'قبلة المرأة العنكبوت' تجمع الثوري والمثلي

رواية مانويل بوتج تدور تطور علاقة كل من 'مولينا' مصمم النوافذ مثلي الجنس و'فالنتين' الثوري الشيوعي في سجن في بوينس آيرس، من خلال بنية سرد غير معتادة ومزيج من تقنيات الكتابة.

"قبلة المرأة العنكبوت" رواية غير عادية، يستخدم الروائي مانويل بوتج فيها بنية سرد غير معتادة ومزيجًا من تقنيات الكتابة، لا يوجد صوت سردي تقليدي؛ فقط الحوار وتقارير السجن وتيار الوعي لرواية القصة. ونجد أن غالبية الرواية مكتوبة بالحوار، وذلك دون أي إشارة إلى من يتحدث، باستثناء شرطة (-) لإظهار تغيير المتحدث، حيث يتكشف أننا أمام حبكة رئيسية والعديد من الحبكات الفرعية وخمس قصص إضافية تشكل الرواية.

تدور أحداث الرواية التي ترجمها عبدالسلام باشا وصدرت عن دار صفصافة في العام 1975، حيث يتشارك كل من "مولينا" و"فالنتين" زنزانة سجن في بوينس آيرس. "فالنتين" ثوري شيوعي، وهو سجين سياسي ينتمي إلى مجموعة ثورية تحاول الإطاحة بالحكومة، بينما "مولينا" يعمل كمصمم نوافذ، مثلي الجنس، في السجن بتهمة "إفساد قاصر".هو شخص مفعم بالحيوية واجتماعي، على عكس فالنتين، المعتقل الأكثر تحفظًا ويقضي وقت فراغه في دراسة الفلسفة والاستعداد للانضمام إلى رفاقه عندما يتم إطلاق سراحه. من الواضح منذ البداية أن مولينا وفالنتين لديهما وجهات نظر متناقضة ويختلفان في أشياء كثيرة.

لتمضية الوقت والنوم، يروي مولينا العديد من الأفلام التي شاهدها لفالنتين لمساعدتهما على نسيان وضعهما، والذي يُعد أيضًا شكلًا من أشكال الهروب من الواقع. الفيلم الأول يدور حول فتاة يتحقق خوفها من أن تصبح امرأة النمر عندما تشك في أن زوجها على علاقة غرامية مع مساعدته. يستمع فالنتين ويتدخل لإبداء التعليقات وطرح الأسئلة والإدلاء بملاحظات انتقادية مما يزعج مولينا.ومع ذلك، يواصل حكي حبكات الأفلام التي يتذكرها، ويستكمل قصة هذه المرأة، فعندما تتيقن أن زوجها على علاقة غرامية، تشارك مؤامرة دعائية نازية وتكوين حركة ثورية.أيضا يروي قصة لفيلم عن الزومبي بناءً على طلب "فالنتين"، وتتوازى حبكات الفيلم مع مواقف الشخصيات، حيث تصور كل شخصية منها علاقة متوترة وتصويرًا للتلاعب..يبدأ فالنتين في الانفتاح على مولينا بشأن مشاركته في الحركة، ولكن أيضًا حول مشاعره تجاه مارتا، صديقته السابقة.لكن سرعان ما يتضح أن مولينا جاسوس نيابة عن آمر السجن، ومن المفترض أن يخفف عن فالنتين ويتقرب إليه حتى يكشف أسرار تحركات مجموعة فالنتين الثورية السياسية.

ينسج بويج في تيار الوعي، والذي يُستخدم لتصوير أحلام فالنتين، بالإضافة إلى أفكاره وأفكار مولينا الداخلية، مما يكشف عن دوافعهما. على الرغم من أنهما يبدوان في البداية يكرهان بعضهما البعض، إلا أن مولينا وفالنتين أصبحا صديقين ببطء، وينفتحان على بعضهما البعض، وفي النهاية يتشاركان العلاقة الحميمة الجسدية. ويكذب مولينا على آمر السجن قائلاً إنه لم يتعلم أي شيء فيما يتعلق بالمجموعة السياسية التي ينتمي إليها فالنتين، لأن علاقته بفالنتين قد ازدادت قوة. يريد مولينا إطلاق سراحه والعودة إلى والدته ولكنه أيضًا لا يريد مغادرة فالنتين.عندما يتم إطلاق سراح مولينا بشروط، يتابعه آمر السجن باستمرار. يوافق مولينا على نقل رسالة لفالنتين إلى المجموعة السياسية لكنه يموت في هذه العملية. في النهاية، يتم تعذيب فالنتين واستجوابه. يتم إعطاؤه المورفين وينجرف إلى حالة تشبه الحلم حيث يتواصل مجددًا مع صديقته القديمة مارتا.

يذكر أن بوتج قام بتحويل الرواية إلى مسرحية في عام 1983 بترجمة إنكليزية. كما تم تحويلها أيضًا إلى فيلم حائز على جائزة الأوسكار في عام 1985، ومسرحية موسيقية في برودواي في عام 1993، وحلقة تلفزيونية خاصة عام 2020. مانويل بوتج (بوينوس أيرس 1932- المكسيك 1990)، اشتهر في عام 1968 بروايته "خيانة ريتا هيوارث"، هذه الإحالة للسينما في روايته الأولى ستكون من ملامح أسلوبه الخاص، وهو ما سيتكرر في عناوين لاحقة، مثل "شفاه مطلية" (1969)، وبهما بدأ يحظى باهتمام القراء بعدما حاز على الاهتمام النقدي في عمله الأول. وفي روايته "علاقة غرامية في بوينوس أيرس" (1973)، قام بتضمين عناصر من التحليل النفسي. وروايته "قبلة المرأة العنكبوت" صدرت في العام (1976).

