ماكرون يخوض معركة على أكثر من جبهة لتشكيل غالبية برلمانية

بعد ثلاثة أيام على الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، لا يزال الوضع السياسي في فرنسا معقدا لرئيس الدولة الذي اضطر لإعادة النظر في خططه بسبب عدم التمكن من الفوز بغالبية واضحة في الجمعية الوطنية.
سياسيون يتحدثون عن ثقافة صراع لا توافق تسود فرنسا
فرنسا تواجه وضعا سياسيا استثنائيا يعقد مهمة ماكرون وبرامجه
ماكرون عالق بين التزامات دولية وأزمة داخلية

باريس - يخوض الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون معركة صعبة لتشكيل أغلبية برلمانية بعد أن مني بنكسة سياسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة مع صعود اليمين المتطرف بقيادة منافسته السابقة في الانتخابات الرئاسية مارين لوبن واليسار بقيادة جان لوك ميلانشون.

ويواصل ماكرون الأربعاء مشاوراته مع المعارضة وحلفائه لتشكيل هذه الغالبية المطلوبة ليمرر برامجه السياسية والاقتصادية ومشاريع القوانين في الجمعية العامة (البرلمان) بعدما أرغمه الفرنسيون على السعي لتسويات بنتيجة الانتخابات التشريعية، فيما باتت فكرة حكومة وحدة وطنية التي طرحت لبعض الوقت، مستبعدة.

ومن المقرر أن يلقي مساء خطابا بعد المشاورات قبل مغادرته البلاد لحضور سلسلة من الاجتماعات الدولية اعتبارا من الخميس.

وبعد ثلاثة أيام على الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، لا يزال الوضع السياسي في فرنسا معقدا لرئيس الدولة الذي اضطر لإعادة النظر في خططه بسبب عدم التمكن من الفوز بغالبية واضحة في الجمعية الوطنية.

وماكرون الذي بقي صامتا منذ الأحد ويدخل اعتبارا من الخميس في سلسلة التزامات دولية، من انعقاد المجلس الأوروبي ومجموعة السبع وصولا إلى قمة حلف شمال الأطلسي، يجري مشاورات في كل الاتجاهات. وقد أعلنت الرئاسة الفرنسية أنه سيتوجه بكلمة إلى الأمة في وقت لاحق الأربعاء.

وسيستقبل الأربعاء مسؤولين بارزين من المعارضة تشمل الناشط البيئي جوليان بايو ورئيسة كتلة فرنسا الأبية (يسار راديكالي) في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو وكذلك حليفه رئيس الوزراء السابق ادوار فيليب زعيم حزب "آفاق".

والثلاثاء استقبل عدة قادة أحزاب آخرين من الغالبية والمعارضة "لتحديد الحلول البناءة" من أجل الخروج من المأزق السياسي كما أعلنت الرئاسة.

وتعتبر هذه العملية دقيقة لرئيس تتهمه المعارضة بأنه أدار السلطة بشكل عامودي في بلد اجتاز عدة أزمات بينها أزمة "السترات الصفراء".

ورأى رئيس المجلس الأعلى في البرلمان جيرار لارشيه (يمين) إن البلاد "قد يكون من الصعب حكمها" داعيا إلى "تغيير عميق في موقف" الرئيس وذلك في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان".

ولم يحتفظ الائتلاف الوسطي الليبرالي الذي كان يملك الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية السابقة والذي استند إليه الرئيس ماكرون طوال ولايته الأولى من خمس سنوات، إلا بـ245 مقعدا من أصل 577 بنتيجة انتخابات الأحد، بينما تبلغ الغالبية المطلقة 289 نائبا.

وتوزعت المقاعد الأخرى في الجمعية الوطنية بشكل أساسي بين تحالف اليسار (150 مقعدا تقريبا) واليمين المتطرف (89) واليمين (61).

وأشار زعيم الشيوعيين فابيان روسيل في ختام لقائه الثلاثاء إلى أن الرئيس ماكرون "يفكر في" تشكيل "حكومة وحدة وطنية" من أجل إيجاد "سبل للخروج من الوضع السياسي" في الجمعية الوطنية.

وأشارت النائبة اليمينية المتطرفة مارين لوبن التي هزمها ماكرون في الانتخابات الرئاسية في ابريل/نيسان إلى أن الرئيس تطرق إلى هذه الفرضية، لكن صباح الأربعاء يبدو أن فكرة حكومة وحدة وطنية قد تبددت.

واستبعد وزير العلاقات مع البرلمان أوليفييه فيران اليمين المتطرف وحزب فرنسا الأبية من هذه الغالبية لأنهم حسب قوله "ليسوا ضمن القوس الجمهوري".

وعرض عدة فرضيات مثل "توسيع" الغالبية و"استمرار تجاوز الوسط اليسار والوسط اليمين" و"توسيع بشكل أكبر" أو "نظام غالبية مشروعا بعد مشروع، تارة مع اليسار وطورا مع اليمين". وفرنسا الغارقة في عدم اليقين غير معتادة على مثل هذا النوع من السيناريوهات.

وقال خبير استطلاعات الرأي جان-دانيال ليفي "لدينا ثقافة صراع، بدلا من إيجاد اتفاق للصالح العام. وسيكون من المفاجئ أن يتغير هذا الأمر مع البرلمان الجديد".

وفي انتظار حل الموقف، أعاد ماكرون الثلاثاء رئيسة حكومته إليزابث بورن التي كانت قدمت استقالتها، لأنه يجب العمل من أجل اعتماد الإجراءات الموعودة لفصل الصيف لحماية القوة الشرائية للفرنسيين من التضخم في إطار دولي متوتر، لكن القدرة الشرائية يبدو أنها أضعفت كثيرا.

وقال فرنسوا بايرو وهو أحد المقربين من ماكرون الأربعاء "يتطلب الوقت الراهن أن يكون رئيس الوزراء أو رئيسة الوزراء سياسيين، لكي لا يتولد لدينا الشعور بان التقنية هي التي تحكم البلاد".

من جانب آخر، دخل النواب الـ89 من اليمين المتطرف من حزب لوبن الجمعية الوطنية صباحا مع تعليمات بارتداء بدلة وربطة عنف والتعامل "بجدية". في المقابل وصل نواب اليسار الراديكالي بلباس أكثر استرخاء قبل ذلك بيوم. وحذرت لوبن من أن "ثقافة ارتداء قماصن كرة القدم، مرفوضة".