قفزة في ضحايا كورونا تثقل مهمة رئيسي في حل أزمات إيران

تسجيل 542 وفاة ونحو 37 ألف إصابة بالوباء خلال يوم واحد يأتي بعيد أيام قليلة من تسلم الرئيس الجديد مهمة قيادة البلد المثقل بأزمات متناثرة، بينما وعد رئيسي الإيرانيين برفاه يبدو بعيد المنال بالنظر لحجم التحديات التي تعترضه.
وفيات كورونا في إيران تقتر من عتبة المائة ألف والإصابات تتجازو الـ700 ألف
لحظة الانفجار الاجتماعي قد تكون مسألة وقت على ضوء غصب متصاعد في إيران
السلطات الإيرانية تشكو العقوبات الأميركية لمداراة فشلها في إدارة أزمات البلاد

طهران - سجلت إيران اليوم الأحد قفزة قياسية في عدد الوفيات اليومية بفيروس كورونا لتتجاوز عتبة الـ500 وفاة يوميا، فيما يأتي ذلك بينما يجد الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي  نفسه عالقا في أكثر من أزمة بين وضع داخلي متأزم واقتصاد متعثر وريال يتقلب بين انهيار وآخر وتململا شعبيا في الأقاليم النائية ضمن ما يعرف بانتفاضة العطش ووصولا إلى جمود في مفاوضات فيينا النووية والتي يفترض أن طهران تراهن على نجاحها لكسر العزلة والخروج من ورطة العقوبات الأميركية التي أرهقت النظام.

وأعلنت السلطات الإيرانية تسجيل 542 وفاة يومية بسبب كوفيد-19 للمرة الأولى منذ بدء الوباء فيما سجّلت أيضا عددا قياسيا من الإصابات، وفق أرقام رسمية أعلنتها وزارة الصحة.

وواصلت بذلك الجمهورية الإسلامية، أكثر الدول تأثرا بالجائحة في منطقة الشرق الأوسط، تسجيل نسق تصاعدي على صعيد التفشي الوبائي منذ أواخر يونيو/حزيران، تعزوه السلطات الى "موجة خامسة" تعود بشكل أساسي الى المتحورة دلتا شديدة العدوى، ما يضع النظام الصحي الهش على حافة الانهيار.

وأفادت وزارة الصحة عن وفاة 542 شخصا في الساعات الأربع والعشرين الماضية، وتسجيل 36619 إصابة.

وبذلك، بلغ العدد الإجمالي للوفيات 94015 من أصل أربعة ملايين و158 ألفا و729 إصابة سجلتها رسميا الجمهورية الإسلامية، منذ ظهور المرض للمرة الأولى في البلاد في فبراير/شباط 2020.

والعدد الجديد للوفيات اليومية هو الأعلى منذ 26 أبريل/نيسان الماضي، حين أعلنت الوزارة وفاة 496 شخصا (الحصيلة القياسية السابقة).

الى ذلك، سجلت إيران حصيلة قياسية للإصابات اليومية أكثر من مرة في الأسابيع الماضية، كان آخرها في الرابع من أغسطس/آب (39357 إصابة).

وسبق لمسؤولين إيرانيين أن أكدوا أن الأرقام الرسمية تبقى ما دون الفعلية.

وأعلن الرئيس الإيراني الجديد السبت خلال ترؤسه اجتماع الهيئة الوطنية لمكافحة كوفيد-19، أنه سيتم خلال الأسبوع المقبل "دراسة خطة لتغيير طريقة مواجهة فيروس كورونا"، من دون تحديد تفاصيل، فيما وعد الشعب الإيراني برفاه يبدو بعيد المنال في ظل الأزمات المتناثرة التي تعانيها بلاده.

كما تعهد العمل على "دعم إنتاج اللقاح المحلي"، وفي الوقت عينه "عدم التردد" في استيراد لقاحات خارجية.

واستلم رئيسي مقاليد السلطة وإيران تعاني انهيارا اقتصاديا قاسية وعزلة سياسية عميقة وأزمة صحية على أشدها بعد تفشي فيروس كورونا ومؤسسات تقع على حافة الانهيار وقطاعات حيوية شبه مشلولة بسبب العقوبات الغربية، وتدهور اجتماعي، فيما يسعى في مهمة صعبة للغاية لاستعادة ثقة الشارع في نظامه.

