مركز أبوظبي للغة العربية يدعم الفن الشعبي في رواية القصص العربية

جائزة 'سرد الذهب' ترسخ القيم الإماراتية والتراث الثقافي وتصونه لإلهام أجيال المستقبل.

السّرد فن عربي يضرب بجذوره في الثقافة الإماراتية والعربية والإنسانية، وقد عرف السّرد العربي أطيافـا متعــدّدةً مــن الســرد بالفصحى والعامية علــى حـد سـواء.

وقد تنبه مركز أبوظبي للغة العربية لتلك الأهمية التي يحظى بها السرد العربي، خاصة في الثقافة الإماراتية، وعمل المركز على دعم حضور الفن الشعبي في رواية القصص العربية، والاحتفاء بفن السرد في أشكاله القديمة والحديثة، بجانب السرد البصري، عاملاً على بناء سردية إماراتية تحكي ما عرفته الإمارات في ماضيها وحاضرها من تطوّر، وما لها من شخصيّة متفرّدة على كافة المستويات المعرفية والإبداعية.

ومن هذا المنطلق يأتي إطلاق المركز لجائزة "سرد الذهب" لعام 2024، من خلال 6 جوائز تمنح للمبدعين في مجالات القصة القصيرة للأعمال السردية المنشورة وغير المنشورة، وللرواة، وللسرود الشعبية التي تتولّى جمع الحكايات والقصص الشعبية والأمثال والروايات التي تصنع الذاكرة الجمعية وتبني الهوية الثقافية، بجانب جائزة رواة الأدب الشعبي الذين ينقلون تراث الأمة عن طريق الذاكرة وذلك لما لهم من دور ثقافي ومعرفي وإسهام في حفظ الموروث الثقافي للشعوب، وجائزة السرد البصري التي تمنح للأعمال التي تعتمد على الصورة في بنائها على نحو يمزج بين سرديّة النص الأدبي وفنون التصوير، إضافة إلى جائزة للسرد الإماراتي، وتمنح للأعمال التي تعزز الهويّة الإماراتية والعربية، وتتكئ على التاريخ والجغرافيا معا لبناء عمل مميّز.

ويسعى مركز أبوظبي للغة العربية من خلال "سرد الذهب" التي أعلنت شروط الترشح لدورتها الثانية، وتستمر في تلقي مشاركات المبدعين حتى الخامس والعشرين من شهر مارس/آذار المقبل، لترسخ القيم الإماراتية والتراث الثقافي وتصونه لإلهام أجيال المستقبل، وذلك من خلال فئات الجائزة الست، والتي عمل المركز عبرها على التعريف بفن الرواية والسرد ودعم دراسته والتعبير عنه في الثقافة المعاصرة، والإسهام في بناء السردية الإماراتية من خلال الأعمال الإبداعية والبحثية التي تتناول جوانب من تاريخ الإمارات العربية المتحدة وحاضرها من مختلف المناحي.

وحول الجائزة واسمها، وعلاقتها بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، قال مركز أبوظبي للغة العربية في بيان، إن مصطلح السرد والسردية حظي باهتمام النقد الأدبي، وصارت السردية منهجا نقديا يسعى إلى تأويل النصوص والأعمال الفنية. أما مصطلح فن السرد فقد ظهر في منتصف الستينات من القرن الماضي، للتعبير عن أي عمل فني يحكي قصة من الحياة اليومية، أو من الحكايات الشعبية والأساطير أو المصادر الأدبية الأخرى. ومن الطبيعي أن تستدعي عملية السرد حضور المكان والزمان والشخصيات والحدث، ويكون اعتمادها على اللغة أو الصورة.

ونوّه المركز من خلال بيانه إلى أنه من اللافت أن الشيخ الراحل زايد بن سلطان وظف كلمة السرد في إحدى قصائده فقال:

كِنْت عارف ما به وْريتهْ

دارسٍ سَرْدَه مع إعرابه

وارتباط السرد بالإعراب في البيت هو لون من ألوان الجمع بين جمال الحكاية واتساق اللغة ووضوحها، والمهم أن كلمة السرد تجيء في البيت كما هي في الاستعمال العربي دالة على التتابع والتسلسل المنظم والاتساق.

