'صمت' البسام يقتنص للكويت حصة الأسد في قرطاج

العرض المسرحي يفوز بالجائزة الكبرى لأفضل عمل متكامل وأفضل نص وأحسن ممثلة.
- سليمان البسام: شرف كبير لي أن أمثل حركة المسرح الكويتي الذي لطالما كان رائدا عربيا
- 'صمت' في بغداد خلال يناير وفي الكويت خلال فبراير ومن الممكن أن يقدم في بيروت والقاهرة

الكويت - اقتنص الفنان الكويتي سليمان البسام بعمله "صمت" (MUTE) حصة الأسد من جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية بدورتها الرابعة والعشرين التي أسدل الستار عن فعالياتها مساء الأحد، حيث فاز البسام بجائزة أفضل نص عن عمله "صمت"، كما فازت الفنانة حلا عمران بجائزة أفضل ممثلة عن ذات العمل الذي توِّج بجائزة التانيت الذهبي "الجائزة الكبرى لأفضل عمل متكامل" بواقع ثلاث من الجوائز الرئيسية الخمس للمهرجان.

وأعاد البسام إلى الأذهان إنجازه السابق حين اكتسحت مسرحية "آي ميديا" جوائز الدورة الثانية والعشرين قبل عامين، وفازت بثلاث من الجوائز الرئيسية الخمس للمهرجان، وهي جائزة أفضل نص للبسام وأفضل سينوغرافيا لإيريك سواييه وجائزة أفضل ممثلة للفنانة حلا عمران.

يذكر أن فرقة سبب قدمت "صمت" في عرضين على خشبة مسرح الفن الرابع بالعاصمة التونسية الإثنين الماضي، وهو عمل من تأليف وإخراج البسام، وأداء الفنانة السورية الفرنسية حلا عمران، بمرافقة موسيقية حية للثنائي التنّين (Two or The Dragon) علي حوت وعبد قبيسي.

وكانت وجهت إليها الدعوة كممثل لدولة الكويت ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية بدورته الرابعة والعشرين الممتدة من 2 إلى 10 ديسمبر/كانون الأول الحالي.

وفي تصريح خاص شدد البسام أن "أيام قرطاج المسرحية هو أهم مهرجان وموعد مسرحي في المنطقة على الإطلاق".

وعن علاقته بالمهرجان التي تمتد لأكثر من عقدين قال البسام "مشاركتي هذه هي السادسة في المهرجان الذي شاركت به لأول مرة بعمل 'مؤتمر هاملت' خلال الدورة العاشرة عام 2001، ثم غبت عنه عقدا من الزمان لأعود عام 2011 بـ'ودار الفلك' في الدورة الخامسة عشرة، ثم بـ'أور' في الدورة الثامنة عشرة عام 2016، ثم في الدورة الثانية والعشرين عام 2021 عبر 'آي ميديا' التي كللها المهرجان بالجوائز وأُعيد تقديمها كضيف شرف على هامش الدورة الثالثة والعشرين للمهرجان العام الماضي".

وعن فوز عمله "صمت" بالجائزة الكبرى كأفضل عمل متكامل "التانيت الذهبي" قال البسام "صِمْتْ كان له الشرف أن يرى النور ويولد خلال هذه الدورة التاريخية" التي تمثل الذكرى الأربعين لتأسيس أيام قرطاج المسرحية، مضيفا أن أحد مراحل تكوين العمل تم في تونس بالتعاون مع المسرح الوطني التونسي.

وبسؤاله عن تمثيل عمله لدولة الكويت في الوقت الذي تضم فرقته فنانين من دول عديدة أجاب البسام "شرف كبير لي أن أمثل حركة المسرح الكويتي الذي لطالما كان رائدا عربيا، وفي هذا السياق لا يفوتني أيضا التوجه بالتهاني للزميل الفنان داوود حسين الذي تم تكريمه الليلة من قبل المهرجان".

وأضاف أن "المهرجانات العربية تصنف الأعمال كممثلة للدول وتوجه الدعوات لها على هذا الأساس بحسب جنسية مخرج العمل أو الفرقة المسرحية التي تقدمه، وفرقة سبب فرقة كويتية دولية، مقرها في الكويت وتضم عناصر من الكويت ولبنان ومصر وتونس والأردن وسوريا والعراق وسريلانكا وفرنسا ودول أوروبية أخرى عديدة، ومسرح سبب مسرح كويتي منفتح على العالم يعمل بطواقم كويتية وعربية ودولية ويقدم أعماله كويتيا وخليجيا وعربيا ودوليا".

وعن فوزه بجائزة أفضل نص وهو المؤلف والمخرج أجاب البسام "علاقتي بالكتابة هي علاقة ولادة الرغبة في العمل المسرحي، وأرى أن المحرك الأساسي في العمل المسرحي هو الكتابة"، مشددا على أن "هذا النص ولد كتساؤلات موجهة للذات حول ماهية وجدوى مشروع المسرح السياسي الملتزم بمواجهة كل هذا التدمير المدروس للأدوات والتفكيك الممنهج للمعاني والهجوم على اللغة كأداة لوصف الواقع الذي نعيش".

وتابع "مهمتي كمسرحي ملتزم أن أحاول أن أجد صيغة لتناول حدث كانفجار مرفأ بيروت أو مذبحة غزة، والسؤال كيف يمكن أن تستجيب أو تضع صيغة للتفكير دون أن تقلل من الحدث أو تستخف بالجمهور وعقله وأن تفتح له فضاء بإمكانه أن يتغذى منه".

