فرنسا تسعى لتجاوز الخلافات مع الجزائر ودعم التهدئة مع المغرب

وزيرة الخارجية الفرنسية تدافع عن سياسة بلادها في دول المغرب العربي رغم بعض الانتقادات وذلك حفاظا على مصالح باريس الحيوية.
باريس تؤكد وجود سوء فهم مع الجزائر
وزيرة خارجية فرنسا تنفي تقارير اعلامية عن توتر في العلاقات مع الرباط

باريس - سعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الثلاثاء خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية للدفاع عن سياسة بلادها مع دول المغرب العربي خاصة فيما يتعلق بالجزائر والمغرب وسط انتقادات من قبل قوى معارضة بشان وجود بعض التوتر او سوء للفهم من قبل هذه الدول تجاه السياسات الفرنسية.

وياتي موقف كولونا كترجمة لمواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي اعلن الشهر الماضي  أنه سيواصل "المضي قدما" لتعزيز علاقة فرنسا بكل من الجزائر والمغرب، بعيدا عما وصفه بـ"الجدل" الراهن.
وردّاً على الانتقادات التي وجّهها العديد من النواب خاصة فيما يتعلق بالخلافات الأخيرة مع الجزائر، قالت كولونا "بمعزل عن الحالات التي قد تكون حالات سوء فهم من جانبكم للعلاقة مع الجزائر، يتعيّن علينا جميعاً أن نعمل، كلّ من موقعه، من أجل أن تكون هذه العلاقة، وهي علاقة طويلة الأمد، مفيدة للجانبين" الفرنسي والجزائري.
واستدعت الجزائر مؤخّراً سفيرها في فرنسا احتجاجاً على ما اعتبرتها "عملية إجلاء سرّية" تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين بعدما تمكّنت الناشطة الفرنسية-الجزائرية أميرة بوراوي من العودة إلى فرنسا من تونس التي كانت تعتزم ترحيلها إلى الجزائر.
وشدّدت باريس على رغبتها في تعميق علاقاتها مع الجزائر رغم التوتر الأخير وذلك للعديد من الأسباب أهمها حاجة الفرنسيين لبدائل عن الغاز الروسي بعد قطعه اثر الحرب الروسية في اوكرانيا.
وخلال الجلسة سأل العديد من النواب وزيرة الخارجية الفرنسية عن معلومات نشرتها مؤخّراً "جون أفريك" نقلاً عن مصدر رسمي في الحكومة المغربية، لم تسمّه المجلّة، قال فيها إنّ "العلاقات ليست ودّية ولا جيّدة، لا بين الحكومتين ولا بين القصر الملكي والإليزيه".
وردّت كولونا بالقول إنّ هذا التصريح مصدره مجهول ما يشير الى ان الحكومة الفرنسية تسعى وراء تطوير العلاقات مع الرباط رغم محاولات بعض اللوبيات تعكير صفو هذه العلاقة باثارة بعض المعطيات المغلوطة.
وأضافت "إذا قرأنا تصريحات لا تروق لنا في الصحافة، فهي من مصادر مجهولة وبالتالي لا تستدعي تعليقاً محدّداً".
كما شدّدت وزيرة الخارجية على التزامها "ممارسة التهدئة" بدليل أنها سافرت بنفسها إلى المغرب في كانون الأول/ديسمبر في زيارة أتاحت استئناف "علاقات قنصلية طبيعية".

علاقات عادت لمربع التوتر بعد اشهر من زيارة ماكرون للجزائر
علاقات عادت لمربع التوتر بعد اشهر من زيارة ماكرون للجزائر

وفي زيارتها تلك أعلنت كولونا انتهاء العمل بقيود التأشيرات التي فرضتها فرنسا وأضرّت بالعلاقات بينها وبين المغرب.وسرعان ما اتّخذت باريس قراراً مماثلاً بالنسبة للجزائر.
وأضافت "آمل أن أستمرّ من جهتي في ممارسة نفس التهدئة".
ولم تأت الوزيرة على ذكر زيارة كان مقرّراً أن يقوم بها ماكرون إلى المغرب في الربع الأول من هذا العام والتي، على ما يبدو، لم تعد قائمة.

آمل أن أستمرّ من جهتي في ممارسة نفس التهدئة

لكنّ كولونا أعادت التذكير بالمحادثات التي أجرتها في كانون الأول/ديسمبر الماضي في الرباط، والتي عبّرت خلالها الحكومتان الفرنسية والمغربية عن رغبتهما في إعادة بناء علاقتهما في العمق وبحثتا يومها زيارة ماكرون المحتملة لكن تظل المواقف الفرنسية في دعم توجهات داخل البرلمان الاوروبي لادانة الرباط بشان ملفات حقوقية مزعومة.

وفي توصية جرى إقرارها بغالبية كبيرة نهاية يناير/كانون الثاني ويعتقد أن فرنسا تقف وراءها، انتقد البرلمان الأوروبي في سلسلة افتراءات ومغالطات، السلطات المغربية وزعم "عدم احترامها لحرية التعبير وحرية الإعلام". وطالب بوضع حد لما وصفها بـ"المضايقة التي يتعرض لها الصحافيون".

وكان المغرب قد رد على تلك الافتراءات خاصة أن معظمها يعتبر تدخلا في شؤون سيادية ومنها ما يتعلق بأحكام قضائية وهو ما يعتبر مساسا وتدخلا في القضاء المغربي واستقلاليته.

ورأت بعض الأصوات في المغرب أن فرنسا تقف وراء توصية البرلمان الأوروبي فيما كانت العلاقات متوترة أصلا بين باريس والرباط خصوصا في ما يتعلق بوضع الصحراء المغربية وكذلك شعور الفرنسيين بتراجع مكانتهم من خلال بروز شراكة مغربية أميركية واسعة وأكثر موثوقية إلى جانب تنامي دور المملكة في افريقيا بينما يتراجع الدور الفرنسي.

وكان ملف "الصحراء المغربية " كذلك وراء البرود في العلاقات بين البلدين حيث ابدت الحكومة المغربية انزعاجها من استقبال البرلمان الفرنسي لوفد من جبهة البوليساريو الانفصالية قبل أشهر.
وتسعى الدبلوماسية المغربية لإقناع عدد من دول الاتحاد الأوروبي بتبني مشروع الحكم الذاتي للصحراء ونجحت في ذلك مع عدد من الدول الأوروبية الفاعلة مثل اسبانيا وألمانيا والنمسا.

ويسعى ماكرون كذلك لاستعادة نفوذ بلاده في افريقيا في مواجهة تصاعد النفوذين الروسي والصيني من خلال جولة شملت عددا من الدول الافريقية.