'لبؤات الأطلس' تغادرن مونديال السيدات برصيد من الفخر والاحترام

ليس ثمة خلاف محليا ولا دوليا على أن منتخب سيدات المغرب لكرة القدم سطرن ملحمة تاريخية خلا مشوار المونديال وغادرن ثمن النهائي بعزة وبتجربة استثنائية يمكن التأسيس عليها في المستقبل.

الدار البيضاء - رغم خروجهن من ثمن نهائي مونديال السيدات بعد هزيمة قاسية أمام فرنسا 0-4 الثلاثاء أديليد بأستراليا، خلقت سيدات المنتخب المغربي شعورا بالفخر والاحترام، خلال تلك المغامرة الأولى من نوعها عربيا.

وسطرت لبؤات الأطلس ملحمة تاريخية بتأهلهن إلى ثمن النهائي في أول مشاركة لهن بالمونديال، لتخلقن المفاجأة، لكن الحظ لم يحالفهن أمام المنتخب الفرنسي مع ذلك غذت الملحمة الكروية شغف وآمال الجماهير ووسائل الإعلام المحلية.

ورغم الهزيمة الثقيلة الثلاثاء، تقول ريم بن لغماري "إنه فخر لنا أن نصل إلى هذا المستوى من المنافسة، مسارهن إنجاز في حد ذاته". وأضافت الطالبة (24 عاما) بعيد انتهاء المباراة في أحد مقاهي الدار البيضاء "إنها رياضة يسيطر عليها الرجال تقليديا، لكنهن أثبتن أن للنساء أيضا مكانتهن فيها".

وتجمّع مشجعون في هذا المقهى الواقع في وسط العاصمة الاقتصادية للمغرب صباح يوم صيفي ساخن، على أمل تكرار اللحظات المجنونة التي عاشتها الجماهير المغربية أواخر العام الماضي مع ملحمة منتخب الرجال في مونديال قطر.

لكن الصدفة شاءت أن تنتهي مغامرة "لبؤات الأطلس" على يد فرنسا في ثمن النهائي، كما انتهت مغامرة "الأسود" في نصف النهائي بقطر على يد "الديوك"، لتتراجع الحماسة مع توالي أهداف الفرنسيات.

وبمعزل عن إحباط الإقصاء، يقول المشجع يونس واشمي (37 عاما) "أشعر بكثير من الاحترام إزاء ما استطعن إنجازه.. ما يزال أمامهن الكثير من العمل هذا مؤكد، لكنها أول مشاركة لهن في المونديال".

واعتبر تأهل سيدات المغرب لثمن النهائي نجاحا فعليا في مشواره بالمسابقة، فهي أول نهائيات كأس عالم للسيدات يخنضها في تاريخهن.

ورغم الهزيمة القاسية أمام سيدات ألمانيا افتتاحا بسداسية نظيفة، استطاعت لبؤات الأطلس العودة للمنافسة بانتصارين على كوريا الجنوبية (1-0) وكولومبيا بالنتيجة ذاتها.

واكتست المواجهة أمام فرنسا طابعا خاصا، حيث أن مدرب المنتخب المغربي هو اللاعب الدولي الفرنسي سابقا رينالد بيدروس، بينما يقود المنتخب الفرنسي المدرب السابق لـ"أسود الأطلس" هيرفيه رونار، فضلا عن الروابط الوثيقة بين البلدين.

كما جاءت أيضا في سياق توتر دبلوماسي مستمر بين باريس والرباط منذ أشهر بسبب خلافات عدة، أبرزها الموقف الفرنسي الضبابي من مغربية الصحراء وحرص المملكة على ضرورة خروج باريس من حالة التردد والالتحاق بركب الولايات المتحدة وإسرائيل ودولا عربية وافريقية وأوروبية اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه.

ويضاف إلى ذلك الجدل الذي أثارته تعليقات فرنسية ضد ارتداء اللاعبة المغربية نهيلة بنزينة الحجاب، في سابقة مونديالية، على مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتبر الموقع الإخباري المغربي "لو360" أنه "على الرغم من الرهانات التي تتجاوز الإطار الرياضي المحض، يجب أن تبقى هذه المباراة احتفالا يشدد على النقاط المشتركة الكثيرة التي تجمع منتخبين وبلدين صديقين".

وعموما، نجحت المغربيات في خطف قلوب الجماهير وإذكاء شغف المولعين بالكرة. وهو الشغف الذي بدأ منذ تحقيقهن مفاجأة الوصول إلى نهائي بطولة أمم إفريقيا التي أقيمت في المملكة العام الماضي، رغم الهزيمة أمام جنوب إفريقيا 1-2، في نهائي حطم رقماً قياسياً من حيث إقبال الجماهير على مباراة لكرة القدم النسوية.

وتتذكر الصحافية المغربية عزيزة نايت سيباها الإقبال الكبير على مباريات المغرب في تلك البطولة "كان الملعب يمتلئ بنحو 50 ألف متفرج، وهو أمر غير مسبوق".

وترى الصحافية التي أسست موقعا متخصصا في الرياضة النسوية، أن اللاعبات "يغيرن العقليات في بلدهن، إنه أمر استثنائي"، مضيفة "بفضل اللبؤات فهم المغرب أن الكرة مثل كل الرياضات الأخرى لا جنس لها".

وخارج رقعة الملاعب استطاع المنتخب المغربي تحطيم بعض الأفكار النمطية، التي لا تزال صامدة، إزاء مكانة المرأة في الفضاء العام. وهو ما تؤكده الطالبة الشابة غيثة بدير (23 عاما) قائلة "لقد نجحن في تكسير الأفكار المسبقة حول كرة القدم النسائية"، معربة عن "تأثرها" بالنموذج الذي تمثله بالنسبة إليها لاعبات المنتخب.

وعمل الاتحاد المغربي لكرة القدم منذ ثلاثة أعوام على تطوير كرة القدم النسائية من خلال إستراتيجية طموحة، لدعم الأندية والتكوين. إضافة إلى إنشاء بطولة احترافية من قسمين، يلتزم أعضاؤها وهم 42 ناديا في المجموع، بتوفير فرق للفئات العمرية الصغرى لأقل من 15 و17 عاما.

وتعرب لمغاري عن أملها في المستقبل قائلة إن "المنتخب النسائي صنع التاريخ، وهو أمر ليس هينا. الآن المستقبل أمامه، هذا ما يجب أن نستخلص" من مغامرة المونديال.