'طيور الإنباشي' تقدم قراءة للواقع السوري

الكاتب السوري نبيل توفيق حاتم يرصد في روايته مراحل مهمة من تاريخ بلاده.

دمشق - توثق رواية "طيور الإنباشي" للكاتب نبيل توفيق حاتم والصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون مرحلة تاريخية شهدها المجتمع السوري للفترة ما بين (1982 – 2011) وتمتد بروائيتها إلى زمن حاضر لا تزال فيه سورية تقف على مفترق طرق، في ظل تحوّلات إقليمية ودولية يكابد خلالها شعبها في استبعاد الموت، والتوق إلى حرية أكبر.

في حقبة الثمانينيات من القرن العشرين تتعرض عائلة سورية من الطائفة الدرزية اتخذت من السلّمية موطنا لها لهجوم مسلّح، ينجم عنه قتل الأب والأم واغتصاب الابنة، في مشهدٍ تجلّت فيه القسوة البشرية إلى أقصى مدى، وانعدمت فيه الآدمية بشكل رهيب، الشاهد الوحيد على المجزرة هو "سلمان" طفل بعمر الخامسة، لم يستطع عقله البريء استيعاب ما حدث لعائلته، ولسان حاله يسأل: لماذا قُتل والداه، ولماذا انتهك الرجال الثلاثة جسد أخته؟ عند هذا المنعطف تبدأ حياة كل من الأخوين الناجيين تسير في اتجاه مختلف، افترقا كلٌّ في طريق، ولدى عائلة، وفي بلد، كبرا ولكن هاجس الانتقام واللقاء بعد الفراق ظلّا الهدف الأهم لكليهما مهما طال الزمن أو قصر.

تقدّم رواية "طيور الإنباشي" في 215 صفحة قراءة ذات خصوصية للواقع السوري بمختلف توجهاته وأطره الفكرية، ورؤيته – وبعيدا عن الاتفاق أو الاختلاف معها – تحمل الرواية أبعادا أيديولوجية، ووعيا للحظة تاريخية في إطار اجتماعي خاص، يلامس القيم العائلية والأخلاقية، وقد استطاع الروائي نبيل توفيق حاتم تشكيلها وفق نسق بنائي خاص رصد خلاله فترة زمنية مهمة من تاريخ بلاده، كانت مملوءة بالتوجهات السياسية، مثل القومية والبعث والإخوان وغيرها من تيارات لا يزال أثرها موجودا في حياة الناس العاديين حتى عصرنا الحاضر.

من أجواء الرواية نقرأ:

"قلت لك إني حمامة ممنوعة من الطيران. لكن لا بأس أن تعرف من أنا فيما بعد، فأنا أتوق إلى أن أفعل شيئا مهما ومختلفا لم أفعله حتى الآن، وما رغبتي في التعرّف إليك إلا كي أكتب شيئا مهما على صفحتي الخاصة، الخاصة جدّا بي.. حياتي أنا على الرغم من كل ما يحيط بي من جاهٍ وقوة، أجدها فارغة، سطحية لا تنتمي لطموحي الكبير في الحياة، إذ إني ما زلت أحسُّ أني مهما فعلت لن أصل إلى غايتي الكبرى. مجرّد فقاعات ملوّنة ومزخرفة، لكنها تتناثر بسرعة. أزيدك أيضا أني ألجأ دائما إلى القراءة، وإلى الكتب، وإلى نافذة الكمبيوتر على العالم عندما تلحُّ عليَّ حالة الوحدة. وللأسف، أجد في ذلك أيضا غرقا في عالم غير حقيقي، خيالي ولا يلبّي رغبتي في أن أكون أكثر حقيقية، وأكثر حساسيّة، وربما ثائرة ومتمردة على حياتي التي وجدت أنها تدور في زنزانة كبيرة ربما تكون باتساع العالم، لكني أراها زنزانة صغيرة تراقبها أعين المقرّبين مني، وربما تتنصّت على أنفاسها عشرات الآذان..؟".