مشاريع تركية في بنغازي ترجمة لتحسن العلاقات مع حكومة الشرق

تركيا تسعى إلى توطيد العلاقات مع الحكومة في شرق ليبيا للانخراط مع المنطقة حيث تملك العديد من مشاريع البناء غير المنتهية.

طرابلس - وقَّع مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا المكلف من مجلس النواب بلقاسم خليفة حفتر الثلاثاء، عقود عمل مع شركات تركية لتنفيذ عدة مشاريع في مدينة بنغازي، وذلك تمهيدًا لمباشرة أعمالها بالمدينة، في خطوة تعد امتدادا لسياسة تركيا في التقارب مع الشرق الليبي.

وقالت لجنة الإعمار والاستقرار المكلفة من مجلس النواب عبر صفحتها على فيسبوك إن بلقاسم وقع "مع كبرى الشركات التركية المتخصصة في مجال المقاولات العامة والتجهيزات والبنية التحتية، وذلك لمباشرة أعمالها لعدة مشاريع في مدينة بنغازي".

وأوضحت أن هذه المشاريع "تشمل صيانة واستكمال المكتبة المركزية لجامعة بنغازي وصيانة وتطوير محطات معالجة الصرف الصحي وصيانة وتنظيف بحيرة 23 يوليو لتحقيق هدف من أهداف التنمية المستدامة في مدينة بنغازي وضمان شواطئ نظيفة خالية من الملوثات".

ونوهت لجنة الإعمار والاستقرار بأن هذه المشاريع "ستمر قبل البدء الفعلي للأعمال بها لمرحلة الدراسة والتصميم، لضمان استدامتها وفعاليتها خدمةً للمواطن الليبي في مدينة بنغازي".

وخلال الأشهر الماضية وقَّع مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم خليفة حفتر العديد من عقود العمل مع شركات تركية وإماراتية من أجل تنفيذ العديد من مشاريع الإعمار لا سيما في المناطق المتضررة من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت مدينة درنة ومناطق الجبل الأخضر وكذلك مدينتي بنغازي وأجدابيا.

ولوحظ في الفترة الأخيرة تحسن في العلاقات بين تركيا قائد الجيش الليبي خليفة حفتر رغم أن أنقرة كانت سابقا قد دعمت حكومة فايز السراج لصد هجوم حفتر على طرابلس. في 2019.

لكن مجالات التعاون الوثيق بين أنقرة وطرابلس، لا تمنع تركيا من السعي إلى توطيد العلاقات مع الحكومة في شرق ليبيا. فالاجتماع الذي عقده الرئيس رجب طيب أردوغان في آب/أغسطس 2022 مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق وهو من داعمي حفتر، دليلٌ على استعداد تركيا للانخراط مع المنطقة الشرقية في البلاد، حيث تملك العديد من مشاريع البناء غير المنتهية. وفي مؤشّر أوّل على هذه الجهود، شاركت 38 شركة تركية و65 شخصية تركية من عالم الأعمال في معرض تجاري تركي أُقيم في بنغازي منذ فترة وجيزة.

وتشمل الأهداف الاستراتيجية لأنقرة في ليبيا تعزيز حضورها في شمال أفريقيا، وصون مصالحها الاقتصادية، وتوسيع نفوذها في المتوسط. حيث وقّعت تركيا وليبيا عددًا من الاتفاقات العسكرية والأمنية في الأعوام الأخيرة، حتى إن طرابلس ساهمت في استقرار الليرة التركية: ففي عام 2020، أودع المصرف المركزي الليبي، بحسب التقارير، 8 مليارات دولار أميركي في المصرف المركزي التركي، من دون فوائد لمدّة أربع سنوات.

وتتمسّك أنقرة باتفاقياتها الاستراتيجية الموقّعة مع حكومة الوحدة الوطنية على مرحلتين بين عامَي 2019 و2022، لكنّها منفتحة اليوم على قيادات شرق ليبيا التي رحّبت في ديسمبر/ كانون الأول 2022 بالسفير التركي في ليبيا كنعان يلمز وهو يزور بنغازي للمرّة الأولى منذ سنوات ويعلن قرار أنقرة إعادة فتح قنصليّتها هناك وعودة حركة الطيران التركي باتجاه شرق البلاد، كما شكرت أنقرة على المساعدات التركية العاجلة ووقوفها إلى جانب الشعب الليبي في مواجهة كارثة انهيار سدّ أدرنة قبل أشهر.

واتّخذ أردوغان خطوات عديدة للإبقاء على استراتيجيته في السياسة الخارجية تجاه ليبيا. وتشمل هذه الخطوات تعيين هاكان فيدان وزيرًا للخارجية، وهو رئيس سابق للاستخبارات وشخصية مرموقة في السياسة التركية-الليبية. واضطلع بدور لافت في سياسة بلاده حيال ليبيا ويلعب دورا بارزا في توطيد العلاقات مع ليبيا أكثر فأكثر.

ويرجح المحللون أن أردوغان سيمضي في ولايته الجديدة، على خيط رفيع، من أجل الحفاظ على العلاقات مع حكومة طرابلس وتوسيعها، في الوقت الذي سيعمل فيه أيضًا على السير قدمًا بالمصالحة مع بنغازي. قد يبدو الأمر مستحيلًا، ولكن في ضوء المصالحة الأخيرة بين تركيا وكل من الإمارات ومصر، اللتين لطالما قدّمتا الدعم للحكومة في بنغازي، لا يمكن أن إمكانية حدوث تطبيع تام بين بنغازي وأنقرة.