عشائر درعا والسويداء تشكل مجلسا موحدا لمواجهة التحديات الأمنية

المجتمعات الأهلية تبحث عن تشكيل كيانات مدنية وسياسية توحد جهودها لاستقرار المنطقة مع تراجع دور القضاء المختص، وتخلّي الجهات المختصة بتطبيق القانون عن مسؤولياتها وسيادة شريعة الغاب.

درعا (سوريا) - أعلنت عشائر في محافظتي درعا والسويداء عن تشكيل مجلس موحد، يهدف إلى "توحيد جهود أبناء العشائر في المحافظتين، لضمان تحقيق أمنهم واستقرارهم" وذلك بعد المضايقات والاعتداءات التي تعرضوا لها من مختلف الجهات  

وتبحث المجتمعات الأهلية في جنوب سوريا عن تشكيل كيانات مدنية وسياسية توحد جهودها في ظل الأوضاع الراهنة، مع التحديّات الكبيرة التي تواجه أبناء العشائر في الجنوب وانتشار تجارة المخدرات وتهريبها إلى الأردن وتحميلهم مسؤوليتها.

ويتعرض أبناء العشائر من سكان بلدات اللجاة في محافظتي درعا والسويداء إلى العديد من المضايقات على إثر الاتهامات التي طاولت العشائر بالاتّجار بالمخدرات وتهريبها للأردن، في أعقاب مقتل شخص يدعى مرعي الرمثان بغارة جوية أردنية على منزله قبل فترة.

كما تصاعدت النزاعات العشائرية ذات الدوافع الثأرية بشكل ملفت خلال السنوات الماضية في جنوب سوريا، مع تراجع دور القضاء المختص، وتخلّي الجهات المختصة بتطبيق القانون عن مسؤولياتها. لتسود ملامح شريعة الغاب في المنطقة.

وذكرت مصادر عشائرية، أن الاجتماع عُقد في منزل الشيخ طلال أبو سليمان في قرية حامر وسط منطقة اللجاة في ريف درعا، وحضره سبعون شخصاً ووجيهاً يمثّلون غالبية عشائر البدو في الجنوب السوري.

وشارك وجهاء وممثلون عن عشائر الشنابلة والجوابرة والحسن والعمور وغيرها من العشائر التي تتحدر من محافظة السويداء، إضافة إلى طيف واسع من عشائر درعا واللجاة.

واتفق المجتمعون على تشكيل مجلس موحد يضم عشرة ممثلين ومتحدثين باسمه، سيتم انتخابهم من السبعين شخص والهدف المعلن للمجلس توحيد الجهود بين أبناء العشائر في المحافظتين، وتعزيز التواصل بينهم وحل النزاعات. ويعتبر هذا المجلس هو الوحيد المعتمد في محافظتي درعا والسويداء، وفق ما أكدت المصادر.

ونقلت المصادر عن الشيخ طلال أبو سليمان قوله إن المجلس يهدف إلى “تحقيق الوحدة بين أبناء البدو في درعا والسويداء، وتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظتين”. وأضافت أن المجلس “لا يتبنى أي عمل من الخارجين عن العرف العشائري والاجتماعي والمعمول به حسب العادات والتقاليد مما يخالف الشرع والقانون”.

وفي الأسابيع الماضية، حدثت عمليات دهم واعتقالات عشوائية، استهدفت تجمعات سكنية للعشائر القاطنين في المنطقة الممتدة بين محافظتي درعا والسويداء، بحجة “ملاحقة المطلوبين”. ومعظم هؤلاء العشائر تم تهجيرهم من بيوتهم ومناطقهم خلال السنوات الماضية.

وعلى إثرها عقدت العشائر اجتماعا لتوحيد كلمتهم والبحث عن حلول "تكبح التعديات العشوائية والانتقامية ضدهم في ظل وجود سياسة ممنهجة، من الواضح أنها تسعى لتعليق كل المشاكل الأمنية على أبناء العشائر لوحدهم في الجنوب السوري"، بحسب ما ذكر المصدر.

وركّزت اجتماعات العشائر على ضرورة وجود مفوضين لنقل صوت ومطالبهم، للجهات المعنية ولباقي شرائح المجتمع الأهلي مع عدم قبولهم بسياسة التعميم على أي تجمع سكاني لأبناء العشائر، من أي جهة، سواء كانت أمنية أو فيلق أو ميليشات تعمل باسم الدولة.

وعانى أبناء عشائر البدو أزمات النزوح منذ بداية الحرب السورية وهدمت منازلهم في العديد من الأماكن والبلدات، خاصة في مناطق اللجاة المركز الأكبر لتواجدهم على مسافة 50 كم بين محافظتي درعا والسويداء، واستقر العديد منهم بعد النزوح في المناطق الوعرة بين بلدات "داما والمسيكة وجدل وصور وعاسم والمجيدل" التي سيطر عليها حزب الله اللبناني والفصائل الرديفة له، مما اضطر العديد منهم للتعامل مع الحزب كقوّة مسيطرة في المنطقة حفاظا على حياتهم، وعلى إثر ذلك باتت تنُسب إليهم اتهامات بتجارة المخدرات والسلاح والمشاركة بأعمال الخطف.

وفي عام 2018، اجتاحت قوات الجيش السوري بمساعدة الطيران الروسي مناطق العشائر في ريفي درعا والسويداء، وهدمت عددا من قراها، وفي 2022، احتجزت عصابة تابعة للأمن العسكري التابع للحكومة، 20 مواطنا معظمهم من أبناء عشائر البدو في بلدة عتيل شمال السويداء، ما أدى إلى نشوب صدامات استمرت لأيام بين عشائر البدو والمكون الآخر "الدرزي" في المحافظة، أسفرت عن مقتل عدد من المواطنين من الجهتين، قبل أن يتدخل الوجهاء ورجال الدين لحل المشكلة وإطلاق سراح المحتجزين من الطرفين في غياب أي دور للجهات الأمنية.

ويقول متابعون للقضية أن اجتماع العشائر وقراراتها شكلت خطوة إيجابية في طريق حل المشاكل العالقة وتخفيف حدة التوتر، في ظل خطر استهدافها من قبل الجهات الرسمية وجرها إلى موقع الاتهام بعد الغارة الجوية على منزل تاجر المخدرات الرمثان.