وستتصدر إلى جانب مواجهة انتشار الوباء، العقوبات الأميركية التي تسببت لإيران في مشاكل اقتصادية قاسية والملف النووي الإيراني جدول أعمال الرئيس الإيراني الجديد الذي بدى دائما أكثر حدة في موقفه من واشنطن.

وتخشى مصادر دبلوماسية أوروبية على صلة بالمحادثات النووية في العاصمة النمساوية فيينا من أن تتعقد جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع وصول رئيسي لكونه على لائحة العقوبات الأميركية بسبب ضلوعه في الإعدامات الجماعية للمعارضين ثمانينات القرن الماضي.

ويقول دبلوماسيون ومسؤولون إيرانيون ومحللون إن مجموعة من العوائق ما زالت تعترض سبيل إحياء الاتفاق النووي، مشيرين إلى أن عودة طهران إلى الالتزام الكامل بالاتفاق ما زالت بعيدة المنال.

تفش وبائي مرعب
تفش وبائي مرعب

ويحظى رئيسي بدعم مهم من الحرس الثوري، وهو مؤسسة قوية عارضت على مر السنوات المبادرات الإصلاحية وأشرفت على قمع الاحتجاجات واستخدمت قوى بالوكالة لإبراز نفوذ إيران الإقليمي.

كما يسعى الرئيس الإيراني في مهمة صعبة إلى استعادة ثقة الشارع الإيراني الساخط من النظام لتسببه في أزمات البلاد المتناثرة وسوء إدارتها، فضلا تدهور أوضاع المعيشة وتهميش السلطات لمناطق في جنوب البلاد.

وشهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، احتجاجات على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.

كما شهدت محافظة خوزستان (جنوب غرب) احتجاجات خلال يوليو/تموز، على خلفية شح المياه. وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى.

لحظة الانفجار الاجتماعي قد تكون مسألة وقت على ضوء حراك متصاعد في بلوشستان المهمشة وخوزستان التي تعاني شح المياه جنوب شرقي البلاد وفي ظل تدهور معيشي بات ملحوظا في كل أنحاء المحافظات الايرانية تقريبا، لكن ايضا وجود رئيسي على رأس السلطة وهو المعروف بـ 'قاضي الموت' لدوره المفترض في إعدام آلاف المعارضين يشير كذلك لانفتاح أكبر على قمع أشدّ وقبضة حديدية تؤمنها ميليشيات الباسيج والتشكيلات شبه العسكرية للحرس الثوري.

ومنذ بدء جائحة كوفيد-19، لم تفرض السلطات الإيرانية إجراءات إغلاق شامل على غرار تلك التي اعتمدتها العديد من دول العالم، عازية ذلك للظروف الاقتصادية الصعبة العائدة بالدرجة الأولى الى العقوبات الأميركية.

وأوعز المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي مطلع الأسبوع للهيئة الوطنية لمكافحة الجائحة، باتخاذ "الإجراءات اللازمة" لاحتواء الموجة الجديدة من الوباء، وذلك في أعقاب رسالة بعث بها إليه وزير الصحة سعيد نمكي، اقترح فيها إجراءات منها "الإغلاق لفترة أسبوعين"، لمواجهة تزايد انتقال العدوى.

وشكا المسؤولون من تأثير العقوبات على إمكان استيراد اللقاحات، لا سيما لصعوبة القيام بالتحويلات المالية اللازمة من أجل الحصول عليها.

ورأى التلفزيون الرسمي الإيراني في تقرير الأحد أنه "على الرغم من تسارع إيقاع التطعيم، التقيد بالإجراءات الصحية انخفض بشكل لافت".

واعتبر أن الوضع قاتم والمستشفيات تواجه "أزمة" بسبب تزايد الإصابات.

ولا تزال حملة التلقيح الوطنية التي أطلقت في فبراير/شباط تمضي بشكل أبطأ مما كان مأمولا. ومن أصل إجمالي عدد السكان الذي يناهز 83 مليونا، تلقى نحو 12.5 ملايين جرعة واحدة من لقاح مضاد لكورونا، في حين تلقى 3.7 ملايين شخص فقط الجرعتين، وفق أرقام وزارة الصحة الأربعاء.

وسعيا لتعويض نقص اللقاحات المستوردة، عملت إيران على تطوير مشاريع لقاحات محلية. وأعلنت السلطات في الفترة الماضية منح موافقة طارئة على استخدام اثنين من هذه اللقاحات.