معارك ضارية بمحيط مستشفى الشفاء في غزة

الجيش الإسرائيلي يواصل العمليات في محيط مجمع المستشفى بمدينة غزة بعد اقتحامه منذ أكثر من أسبوع، مؤكدا أن قواته اعتقلت نحو 200 مسلح منذ بدء العملية.

غزة - اشتبكت قوات إسرائيلية ومقاتلون فلسطينيون عن قرب في محيط مستشفى الشفاء في غزة اليوم الخميس وقال الجناحان العسكريان لحركتي المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي إنهما هاجما قوات ودبابات إسرائيلية بصواريخ وقذائف هاون.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه واصل العمليات في محيط مجمع المستشفى بمدينة غزة بعد اقتحامه منذ أكثر من أسبوع. وأضاف أن القوات قتلت نحو 200 مسلح منذ بدء العملية "مع تفادي إلحاق الأذى بالمدنيين والمرضى والفرق الطبية والمعدات الطبية".

وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس إن جرحى ومرضى محتجزون داخل مبنى إداري في مجمع الشفاء غير مجهز لتقديم الرعاية الصحية. وأضافت أن خمسة مرضى توفوا منذ بدء الاقتحام الإسرائيلي بسبب نقص الغذاء والمياه والرعاية الطبية.

وكان الشفاء، وهو أكبر مستشفى في القطاع قبل الحرب، من مرافق الرعاية الصحية القليلة التي تعمل جزئيا في شمال غزة قبل الاقتحام الأحدث. كما كان المجمع يؤوي مدنيين نازحين.

وأظهرت لقطات وحدة الجراحة وقد تحولت إلى اللون الأسود بسبب النيران ووحدات سكنية مجاورة تشتعل فيها النيران أو مدمرة.

وقال الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في بيان "قصفنا بوابل من قذائف الهاون تجمعات لجنود العدو في محيط مجمع الشفاء غرب مدينة غزة" في عملية مشتركة.

وذكرت حركة الجهاد الإسلامي في بيان آخر أنها استهدفت دبابة إسرائيلية بصاروخ مضاد للدبابات خارج المستشفى. وقال الجيش الإسرائيلي إن مسلحين أطلقوا النار على قواته من داخل وخارج مبنى الطوارئ.

وتقول إسرائيل إنها تستهدف مقاتلي حماس الذين يستخدمون المباني المدنية، بما في ذلك المباني السكنية والمستشفيات، للاحتماء. وتنفي حماس ذلك.

وقال سكان إن القوات الإسرائيلية واصلت حصار مستشفى الأمل ومستشفى ناصر في خان يونس، كما تعرضت عدة مناطق أخرى جنوب مدينة غزة لهجمات إسرائيلية.

وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن القوات الإسرائيلية أطلقت سراح سبعة من طاقمها اعتقلوا خلال مداهمة مستشفى الأمل في التاسع من فبراير/شباط بعد أن قضوا 47 يوما في السجون الإسرائيلية.

وقال الهلال الأحمر في بيان إن مدير الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة محمد أبو مصبح كان من بين المفرج عنهم وأضاف أن القوات الإسرائيلية لا تزال تعتقل ثمانية أفراد من طواقم الجمعية.

وذكرت إسرائيل أن جنودا من قواتها الخاصة اعتقلوا عشرات المسلحين الفلسطينيين في منطقة الأمل وعثروا على متفجرات وعشرات من بنادق الكلاشنيكوف.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن مستشفى الأمل توقف عن العمل نتيجة القتال، ولم يتبق سوى عشرة مستشفيات تعمل جزئيا من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة.

وكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس في منشور على موقع التواصل الاجتماعي إكس اليوم الخميس "مجددا، تطالب منظمة الصحة العالمية بوقف فوري للهجمات على المستشفيات في غزة، وتدعو إلى حماية الطواقم الطبية والمرضى والمدنيين".

وفي رفح حيث نزح أكثر من مليون شخص، قال مسؤولو الصحة إن غارة جوية إسرائيلية على منزل أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص وعدة إصابات.

وتقول إسرائيل إنها تخطط لشن هجوم بري على رفح، حيث تعتقد أن معظم مسلحي حماس يختبئون حاليا. وتعارض الولايات المتحدة، المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل وأقرب حلفائها، مثل هذا الهجوم قائلة إنه سيعرض المدنيين الذين فروا إلى هناك لمخاطر كبيرة.

