ممانعة بريطانية لصفقة تلغراف تعري تعاملا انتهازيا مع الاستثمارات الاماراتية

لندن تتجه الى فتح تحقيق في استحواذ تقوده الإمارات على الصحيفة في خطوة قد تفضي إلى قانون جديد لوقف الصفقة بذرائع واهية حول مخاوف على حرية التعبير تقف وراءها قوى محافظة.

لندن - قالت لوسي فريزر وزيرة الدولة للشؤون الرقمية وشؤون الثقافة والإعلام والرياضة في بريطانيا إن البلاد ستقرر الثلاثاء ما إذا كانت ستبدأ تحقيقا وافيا في استحواذ تقوده الإمارات على صحيفة تلغراف، وهي خطوة قد تفضي إلى قانون جديد مقترح لوقف الصفقة بذرائع واهية حول مخاوف على حرية التعبير تقف وراءها قوى محافظة.

وتعدل الحكومة تشريعا لمنع الدول الأجنبية من امتلاك الصحف استجابة لمخاوف المشرعين بشأن محاولة شركة ريد بيرد آي.إم.آي المدعومة من أبوظبي ونائب رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ منصور لشراء صحيفة تلغراف.

وأوضحت فريزر لإذاعة إل.بي.سي أن "التشريع سيدخل حيز التنفيذ بعد الموافقة الملكية، والتي أعتقد أنها ستتم في غضون شهر أو شهرين تقريبا...إذا كانت مسألة تلغراف لا تزال قائمة، فسوف يؤثر عليها.

وتغيير بريطانيا القانون لكي تحظر على الدول الأجنبية امتلاك صحف بريطانية أو التأثير فيها أو السيطرة عليها، وهو تحرك من شأنه تهديد عرض مجموعة ريد بيرد آي.إم.آي للاستحواذ على صحيفة ذا تلغراف.

ونقلت بلومبرع نيوز الاثنين الماضي عن مصادر مطلعة قولها إن نيوز كورب المملوكة لروبرت مردوخ والشركة المالكة لصحيفة ديلي ميل تجريان محادثات حول استحواذ مشترك محتمل على صحيفة تليجراف جنبا إلى جانب مع مجموعة "ريد بيرد آي.إم.آي" الاستثمارية المدعومة من الإمارات.

وجاء في تقرير بلومبرغ أن العرض المشترك من الأطراف الثلاثة قد يؤدي إلى فوز ريد بيرد آي.إم.آي بحصة أصغر في الصحيفة.

واندلعت معركة على الملكية العام الماضي عندما سيطر بنك لويدز على الصحيفة ومجلة "سبكتاتور"، بعد نزاع طويل الأمد بشأن ديون حجمها 1.2 مليار جنيه إسترليني مستحقة على عائلة باركلي التجارية.

إذ لعبت شركة "ريد بيرد آي.إم.آي" المدعومة من نائب رئيس الإمارات، دورًا في استعادة العائلة البريطانية السيطرة على الصحيفة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن طريق المساعدة في سداد الديون.

وكان من المقرر بموجب الخطة أن تسيطر الشركة المدعومة من الشيخ منصور بن زايد سريعًا على أصول المجموعة الإعلامية من خلال مبادلة الديون بأسهم، إلى أن تدخلت الحكومة.

وأثارت المعركة حول واحدة من أشهر الصحف البريطانية التي يرجع تاريخها إلى ما يقرب من 170 عامًا، أسئلة حول استقلال الإعلام ودور المستثمرين الأجانب الذين يستحوذون على أصول من شأنها تقويض حرية الصحافة.

خيبة أمل شديدة

واطلقت عملية الاستحواذ المدعومة من أبوظبي على الصحيفة التي تعبر عن وجهات نظر من داخل حزب المحافظين الحاكم مخاوف من تأثر التقارير الإخبارية بالنفوذ الأجنبي، وهو الأمر الذي يقول معارضون إنه قد يهدد الديمقراطية في بريطانيا، لكنه يبدو مفهوما اكثر ضمن توجهات القوى المحافظة التي تحمل تصورات معادية للأجانب عموما والعرب بشكل خاص.

ورفضت ريد بيرد التعقيب، وكانت أعربت في الماضي عن "خيبة أمل شديدة" إزاء القيود المقترحة على سيطرة وسائل الإعلام الأجنبية، قائلة إنها سوف "تقيم الآن خطواتنا المقبلة، ولا تزال المصالح التجارية هي الأولوية الوحيدة".

قرار بمعايير مزدوجة تحكمه روح محافظة

وفي حديثه في مجلس اللوردات الاربعاء، أكد وزير الثقافة ستيفن باركنسون التقارير التي تفيد بأن الحكومة ستشدد تشريعات المنافسة التي يتم مناقشتها حاليًا داخل البرلمان. وسيخضع الاقتراح للتصويت في مجلسي الشيوخ والنواب قبل أن يصبح قانونًا في المملكة المتحدة.

وقال باركنسون "سنعدل نظام دمج وسائل الإعلام بشكل صريح لاستبعاد عمليات دمج الصحف والمجلات الإخبارية الدورية التي تنطوي على ملكية أو نفوذ أو سيطرة دول أجنبية".

 وقال إن الهدف هو الحد من "ملكية الدولة الأجنبية" وبالتالي لا يستبعد الشركات الأجنبية، مثل شركة روبرت مردوخ نيوز كورب، من الاستمرار في امتلاك الصحف البريطانية.

وقال وزير الثقافة إن الحظر المفروض على ملكية الدولة الأجنبية لن ينطبق على محطات البث أو وسائل الإعلام الرقمية، مما يزيد الشعور بأن تدخل الحكومة مدفوع بالغضب الذي أثارته صحيفة التلغراف.

وأضاف أنه بعد تغيير القاعدة، سيكون المنظمون ملزمين بالتحقيق فيما إذا كانت عملية الاستحواذ تنطوي على استحواذ دول أجنبية على حصة مسيطرة في شركات الإعلام البريطانية. وإذا وجدوا أن الأمر كذلك، فسوف يُطلب من وزير الثقافة إصدار أمر بحظر الصفقة أو فسخها.

وفي تصريح يعبر عن الروح الانتهازية التي تطبع هذا التمشي، قال باركنسون إن الحكومة تريد التأكد من أن الاقتراح ليس له “آثار غير مرغوب فيها” على الاستثمار التجاري الأوسع في وسائل الإعلام البريطانية، بما في ذلك الاستثمار السلبي الذي تقوم به الصناديق بما في ذلك صناديق الثروة السيادية. وسيضع الوزراء تشريعًا ثانويًا لإعطاء مزيد من التفاصيل حول “العتبة المنخفضة جدًا التي قد يُسمح لهم بالاستثمار عندها".

وهذه ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها الحكومة البريطانية لمنع صفقات شراء امارتية.

ومطلع العام 2024  اصطدمت صفقة استحواذ مجموعة الإمارات للاتصالات على حصة في شركة فودافون برفض من الحكومة البريطانية، في خطوة غريبة خاصة وأن لندن فسّرت قرارها بوجود مخاوف إزاء الأمن القومي، رغم أنها اعلان سابق عن موافقتها على العملية.

وزعمت لندن أنذاك أن حصة مجموعة الإمارات للاتصالات في فودافون تمثل خطرا على الأمن القومي فيما يتعلق بالعقود الحكومية والأمن الإلكتروني، مضيفة أنه يتعين على فودافون اتخاذ خطوات لإدارة المخاطر.