مواجهات بين عسكريين متقاعدين وقوات الأمن اللبناني

مئات من الضباط المتقاعدين يحتشدون أمام مقرّ الحكومة محتجين على تدنّي قيمة رواتبهم أمام الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار.
أطباء لبنان يدخلون في إضراب مفتوح إلى حين الزيادة في رواتبهم
سعر صرف الدولار الأميركي يقفز إلى 109 آلاف ليرة لبنانية

بيروت - تصدّت قوات الأمن اللبناني اليوم الأربعاء لمتظاهرين حاولوا اقتحام السراي الحكومي وسط العاصمة بيروت، خلال مظاهرة نظمها عسكريون متقاعدون انقلبت إلى مواجهات بين الجانبين، في وقت تتصاعد فيه احتجاجات اللبنانيين على تدني أوضاعهم المعيشية في ظل الانهيارات المتتالية لليرة اللبنانية وتفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة.

ونفذ مئات العسكريين المتقاعدين وقفة احتجاجية أمام مقرّ الحكومة، احتجاجًا على تدنّي قيمة رواتبهم أمام الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية.
وشارك في الوقفة التي دعا إليها "حراك العسكريين المتقاعدين" عدد من الضباط والعناصر المتقاعدين من كل المناطق اللبنانية، وسط استنفار أمني مكثف.
وتأتي الدعوة إلى التظاهر على وقع التفلت والتلاعب الحاصل في سعر صرف الدولار الأميركي الذي بلغ الثلاثاء 145 ألف ليرة نهارا قبل أن يتهاوى ليستقرّ صباح اليوم الاربعاء عند 109 آلاف ليرة للدولار الواحد، بينما قفز سعر صفيحة البنزين إلى أكثر من مليوني ليرة (نحو 18 دولارا حسب السوق الموازية).
ورفع المتظاهرون الأعلام اللبنانية ولافتات بمطالبهم، وسط حالة من الغضب الشديد تجاه ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، لكن الحراك سرعانما تطور إلى فوضى ومواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية، بعدما عمد عدد من المحتجّين إلى محاولة اقتحام السرايا الحكومي.
وتدخلت عناصر مكافحة الشغب لصدّ المتظاهرين وألقت تجاههم قنابل مسيّلة للدموع، ما أسفر عن حالات اختناق وإصابات بين العسكريين المتقاعدين.
وتلا أحد العسكريين المتقاعدين خلال الوقفة بيانًا باسم "تنسيقية الدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين" (خاصة)، تضمّن مطالب عدة أهمها: تثبيت رواتبهم على سعر صيرفة 28500 ليرة كما كان معتمدًا في تاريخ صدور موازنة 2022.
ودعا المتقاعدون في البيان إلى رصد الأموال اللازمة لتغطية نفقات الاستشفاء 100في المئة على نفقة الدولة لجميع الأسلاك العسكرية خاصة قوى الأمن الداخلي والضابطة الجمركية وتغطية المنح المدرسية للمتقاعدين.

وقال محمد الخطيب (59 عاما)، الذي خدم في الجيش لمدة 32 عاما، إنهم يعانون هم وأطفالهم من الجوع، مضيفا أنهم تركوا الخدمة في الجيش معدومين دون رعاية صحية أو اجتماعية وخرج أطفالهم من مدارسهم بينما ترتفع الأسعار بشكل جنوني.

وقال العميد المتقاعد خالد نعوس (70 عاماً) "كان راتبي حوالى أربعة آلاف دولار قبل الأزمة وهو يعادل 150 دولارا اليوم".

وتابع "نشعر بالذل بينما نحاول أن نعيش حياة كريمة لأننا غير قادرين على تأمين مستلزمات منزلنا ... بلغنا مرحلة اليأس، إذ أخذت المصارف تعويضات تقاعدنا ولم تبق لنا رواتب ولهذا ننزل اليوم إلى الشارع".

ويتقاضى موظفو القطاع العام في لبنان رواتبهم بالدولار على سعر صرف يحدده المصرف المركزي بناء على العرض والطلب والذي ضبطه الثلاثاء حاكم المصرف رياض سلامة عند 90 ألف ليرة للدولار الواحد.

بدورها أعلنت رابطة موظفي نقابة أطباء لبنان في بيروت اليوم الأربعاء الإضراب المفتوح اعتبارًا من صباح اليوم وحتى تحقيق مطالبها بتحسين أوضاعها المعيشية ورواتبها، موضحة أن رواتب الموظفين أصبحت لا تكفي بدل النقل للوصول إلى مكان العمل.
وكان مجلس نقابة صيادلة لبنان قد دعا الثلاثاء الصيدليات إلى "الإقفال بسبب الانهيار الحاصل دون أي مبالاة لدى المسؤولين وبعد توقّف الشركات والمستودعات عن تسليم الأدوية للصيدلية بشكل شبه كلّي منذ أكثر من أسبوعين وبعد إفراغ الصيدليات من الأدوية". 
ويعاني اللبنانيون منذ عام 2019 من أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي لقيمة الليرة، فضلا عن شح الوقود والأدوية وانهيار القدرة الشرائية، فيما لا تلوح أي بوادر انفراج في الأفق أمام تواصل معضلة الشغور الرئاسي وعجز حكومة محدودة الصلاحيات عن اتخاذ قرارات تحول دون مزيد احتقان الأوضاع.

وأعلنت جمعية المصارف اللبنانية مؤخرا أن البنوك الخاصة في البلاد باتت خالية من السيولة، إذ يفرض مصرف لبنان المركزي قيودا تمنعها من سحب ودائعها بالدولار، فيما فقد قطاع واسع من اللبنانيين ثقتهم في المؤسسات البنكية.