون المقررة في أيار/مايو المقبل وذلك على وقع تقارب غير مسبوق بين البلدين توجت بعقد العديد من الاتفاقيات خاصة في المجال الاقتصادي والطاقة.
وتأتي الزيارة على وقع عودة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد فترة من التوتر حيث رحّب تبون  مرارا بما وصفها بـ"علاقات الثقة" الجديدة بين فرنسا والجزائر وبـ"صداقته المتبادلة" الشخصية مع الرئيس إيمانويل ماكرون كما تاتي على وقع تصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب.
وتحمل هذه الزيارة دلالة رمزية فهي غير مسبوقة منذ نحو 17 عامًا، إذ تعود آخر زيارة لرئيس أركان جزائري إلى فرنسا للراحل أحمد قايد صالح في أيار/مايو 2006 كما تأتي في خضم جهود فرنسية جزائرية لإعادة الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء على وقع تنامي خطر الجهاديين ونفوذ قوى دولية على غرار روسيا.
والتقى بوركار نظيره الجزائري يومي 25 و26 آب/أغسطس 2022 خلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر. وقد ناقش حينها الجنرالان الوضع الأمني في منطقة الساحل وتعزيز التعاون بين الجيشين الجزائري والفرنسي.
وإضافة إلى الإعداد لزيارة الدولة التي سيجريها الرئيس الجزائري، من المنتظر أن يناقش رئيسا الأركان مرة أخرى الوضع في منطقة الساحل إضافة للمسائل المتعلقة بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب.
وتأتي جهود الجزائر لتعزيز تعاونها مع فرنسا في مختلف المجالات بما فيها المجال العسكري على وقع التوتر والخلافات مع الجارة المغرب فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية حيث عرضت باريس تقريب وجهات النظر بين البلدين.
وكان تبون كشف  لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الشهر الماضي ان قرار قطع العلاقات مع الجارة المغرب كان "بديلاً لنشوب حرب بين الدولتين" فيما يبدو أن خيار الحرب كان مطروحا على الدوائر الرسمية الجزائرية خاصة المؤسسة العسكرية.
ويعتبر النظام الحالي هو واجهة لحكم الجنرالات والجيش الذي يدير البلاد من وراء ستار ويعمل في الغرف المغلقة على دعم البوليساريو وتصعيد موجة العداء ضد المغرب.

وسيكون الملف الليبي حاضرا في الاجتماع المرتقب بين شنقريحة ببوركار حيث يتخوف البلدان من نفوذ قوى دولية واقليمية في ظل تعزيز جهود التسوية السياسية والتقدم الحاصل للخروج من حالة الجمود السياسي برعاية اممية.
وبالتوازي مع الاجتماع تزور الأمينة العامة لوزارة الخارجية آن ماري ديسكوت الجزائر في 25 كانون الثاني/يناير "بدعوة من نظيرها الجزائري عمار بلاني"، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية الفرنسية.
وكان الرئيس الجزائري ونظيره الفرنسي حددا في اتصال هاتفي الأحد موعد زيارة الدولة في أيار/مايو. حيث يأمل ماكرون في مواصلة العمل على الذاكرة والمصالحة بين البلدين.
وأعادت زيارة إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في آب/أغسطس العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي، بعد أزمة مرتبطة بتعليقات أدلى بها في تشرين الأول/أكتوبر 2021.
وأشاد الرئيس الجزائري في نهاية كانون الأول/ديسمبر بـ"علاقة الثقة" الجديدة بين البلدين، بعد أربعة أشهر من زيارة ماكرون للجزائر، وأعلن عزمه على القيام بزيارة دولة لفرنسا عام 2023 في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو".
وكان الرئيسان قد أعادا إطلاق التعاون الثنائي في إعلان مشترك صدر في نهاية آب/أغسطس يمهد خصوصا لتخفيف نظام التأشيرات للجزائريين، مقابل زيادة التعاون من الجزائر في مكافحة الهجرة غير القانونية.
وقد سممت مسألة التأشيرة العلاقات بين الدولتين بعدما قرّرت باريس في سبتمبر/أيلول 2021، تقليص عدد تأشيرات الدخول التي تمنحها لرعايا ثلاث من دول المغرب العربي هي تونس والجزائر والمغرب. وهدفت من وراء هذا الإجراء إلى الضغط على حكومات هذه الدول للتعاون معها في مكافحة الهجرة غير الشرعية وتسهيل استعادة مواطنيها الذين يُطردون من فرنسا.
و تمّت تسوية الملف قبل حوالي أسبوعين عندما أعلنت فرنسا عبر وزير داخليتها جيرالد دارمانان، العودة إلى الوضع الطبيعي في إطار منح التأشيرات للمواطنين الجزائريين وذلك بعد المواطنين التونسيين في نهاية أغسطس/اب والمغربيين.