مقتطف من الرواية

ـ أنت ماهر في الطهو؟

ـشكرا يا فالنتين

ـ لكنك ستجعلني أعتاد على هذا. وهو ما لا يناسبني.

ـ أنت مجنون، لتعش اللحظة. لتستمتع، هل تنغص علينا الطعام بينما تفكر فيما سيحدث غدا؟

ـ لا أعتقد أننا نعيش اللحظة يا مولينا، لا يوجد من يعيش اللحظة.هذا سيحدث يف الجنة الأرضية.

ـ هل تؤمن بالجنة والجحيم؟

ـ انتظر يا مولينا، إن كنا سنتناقش ليكن هذا بحد أدنى من الجدية؛ إن كنا سنقول ترهات فهو أمر جدير بالصبية، مناقشة طالب في الثانوية.

ـأنا لا أقول ترهات.

ـ ممتاز، هكذا دعني أولا أعرض فكرتي، أطرح عليك مفهومي.

ـ أسمعك

ـ لا يمكنني أن أعيش اللحظة، لأنني أعيش حسب ظروف النضالالسياسي، حسنا، لنقل النشاط السياسي، هل تفهمني؟ كل مايمكنني التحمل هنا، وهو كثير... لا يقارن بالتعذيب... أنت لا تعرف ما هو.

ـ لكن يمكنني التخيل.

ـلا، لا يمكنك التخيل... حسنا، أنا أتحمل كل شيء... لأن هناك تخطيطا يوجد ما هو هام، وهي الثورة الاجتماعية، ويوجد ماهو ثانوي، وهي متع الحواس. وبينما يستمر النضال، وربمايستمر طوال حياتي، لا يجب أن أعتاد عىل متع الحواس، هلتفهم هذا؟ لأنها في الحقيقة ثانوية بالنسبة لي. المتعة الكبرىشيء آخر، وهو معرفة أنني في خدمة أكثر شيء نبيل، وهو... حسنا... كل أفكاري...

ـ ما هي أفكارك؟

ـأفكاري المثالية... الماركسية، إن أردت أن ألخص لك كل شيء في كلمة واحدة. ويمكنني الشعور بهذه المتعة في أي مكان، هنا في هذه الزنزانة، بل وأثناء التعذيب. وهذا هو مكمن قوتي.

ـ وفتاتك؟

ـ هذا أيضا يجب أن ثانويا. وبالنسبة لها أيضا أنا ثانوي. لأنهاتعرف أيضا ما هو أهم شيء.

ـ هل أنت من غرس فيها هذه الأفكار؟

ـ لا، أعتقد أننا اكتشفنا هذا معا. هل فهمت ما قلت لك؟

ـ نعم...

ـ لا يبدو عليك أنك قد اقتنعت يا مولينا.

ـ لا، لا تفعل هذا معي. سأنام عىل الفور.

ـهل أنت مجنون؟ والنمرة؟ لقد تركتني مليئا بالفضول من ليلةأمس.

ـ غدا.

ـ لكن، ماذا بك؟

ـ لاشيء

ـ تكلم..

ـ لا، أنا مجرد شخص سريع التأثر، لا يوجد أي شيء آخر.

ـأرشح لي هذا من فضلك.

ـانظر، أنا هكذا، هذه الأشياء تجرح مشاعري. لقد أعددت لك طعاما من مؤني، وأسوأ أ ما في الأمر، رغم أنني أحب الأفوكادو جدا، أعطيتك النصف، وكان يمكنني أن أحتفظ بالنصف لنفسي للغد. وبعد كل هذا... تقول لي إنني أجعلك تعتاد على عاداتسيئة.

ـ لكن لا تكن هكذا، أنت حساس للغاية.

ـ هذه هي الحقيقة، أنا هكذا، عاطفي جدا.

ـ بشكل مفرط، هذا أمر...

ـ لماذا سكت؟

ـ لا شيء

ـقلها، أنا أعرف ما كنت ستقول يا فالنتين.

ـ لا تكن أحمق.

ـقلها، أنني مثل المرأة، هذا ما كنت ستقول.

ـ نعم.

ـ ً وما هو السيئفي أن يكون المرء طريا مثل المرأة؟ لماذا لا يمكن للرجل أو الكلب أو الشاذ أن يكون حساسا إن أراد هذا؟

ـ لا أعرف، لكن في حالة الرجل فإن هذا الإفراط يمكن أن يعيقه.

ـ في ماذا؟ في التعذيب؟

ـ لا، لكي يقضيعلى الجلادين.

ـ لكن إن كان كل الرجال مثل النساء لن يكون هناك جلادون

ـ وماذا ستفعل دون رجل؟

ـ أنت محق. إنهم أفظاظ لكنني أحبهم.

ـ مولينا... لكنك قلت إن كان كل الرجال مثل النساء لن يكون هناك جلادون

ـ لديك مجرد فرضية بسيطة، غير واقعية، لكنها فرضية في نهاية الأمر.

ـيا لطريقتك في قول الأشياء.

ـ ماذا تعني بطريقتي؟

ـ أنت تبدي الكثير من الاحتقار بينما تتكلم، لقد قلت "مجردفرضية بسيطة".

ـ حسنا، معذرة إن كنت قد أثرت ضيقك.

ـ - لا داعي للاعتذار.

ـ حسنا، ابتهج قليلا ولا تعاقبني.

ـ - عقابك؟ أنت مجنون

ـ إذن، لتتصرف كأنما لم يحدث أي شيء

ـهل تريد أن أكمل الفيلم؟

ـبالطبع يا رجل

ـ أي رجل؟ أين الرجل؟، قل لي، ولن أتركه يفر مني.

ـ حسنا، توقف عن المزاح وأحك.