وعن "صمت" يقول البسام إنه "حلقة في مشروع بحثي يتناول التوليفات العربية العربية لبناء لغة مسرحية معاصرة متجددة، كما يمثل استعارة لشخصية المفكر والفنان والإنسان الذي يختار الصمت المطلق كشكل مطلق للتعبير".

وعن اختياره انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب 2020 كخلفية للعمل يرى البسام "العمل يتناول التداعيات الكارثية لأضخم انفجار غير نووي في التاريخ وكل نواتج تهميش الإنسان والمجتمع والبيئة".

واعتبر في كلمة المخرج الموزعة على الجمهور أن العمل "يمثل مرحلة جديدة لمشروع بحثي في التكثيف على صعيد اللغة والاقتصاد بالأدوات المسرحية التي تؤدي إلى تركيز البعد الشعري في مكونات العرض المسرحي"، مضيفا أنه "بمواجهة العنف المتصاعد والتضليل الإعلامي غير المسبوق، نسأل أنفسنا عن الأشكال المحتملة للمقاومة الفنية، وما هو تعريف فعل المقاومة الفنية اليوم؟ وإن تخلينا عن أدواتنا التقليدية المعهودة (الحدث، السرد، الشخصيات) وتخيلنا –تحديدا- الفعل المبني على الصمت المطلق كأداة للمقاومة - ماذا سنكتشف؟".

وعن فوز الفنانة السورية - الفرنسية حلا عمران بجائزة أفضل ممثلة عن مسرحيته "صَـمْـتْ" قال البسام "الزميلة حلا عمران فنانة قديرة ومتمكنة وقد تعاوننا معا على مشاريع عديدة منذ أكثر من عشر سنوات، وتتويجها كأفضل ممثلة متوقع ومُستحق فقد سبق وتم تتويجها كأفضل ممثلة عن دورها في مسرحية 'آي ميديا' في الدورة الثانية والعشرين لأيام قرطاج المسرحية عام 2020 وفي الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة عام 2021".

وعن علاقته بالمسرح التونسي خاصة وأنه أصبح لديه جمهور مُعتبر في تونس قال البسام إن "التعاون مع المسرح الوطني التونسي تعاون عزيز علي ومثمر وجميل وأتمنى أن ينمو، بدأ منذ بضعة سنوات بلقائي بصديقي وأستاذي الفاضل الجعايبي واستمر مؤخرا مع استلام الأستاذ الدكتور معز مرابط لمهامه كمدير للمسرح الوطني ومديرا لمهرجان أيام قرطاج المسرحية"، مضيفا أن "هذه علاقات جميلة جدا ورائعة ويمكن أن تفتح آفاق جديدة لمؤسساتنا المختلفة وربما في مرحلة أخرى على صعيد التعاون الدولي".

وعن العروض القادمة لـ"صمت" قال البسام إنه "سيقدم في الدورة المقبلة لمهرجان المسرح العربي الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح في بغداد خلال يناير/كانون الثاني القادم، كما أن هناك مقترحا لتقديم العمل إلى جانب 'آي ميديا' في الكويت خلال شهر فبراير/شباط القادم، وكذلك في بيروت، وربما في القاهرة".

يذكر أن البسام أقام البروفات التأسيسية للعمل في الكويت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقدم في ختامها عرض خاص الخميس الماضي في مركز اليرموك الثقافي بدار الآثار الإسلامية، قبل أن يلتحق وفريقه بتونس لتقديم العمل ضمن فعاليات المسابقة الرسمية لمهرجان قرطاج المسرحية.

وكانت مراحل تقديم العمل مختلفة، فقد أقيمت الورشة الأولى للعمل في سويسرا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، تبعها ورشة نص في تونس العاصمة بالتعاون مع المسرح الوطني التونسي خلال شهر مارس/آذار 2023 على هامش مهرجان "تونس مسارح العالم"، ثم تم تقديم بروفة مفتوحة Work on Progress للعمل يوم 22 يوليو/تموز 2023 على خشبة مسرح فيلترينيليFondazione Giangiacomo Feltrinelli بمدينة ميلانو الإيطالية، وذلك ضمن مهرجان الصيف للمسرح والرقص "مرحبا بكم في سقطرى" بنسخته الرابعة، والذي تنظمه مؤسسة فيلترينيللي Feltrinelli سنويا.

يتم تقديم "صمت" باللغة العربية مع ترجمة فورية للإنجليزية أو الفرنسية، ومدة العرض ساعة واحدة، وهو من إنتاج فرقة مسرح سببSABAB Theatre ، والعمل من تأليف وإخراج سليمان البسام، وأداء حلا عمران، والموسيقى الحية للثنائي التنّين (Two or The Dragon)علي حوت وعبد قبيسي، ويضم فريق العمل أيضا السينوغراف الفرنسي ذائع الصيت إيريك سواييه، ومهندسة الصوت الفرنسية ماتيلدداهوسي، ومدير الإضاءة سعد سمير، ووفاء الفراحين في الترجمة الفورية وإدارة الفرقة، واستشارة الأزياء: نسج؛ أميرة بهبهاني، وتنسيق الإنتاج محمد جواد، ومدير الإنتاج أسامة الجامعي، وتقني الإضاءة والخشبة شامينداكيرالجي والمدير الإداري سيف العريف.

جديرٌ بالذكر أن مهرجان أيام قرطاج المسرحية تأسس عام 1983، وكان ينظم كل سنتين بالتناوب مع أيام قرطاج السينمائية قبل أن يصبح موعدا مسرحيا سنويا ثابتا على روزنامة المهرجانات العربية والدولية.