مارين لوبان تفوز برقم قياسي من مؤيدي حكم اليمين المتطرف في فرنسا

قبل أقل من شهرين على الانتخابات البرلمانية، المرشحة الخاسرة تقلص الفارق مع ماكرون الى النصف مقارنة بالاقتراع الرئاسي السابق وتحصل على أكثر من 40 بالمئة من الأصوات للمرة الأولى في تاريخ فرنسا.
حوالي 14 مليون فرنسي صوّتوا لمارين لوبان

باريس - تمكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الفوز بولاية ثانية بعد هزيمة زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبان للمرة الثانية، لكن انتخابات الأحد حملت عدة مؤشرات مقلقة الى صعود اليمين المتطرف.
حصل ماكرون على أكثر من 58 بالمئة من الأصوات مقابل نحو 42 بالمئة لمارين لوبان.
رغم الفارق الذي يتجاوز 16 نقطة بين المرشحين الرئاسيين إلا أن لوبان تمكنت من تقليصه إلى النصف مقارنة بانتخابات 2017 عندما خسرت أمام ماكرون بحوالي 66 بالمئة مقابل 34 بالمئة تقريبا اي ان الفارق بلغ 32 نقطة قبل خمس سنوات.
خسارة لوبان المتوقعة كانت بفارق أكبر من 10 نقاط، وهو الرقم الذي توقعته معاهد سبر الآراء الفرنسية التي تحدثت في آخر استطلاعاتها بعد المناظرة التي جرت بين المرشحين عن نتيجة متأرجحة ما بين 54 و56 بالمئة لماكرون مقابل 44 و46 بالمئة للوبان.
واتساع الفارق خلال أيام قليلة من 10 إلى 16 نقطة يعكس تفوق ماكرون في المناظرة التي جرت بينه وبين لوبان وكان أداؤه أكثر إقناعا منها بناء على استطلاعات الرأي إلى درجة دفعت موقع "فرانس24" إلى التساؤل "هل قضت المناظرة على حظوظ لوبان في الفوز؟"
وربح ماكرون لعبة التحالفات عندما ضمن دعم أغلب المرشحين الخاسرين في الجولة الأولى بينما لم تدخل لوبان الجولة الثانية وحيدة بعد أن حصلت على دعم مرشحين اثنين بينهما إريك زمور اليميني المتطرف الذي حصل على المرتبة الرابعة.
لم يسبق لفرنسا أن سجلت نسبة امتناع عن التصويت في انتخابات رئاسية كالتي سجلتها في رئاسيات 2022 منذ 1969 (31 بالمئة).
ووفقا لتقديرات معاهد لسبر الآراء بلغت نسبة الامتناع عن التصويت نحو 28 بالمئة من الناخبين المسجلين في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية والبالغ عددهم 48.7 مليون مسجل.
ونسبة الامتناع في الجولة الثانية للرئاسيات أعلى بـ1.7 بالمئة مقارنة بالجولة الأولى التي سجلت معدل 26.3 بالمئة.
ومقارنة برئاسيات 2017 التي سجلت نسبة امتناع عن التصويت بـ 25.38 بالمئة (نحو 12 مليون صوت) فإن معدل الامتناع في 2022 ارتفع إلى 2.62 بالمئة أي بزيادة نحو مليون ناخب ممتنع.
والانحدار في نسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية بدأ في 2012 عندما نزل من 84 بالمئة في 2007 إلى 80.4 بالمئة ثم إلى 74.6 بالمئة في 2017 وأخيرا 72 بالمئة في 2022.
وارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت يمكن ربطها بعدم اقتناع فئة من الناخبين بكل من ماكرون ولوبان معا خاصة من اليسار الراديكالي والمسلمين (10 بالمئة من إجمالي عدد السكان).
وإن كان مرشح اليسار الراديكالي جون لوك ميلونشون لم يدعو إلى مقاطعة الجولة الثانية للرئاسيات إلا أنه لم يدعم ماكرون واكتفى بحثّ أنصاره على عدم التصويت للوبان.
وتصب حالة العزوف التاريخية عن التصويت في مصلحة لوبان إذ أن غالبية الممتنعين عن التصويت من اليساريين والمسلمين الذين يوجدون على الطرف النقيض من اليمين المتطرف.
قبل عقود خلت كان اليمين المتطرف منبوذا في فرنسا لكن مع حصول لوبان على 42 بالمئة من الأصوات أو ما يعادل نحو 14 مليون صوت فذلك يشكل قوة تصويتية كبيرة.
وإذا تمكنت لوبان من الحفاظ على هذه القاعدة التصويتية في الانتخابات البرلمانية المقبلة فإن ذلك يرشحها للمشاركة في تشكيل حكومة ائتلافية إذا أخفق حزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" من الحصول على 50 بالمئة من الأصوات.
فهذه المرة الأولى في تاريخ اليمين المتطرف الذي يحصل فيها على نسبة تجاوزت 40 بالمئة بعدما حقق في رئاسيات 2017 نسبة 33.9 بالمئة.
وتم تسجيل أعلى معدل تصويت لليمين المتطرف في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2017 وحصلت فيها لوبان على أقل من 11 مليون صوت واعتبر هذا الرقم حينها تاريخيا قبل أن تكسره لوبان في 2022.
لذلك فالمعركة الانتخابية لم تنته بعد بانهزام اليمين المتطرف بل مازالت جولة ثالثة للنزال السياسي عندما تجرى الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران المقبل بعد نحو 7 أسابيع.
وإذا تمكنت لوبان من المشاركة في حكومة ائتلافية فمن شأن ذلك أن يقود فرنسا إلى مزيد من التطرف في ملفات الهجرة والإسلاموفوبيا وفتح ملفات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي والاختلاف بشأن الحرب الروسية الأوكرانية..
ودخول اليمين المتطرف إلى الحكومة من شأنه أن يُقحم فرنسا في مرحلة عدم استقرار سياسي ويؤثر على علاقاتها بشركائها، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ويضيق أكثر على المهاجرين والمسلمين.
وتشكيل حكومة ائتلافية يكون اليمين المتطرف أحد أطرافها من شأنه فتح أبواب الخلاف مع الرئيس ماكرون الذي مرت ولايته الرئاسية الأولى بهدوء دون صدام مع الحكومة خاصة وأن فرنسا تتبنى نظاما شبه رئاسي يتقاسم فيه رئيس البلاد ورئيس الحكومة السلطة التنفيذية.