وأفاد غازي الآغا (60 عاما) بعد وصوله إلى رفح "اعتقلوا الكثير من الشباب من مستشفى ناصر فجر اليوم (الخميس). كنت في خيمة بالمستشفى وأخلينا بالليل. نادوا علينا بمكبر الصوت: اخرجوا وإلا قصفنا المباني. خرجتُ مع عشرات الناس. كانوا ينادون على الشباب. سمعتهم ينادون أحدهم: أنت يا أبو البنطلون الجينز، تعال! وطلبوا منه خلع ملابسه وفعلا خلعها وظل بلباسه الداخلي. وأخدوه. أكيد للاعتقال. كنا نسمع كل الوقت إطلاق نار وانفجارات".

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يواصل عملياته في مجمع الشفاء الطبي والأحياء المحيطة به في مدينة غزة وفي منطقة مستشفى الأمل الذي أغلقه وفي القرارة في خان يونس.

ويتهم الجيش حركة حماس "باستغلال المستشفيات بشكل منهجي لأغراض عسكرية، مستخدمة السكان المدنيين كدروع بشرية" ويقول إن عملياته تستهدف "البنية التحتية للإرهاب".

وناشد محمود بصل الناطق باسم الدفاع المدني في غزة العالم التحرك لوقف العمليات الجارية في محيط مجمع الشفاء. وقال في تصريح صحافي "ما يحدث عمليات قتل واستئصال وابادة جماعية للمواطنين ... عمليات مجاعة وفرض حالة صعبة على المواطن. منذ عشرة ايام لم يتحصل الواحد منهم على قطرة ماء من أجل أن يروي عطشه".

وقال إن فرقه تتلقى نداءات استغاثة لكن لا يمكنها دخول المنطقة. وأوضح أن "النساء محاصرات مع أطفالهن في المنازل في مربع المجمع ولا يمكنهم بأي حال الخروج لأنه أذا تحرك أحد يتم قتله، يتم قنصه من قبل قوات الاحتلال... لذلك، يجب أن يتوقف هذا على الفور وأن تنتهي هذه المجازر وهذه المهزلة التي تعيشها الأمة العربية ومنظمات حقوق الإنسان ومجلس الأمن وكل من يتحدث عن الانسانية يجب أن يتحمل مسؤولياته".

ولا تُعرف حصيلة القصف والمعارك في الشفاء والأحياء المحيطة حيث ذكر شهود عيان أن الجيش اعتقل المئات من الرجال والشباب وحتى أطفال وقصف عشرات المنازل ودمرها وأرغم السكان على النزوح باتجاه الجنوب.

وقال كرم أيمن حتحت (57 عاما) الذي يعيش في مبنى من خمسة طوابق على بعد 100 متر من الشفاء "بقيت في المطبخ عدة أيام. كانت الانفجارات تهز المبنى. القوات الإسرائيلية أجبرت الرجال على خلع ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية. رأيتهم يعتقلون أربعة. وكان الباقون معصوبي الأعين وأمروهم باتباع دبابة بينما دوت الانفجارات من حولهم".

وقال عابد رضوان (63 عاما) الذي نزح إلى دير البلح وكان على بعد 200 متر من المجمع إن "القوات الإسرائيلية اقتحمت جميع مباني ومنازل منطقة الرمال واعتقلت عدة أشخاص وأجبرت الباقين على السير جنوبا. سرت معهم، وشاهدت جثثا كثيرة بعضها متحلل في الشوارع، ومنازل سُويت بالأرض. لم يتركوا شيئا على حاله، كل شيء دمروه".

وأكد الجيش أنه اشتبك مع مقاتلين وقتل 200 منهم واعتقل المئات منذ توغلت دباباته في الأحياء المحيطة بمجمع الشفاء الذي اقتحمه فجر 18 مارس/آذار للمرة الثانية منذ نوفمبر/تشرين. كما قتل "عشرات" آخرين واعتقل "العشرات" في منطقة مستشفى الأمل الذي أجلى كل من فيه وأغلقه في ثاني عملية تستهدفه وفق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

وقالت الجمعية الخميس إن الجيش أفرج عن سبعة من طاقمها بعد 47 يوما من اعتقالهم عندما اقتحم مستشفى الأمل في 9 فبراير/شباط، وبينهم مدير الاسعاف والطوارىء، محمد أبو مصبح. وما زال مصير ثمانية آخرين مجهولا.