وأما كلمة الذهب فإن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان استخدمها في شعره للدلالة على الجمال وحسن المظهر والتوشية كما في قوله:

طرّزه وعَنّاه في الحالِ

من ذهب ومزيّن حروفهْ

والجمع بين الكلمتين يشكل اسما للجائزة التي نبتغي أن تكون قادرة على اكتشاف الجمال والاتساق والقدرة على بناء حكاية أو اكتشافها أو قراءتها.

وهكذا – ووفقا لبيان مركز أبوظبي للغة العربية – فقد استلهمت جائزة "سرد الذهب" أهدافها من أشعار الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لتكون منطلقا للجمع بين الإبداع والفكر، لصنع حركة فنية تجعل من تجربة الشيخ زايد الإبداعية محورا ونقطة انطلاق تأسيسا لإبداع جديد.

وتؤكد الجائزة على اهتمام مركز أبوظبي للغة العربية بالسرد الشعبي، لارتباطه بالوجدان العربي، وتكريم الكتابات السردية المتميزة، ونشرها والتعريف بأصحابها.

وكذلك سعى المركز لإلقاء الضوء على الأعمال القصصية الحديثة واكتشاف مواهب جديدة في هذا الفن وتكريم الكتابات المتميزة، وحماية فنون السرد الشعبي لتعزيز هوية الأجيال عن طريق ربطها بهذه الكتابات إبداعا ودراسةً.

كما تعد الجائزة تعبيرا عن اهتمام المركز بالسرد البصري الذي يُوثّق الحياة في الإمارات والعالم العربي عن طريق الصورة الفوتوغرافية والسينمائية، والحرص على تكريم رواة السير والآداب والسرود الشعبية محليا وعربيا، ودعم الأعمال المتميّزة التي تتناول السردية الإماراتية من جميع جوانبها إبداعا ودراسةً وتحليلاً.

وقد أعلن المركز عن تفاصيل الجائزة وشروط وطرق الترشح لها عبر موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت.

يُذكر أن مركز أبوظبي للغة العربية، تأسس كجزء من دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي لدعم اللغة العربية، ووضع الاستراتيجيات العامة لتطويرها والنهوض بها علميا وتعليميا وثقافيا وإبداعيا، ودعم البحوث والدراسات وتعزيز استخدام اللغة العربية في الأوساط العلمية والثقافية والإبداعية. ويعمل المركز لتحقيق هذه الأهداف عبر برامج متخصصة وشراكات مع كبرى المؤسسات الثقافية والأكاديمية والتقنية حول العالم، ومن بينها معهد العالم العربي بفرنسا، وجامعة ليبزغ الألمانية، وبريل للنشر بهولندا.

ويمارس مركز أبوظبي للغة العربية أعماله انطلاقا من مقره في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ويعنى بتشجيع النهوض باللغة العربية في جميع جوانب الحياة: الأكاديمية والثقافية والحياة العامة، وتقديم الدعم للباحثين والمهنيين والناشطين في شتى مجالات الدراسات العربية والشرق أوسطية، وتعزيز الاهتمام بتعلّم اللغة العربية بين الناطقين بها وغير الناطقين بها، وقيادة جهود البحث والتطوير اللغوي والدعم النشط للبحث ونقل المعرفة والإبداع والتأليف والترجمة والنشر.

وتقوم رؤية ومهمة المركز على ترسيخ مكانة أبوظبي ودورها في تعزيز حضور اللغة العربية وتمكينها وتحقيق ريادتها في المجالات الثقافية والإبداعية والتعليمية، والإسهام في النهوض باللغة العربية وتعزيز الاهتمام بتعلّمها بين الناطقين وغير الناطقين بها، وقيادة جهود البحث والتطوير اللغوي ودعم الإبداع والتأليف والترجمة والنشر.