مقاطعة المنتوجات الغربية تجتاح العالم العربي تضامنا مع غزة

منشورات تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن العلامات التجارية التي تُتهم بأنها تدعم إسرائيل مع شعار "لا تساهم في ثمن رصاصهم".

المنامة - اكتسبت حملة مقاطعة المنتجات الغربية على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة زخمًا كبيرًا في العالم العربي وتحظى دعوات الامتناع عن شراء أي سلع أوروبية على مواقع التواصل الاجتماعي بتأييد واسع، فيما يعتبرها العديد من النشطاء أفضل عقاب للدول الداعمة والمتضامنة مع الدولة العبرية.

في أحد متاجر البحرين تحمل جنى عبدالله البالغة 14 عامً جهازًا لوحيًّا أثناء تسوّقها مع والدتها، لتُراجع قائمة بأسماء منتجات غربية بهدف عدم شرائها، في وقت تواصل إسرائيل حربها على حركة حماس في قطاع غزة.

وانضمّت جنى وشقيقها علي البالغ عشرة أعوام واللذان كانا قبل بدء الحرب يتناولان يوميًا وجبات سريعة من "ماكدونالدز"، إلى كثرٍ في الشرق الأوسط في حملة لمقاطعة منتجات وشركات عالمية كبرى يعتبرون أنها تدعم إسرائيل.

وتقول جنى "لقد بدأنا بمقاطعة كل المنتجات التي تدعم إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين، لا نريد أن تساهم أموالنا في مزيد من المعارك"، مشيرةً إلى أنها تبحث عن منتجات محلية بدلًا من تلك المستوردة المرتبطة بحلفاء إسرائيل وخصوصًا الأميركية.

وتنتشر دعوات مقاطعة المنتجات الغربية، التي يطلقها شباب متمرّسون في مجال التكنولوجيا، على مواقع إلكترونية مخصصة وتطبيقات على الهواتف الذكية تحدد المنتجات التي يطالبون بعدم شرائها.

ويعمل ملحق لمتصفح "غوغل كروم" سُمّي "بالستاين باكت" PalestinePact (أو ما ترجمته ميثاق فلسطين)، على إخفاء منتجات واردة في إعلانات عبر الإنترنت في حال كانت مدرجة على قائمة المقاطعة.

وتُستخدم الطرق التقليدية أيضًا، فعلى جانب طريق سريع يتضمن أربع خطوط في الكويت، تُظهر لوحات إعلانية عملاقة صورًا لأطفال ملطّخين بالدماء. وأُرفقت الصور بشعار صادم يقول "هل قتلتَ اليوم فلسطينيًا؟" مع هاشتاغ #مقاطعون، في رسالة موجّهة إلى المستهلكين الذين لم ينضموا إلى حملة المقاطعة بعد.

ويعتبر عضو "حركة مقاطعة الكيان الصهيوني" في الكويت مشاري الإبراهيم أنّ "ردود الفعل الغربية بعد العدوان الذي استهدف غزة عزّزت انتشار المقاطعة في الكويت وولّدت صورة ذهنية لدى الكويتيين بأن شعارات الغرب وما يُردّده عن حقوق الإنسان لا يشملُنا"، مضيفا "المقاطعة واضحة لحدّ الآن وردود فعل وكلاء العلامات التجارية داخل البلاد تؤكد تأثير" الحملة.

ووجدت سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" نفسها هدفًا رئيسيًا بعد أن أعلن فرعها في إسرائيل الشهر الماضي أنه قدّم آلاف الوجبات المجانية للجيش الإسرائيلي، ما أثار استياء الرأي العام العربي.

"المقاطعة واضحة لحدّ الآن وردود فعل وكلاء العلامات التجارية داخل البلاد تؤكد تأثير الحملة".

ونشرت فروع ماكدونالدز في عدد من الدول العربية بيانًا صادرًا عن مجموعة "ماكدونالدز العالمية" تؤكد فيه أن لا علاقة لها بـ"التصرف الفردي" من قبل الوكيل في إسرائيل وأنها "لا تموّل أو تدعم بأي شكل من الأشكال أي حكومات أو جهات داخلة في هذا الصراع".

وأعلنت شركة "ماكدونالدز الكويت" وهي وكالة منفصلة في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي التبرّع بـ"خمسين ألف دينار كويتي (أكثر من 160 ألف دولار) لأهلنا في غزة"، مؤكدة أن متجرها "يقف مع فلسطين"، كما قدّمت "ماكدونالدز قطر" مليون ريال قطري (نحو 275 ألف دولار) "للمساهمة في جهود إغاثة أهالي غزّة".

وفي قطر، أُرغمت بعض الشركات الغربية على الإقفال بعد أن قامت إداراتها بنشر محتوى مؤيد لإسرائيل على شبكات التواصل.

وأغلقت فروع مقهى "بورا فيدا ميامي" Pura Vida Miami الأميركي ومتجر "ماتر شو" Maitre Choux للحلويات الفرنسية أبوابها في الدوحة الشهر الماضي.

وفي مصر، لاقت شركة المياه الغازية المصرية "سبيرو سباتس"، التي كانت شعبيتها ضئيلة جدًا، رواجًا كبيرًا كبديل للعلامتين الشهيرتين "بيبسي" و"كوكاكولا".

ونشرت الشركة التي تأسست عام 1920، بيانًا على صفحتها على "فيسبوك" يفيد بتلقيها أكثر من 15 ألف سيرة ذاتية عندما أعلنت طلبها موظفين جددًا لتلبية رغبتها في توسيع النشاط التجاري بعد الإقبال الكبير على منتجاتها، غير أنّ الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية حذّر من أن المقاطعة قد يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد المصري.

وأكد الاتحاد في بيان أن "مثل تلك الحملات لن يكون لها أي تأثير على الشركات الأم لأن الفروع المحلية تعمل بنظام الامتياز التجاري وبالتالي فإن الأثر سيكون فقط على المستثمر المصري والعمالة المصرية".

وانتشرت النكات والتعليقات الساخرة في هذا الصدد إذ كتب مستخدم تعليقًا على إحدى صور منتجات عصير محلي "هذه المقاطعة جعلتنا نتعرف على منتجات لم نكن نريد أن نتعرف عليها".

وفي الأردن، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تشير إلى العلامات التجارية التي تُتهم بأنها تدعم إسرائيل مع شعار "لا تساهم في ثمن رصاصهم".

وفي أحد متاجر العاصمة عمّان، يحدّق أبوعبدالله جيّدًا في زجاجة حليب ويقول لابنه عبدالله البالغ أربع سنوات "هذا جيّد، إنه مصنوع في تونس"، مضيفا "هذا أقلّ ما يمكن أن نفعله من أجل أشقائنا في غزة"، مؤكدًا أنه "ينبغي علينا المقاطعة".