عائلة معارض إيراني تكابد لانقاذه من الاعدام

ابنة المعارض الإيراني الذي يحمل الجنسية الالمانية تعتبر أن ما تقوم به برلين غير كاف للإفراج عن والدها.

برلين - تعيش عائلة المعارض الإيراني جمشيد شارمهد الذي يحمل الجنسية الألمانية منذ ثلاثة أعوام على وقع احتجازه في الجمهورية الإسلامية، فيما تسيطر عليها حالة من الإحباط لعدم إدراج اسمه في أي من صفقات إفراج عن أجانب تمّت مؤخرا وتتخوف من أن يتمّ في أي لحظة تنفيذ حكم إعدام صادر في حقه.

وتجمع اليوم الاثنين نحو عشرين شخصا أمام وزارة الخارجية في برلين في الذكرى الثالثة لإعلان إيران اعتقال شارمهد، وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "أفرجوا عن جمشيد" و"أوقفوا الإعدامات".

وترى ابنته غزاله المقيمة في الولايات المتحدة أن ما تقوم به ألمانيا غير كافٍ، قائلة "لا يوجد أي ضغط غربي على إيران، تعرّض مواطن ألماني للخطف ولم يحصل شيء". وتضيف "هي لعبة. هم يضغطون وأنت تضغط. الضغط من قبلهم هو شنق والدي".

وتنتظر العائلة أن تُفتَح كوّة أمل بشأن المعارض البالغ 68 عاما، تتيح عتق رقبته من حبل المشنقة بعد إصدار القضاء الإيراني حكما بإعدامه في فبراير/شباط 2023 ثبّتته المحكمة العليا في طهران في أبريل/نيسان.

ووقع شارمهد في قبضة أجهزة الأمن الإيرانية أواخر يوليو/تموز 2020 في عمليّة لم تكشف طهران تفاصيلها، مكتفية بالقول إنها كانت "معقّدة".

وأُدين بتهمة الضلوع في هجوم على مسجد في شيراز في جنوب إيران أودى بحياة 14 شخصًا في نيسان/أبريل 2008.

ويعتبر ناشطون حقوقيون ومعارضون أن الرجل بيدق على رقعة الشطرنج المنبسطة بين إيران والدول الكبرى، حاله كحال غيره من الأجانب الذين أوقفتهم الجمهورية الإسلامية لانتزاع تنازلات أو تأمين الإفراج عن مواطنيها الموقوفين في الخارج.

وتقول عائلة شارمهد إن الأخير، وهو مطوّر لأنظمة المعلوماتية هاجر إلى ألمانيا في الثمانينات قبل الانتقال للإقامة في الولايات المتحدة، تعرّض للخطف على أيدي أجهزة الأمن الإيرانية أثناء عبوره الإمارات ونُقل برّا عبر الحدود الى سلطنة عمان ومنها الى إيران.

وفي حين تغيب الرواية الرسمية الإيرانية، قالت منظمة العفو الدولية إن شارمهد تعرّض لـ"إخفاء قسري" تلته "محاكمة غير عادلة" وتعذيب.

وتجهل العائلة في أي سجن يقبع شارمه، وتحضّ ألمانيا والحكومات الغربية على اتخاذ خطوات أقوى لضمان الإفراج عنه وتؤكد برلين بذل جهود لإنقاذه.

وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية "نواصل الدفع بشكل مكثّف لصالح جمشيد شارمهد وضد تنفيذ عقوبة الإعدام".

وتابع "هدفنا هو الحيلولة دون الإعدام. نحن نلجأ إلى كل القنوات لتحقيق ذلك"، مشيرا إلى أن عائلته "تختبر أمورا لا يمكن تخيّلها أو تحمّلها. نحن على تواصل دائم معهم منذ البداية ونواصل القيام بكل ما في وسعنا لضمان ألا تذهب الأمور نحو الحد الأقصى".

"هي لعبة، هم يضغطون وأنت تضغط والضغط من قبلهم هو شنق والدي".

وسمحت السلطات الإيرانية لشارمهد في يوليو/تموز الحالي بإجراء اتصال هاتفي مع زوجته المقيمة في الولايات المتحدة، كان الأول منذ خمسة أشهر. كذلك، تواصل مع ابنته للمرة الأولى منذ عامين.

إلا أن غزاله تؤكد أن والدها بدا "متعبا" وكان يتحدّث بصوت "محطّم"، فزاد الاتصال قلقها أكثر مما وفّر لها راحة، على رغم أنه امتد ساعة كاملة، موضحة أن "الاتصالات الهاتفية عظيمة لكنها أيضا مصدر قلق"، معتبرة أنها "دائما ما تخفي خلفها غرضا ما".

وتتابع "هل كان ذلك الاتصال لإسكاتنا قبل أن يقوموا بإعدامه؟ هل كان وداعا؟ حاولت ألا أكون عاطفية خلاله".

وأعلن القضاء في فبراير/شباط الماضي أن شارمهد "زعيم مجموعة تندر (مجلس المملكة) الإرهابية قد حُكم عليه بالإعدام بتهمة الإفساد في الأرض من خلال التخطيط لأعمال إرهابية وقيادتها"، منها اعتداء على حسينية في شيراز أسفر عن مقتل 14 شخصًا في أبريل/نيسان 2008. وتنفي عائلته كل التهم الموجّهة إليه.

وتشير غزاله إلى أن شارمهد أوضح خلال الاتصال أنه غير مخوّل له الكشف عن مكان توقيفه. وفي حين أن غالبية الموقوفين الأجانب يقبعون في سجن إوين في شمال طهران، لم ترد تقارير من سجناء آخرين أو منظمات حقوقية عن رصد وجوده هناك.

وزادت المخاوف من تنفيذ حكم الإعدام في حق شارمهد مذ أعدمت طهران في مايو/أيار الإيراني السويدي حبيب شعب الذي كان مدانا بتهمة "الإفساد في الأرض وتشكيل جماعة متمردة والتخطيط للعديد من العمليات الإرهابية وتنفيذها".

ووفق منظمة العفو الدولية، أوقفت أجهزة الأمن الإيرانية شعب في تركيا في أكتوبر/تشرين 2020 ونقلته الى الجمهورية الإسلامية.

كما أصدر القضاء في الجمهورية الإسلامية في 2017 حكما بإعدام الإيراني السويدي أحمد رضا جلالي الذي أوقف في العام السابق، لإدانته بتهمة "الإفساد في الأرض" والتعامل مع الاستخبارات الاسرائيلية وتزويدها معلومات عن علماء في البرنامج النووي الإيراني.

وأفرجت إيران في الأسابيع الماضية عن أربعة مواطنين أجانب كانوا موقوفين لديها، أبرزهم عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فاندكاستيل، مقابل إفراج بروكسل عن الدبلوماسي الإيراني أسدالله أسدي الذي كان مدانا بتهم "الإرهاب"، ضمن صفقة تبادل توسطت فيها عُمان.

وأعربت غزاله عن سرورها لعائلة فاندكاستيل، على رغم أن إطلاقه ترك مرارة لدى عائلتها، مضيفة أن "الإفراج عن بعض الرهائن لكن ليس جميعهم هو تجارة رابحة لإيران".

وشددت على أنه كان يجب الإفراج عن الجميع، منتقدة غياب التنسيق بين الدول الأوروبية في هذا المجال، متسائلة "كم هو غير إنساني أن يتم التخلي عن أشخاص محكومين بالإعدام؟".