مؤشرات إلى عزوف واسع عن الاقتراع البرلماني في الجزائر

قبل ثلاث ساعات من انتهاء التصويت، حوالي 14 بالمئة فقط من الناخبين يشاركون في اول انتخابات على عهد تبون.
مشاركة شبه معدومة في منطقة القبائل
الحكومة تتحدث عن "استشرافات شيطانية" بشأن الانتخابات

الجزائر - ادلى ناخبون جزائريون السبت بأصواتهم في إطار انتخابات تشريعية مبكرة رفضها الحراك المطالب بتغيير النظام وجزء من المعارضة على خلفية قمع متزايد من السلطات.
وهناك ترقب لنسبة المشاركة بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60% و76% على التوالي.
لكن الرئيس عبد المجيد تبون رأى في تصريح لصحافيين بعد قيامه بالاقتراع في مركز بسطاوالي في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، أن هذه النسبة "لا تهم".
وقال "سبق أن قلت أنه بالنسبة لي فإن نسبة المشاركة لا تهم، ما يهمني أن من يصوت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية".
وتابع "رغم ذلك، أنا متفائل من خلال ما شاهدته في التلفزيون الوطني أن هناك إقبالا خصوصا لدى الشباب والنساء. أنا متفائل خيرا".
ولم تتجاوز نسبة المشاركة 14,47 في المئة قبل ثلاث ساعات من اغلق صناديق الاقتراع بحسب رئيس السلطة الوطنية للانتخابات محمد شرفي. واغلقت مكاتب الاقتراع بعد تمديد العملية لساعة. ولن تصدر النتائج الرسمية قبل الاحد.

وعود الرئيس تبون الفضفاضة بالانفتاح والحوار تتحطم على صخرة واقع القمع في الجزائر

وجرت عملية الاقتراع بهدوء في الجزائر العاصمة حيث كان عدد الناخبين قليلا، ولكن سجل توتر في منطقة القبائل حيث كانت المشاركة شبه معدومة.
وقال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان سعيد صالحي لوكالة فرانس برس ان "اعمال شغب" وقعت في بجاية و"الاجواء متوترة" في العديد من قرى البويرة.
واوضح ان 17 مركز اقتراع فتحت ابوابها صباحا في بجاية من اصل 500، وعند الظهر كانت كل المكاتب مغلقة.
واورد منسق السلطة الوطنية للانتخابات في تيزي وزو ان 136 مركز اقتراع و229 مكتبا اغلقت بسبب حوادث، بينها تخريب صناديق.
وبلغت نسبة المشاركة في منطقة القبائل 0,79 في المئة في بجاية و0,62 في المئة في تيزي وزو، بحسب ارقام رسمية اولية. 
وتحدثت اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين عن اعتقال العديد من الشبان.
وهذه أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة في 22 شباط/فبراير 2019 رفضا لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. واضطر هذا الأخير إلى الاستقالة بعد شهرين بعدما أمضى 20 عاما في الحكم.
وأفرج ليل السبت الأحد عن ثلاث شخصيات بارزة في الحراك: كريم طابو، وإحسان القاضي الذي يدير موقع "مغرب إيمارجون" و"راديو ام" القريب من الحراك، والصحافي خالد درارني الذي يتعاون مع الإذاعة ذاتها. وكان الناشطون أوقفوا الخميس.
يأمل النظام بنسبة مشاركة تراوح بين 40% و 50% على الأقل. وتبدو السلطة مصمّمة على تطبيق "خارطة الطريق" الانتخابية التي وضعتها، متجاهلة مطالب الشارع (دولة القانون والانتقال الديمقراطي والقضاء المستقل).
وفي تصريح أدلى به عقب الإدلاء بصوته، أكد وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر أن "نزاهة وشفافية الانتخابات ستكذب الاستشرافات الشيطانية لمخابر الفوضى المدمرة" التي تستهدف الجزائر.
ودعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نواب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدة خمس سنوات. وعليهم الاختيار من بين2288 قائمة - أكثر من نصفها "مستقلة" - أي أكثر من 22 ألف مرشح.
وهي المرة الأولى التي يتقدم فيها هذا العدد الكبير من المستقلين ضد مرشحين تؤيدهم أحزاب سياسية فقدت مصداقيتها إلى حد كبير وحُملت المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الجزائر منذ حوالي 30 شهرا.
من جهة أخرى، قررت الأحزاب الإسلامية المرخص لها المشاركة في الاقتراع من أجل "المساهمة في القطيعة والتغيير المنشود".
ويتوقع بعض المحللين حصول هذه الأحزاب الإسلامية على غالبية نسبية في المجلس.
وترى مجموعة الازمات الدولية أنه "في سيناريو محتمل، قد تجتمع القوى السياسية المنبثقة عن هذه الانتخابات لتشكيل ائتلاف هدفه استمرار النظام".
ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، حذّر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة من "أي مخطط أو فعل يهدف الى التشويش على سير" العملية الانتخابية.
وسعت الحكومة التي ينظر اليها على أنها الواجهة المدنية للمؤسسة العسكرية، إلى كسر الحراك. فقد منعت كل المسيرات وكثفت الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد المعارضين السياسيين والناشطين في الحراك والصحافيين المستقلين والمحامين.
وتقول الحكومة إنها استجابت للمطالب الرئيسية لما تسميه "الحراك الأصيل" في "وقت قياسي"، ولم تعد هناك أي شرعية لناشطي الحراك السلمي، متهمة إياهم بأنهم في خدمة "أطراف أجنبية" معادية للجزائر.
ويقبع ما لا يقل عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للافراج عن المعتقلين.
وعبّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة عن أسفها لأن "وعود الرئيس تبون الفضفاضة بالانفتاح والحوار تتحطم على صخرة واقع القمع في الجزائر"، ودانت "التصعيد القمعي المخيف".
وقال الرئيس الجزائري السبت "أعتقد أننا في الطريق الصحيح ما دمنا نتعرض للهجمات من كل جانب، لأنهم لن يرضوا بأن تدخل دولة مثل الجزائر الديموقراطية من أبوابها الواسعة. أنا شخصيا كرئيس وكمواطن أؤمن إيمانا قويا بأن السلطة للشعب ويمارسها من خلال من ينتخبهم".