ميناء الداخلة يعزز دخول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي

مشروع مهيكل ولبنة أساسية لتنفيذ النموذج الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة سيكون بوابة المغرب نحو العالم على المستوى الإفريقي والدولي.

الرباط -  تسير أعمال تجهيز البنية التحتية لمشروع "ميناء الداخلة الأطلسي" وفق الجدول المخطط لها حيث تم الانتهاء من الأشغال التحضيرية ويجري إعداد الكتل الخرسانية ومواد البناء لإنجاز المنشآت النهائية للميناء الذي يراهن عليه المغرب لجعل الواجهة الأطلسية بجنوب المملكة واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي والإشعاعين القاري والدولي إلى جانب ميناء طنجة المتوسط.

ووصف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مشروع إنجاز ميناء الداخلة المتوسطي بالمبادرة الملكية التي تدخل في إطار الإبداع الملكي للعاهل المغربي الملك محمد السادس". مشددا على أن هذا الإبداع سيعزز دخول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي.
 وأضاف أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار في كلمة له أمام أعضاء حزبه في الداخلة وادي الذهب أن "الحكومة تواصل إنجاز أشغال بناء ميناء الداخلة الأطلسي بتكلفة قدرها 12.65 مليار درهم (1.1 مليار دولار) والذي ينتظر أن يلعب دورا مهما في تنشيط السياحة بالأقاليم الجنوبية فضلا عن دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة".

ويكتسب المشروع أهمية إستراتيجية بالنسبة لإفريقيا الغربية والأقاليم الجنوبية للمغرب، حيث سيتيح دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية في جميع القطاعات الإنتاجية (الصيد البحري، الزراعة، التعدين، الطاقة، السياحة، التجارة، الصناعات التحويلية، إلخ).

ومن جهة أخرى سيمكن من تزويد المنطقة ببنية تحتية لوجستيكية حديثة ومتطورة. تتيح استقطاب الفرص المستقبلية التي يوفرها قطاع النقل البحري على المستوى الدولي. فمن بين أهداف هذا المشروع الملكي توفير المئات من مواطن الشغل لسكان الصحراء المغربية في مختلف المجالات تجسيدا للرؤية التي يحرص العاهل المغربي على تنفيذها وتقوم على إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة ويكون في خدمة أهاليها وهو ما أكده خلال خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الـ48  للمسيرة الخضراء.

وشدد أخنوش على أن "هذا الميناء هو مشروع ضخم ومتعدد الأبعاد وهو يعد من بين المشاريع الكبرى التي تعرفها البنيات التحتية بالمغرب إضافة إلى أنه مشروع مهيكل للجهة ولبنة أساسية لتنزيل النموذج الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة، وسيكون بوابة المغرب نحو العالم على المستوى الإفريقي والدولي".

وأكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار أن "هناك أولويات بجهة الداخلة وادي الذهب سنعمل على جعل هذه الأوليات في صلب المشاريع الموجهة لتلبية احتياجات المواطنات والمواطنين".

الرؤية الملكية تستهدف توفير المئات من مواطن الشغل لسكان الصحراء المغربية
الرؤية الملكية تستهدف توفير المئات من مواطن الشغل لسكان الصحراء المغربية

ويتكون المشروع من ثلاثة أحواض مخصصة للتجارة والصيد البحري وإصلاح السفن وتشرف على بنائها مقاولات مغربية وخبرات وطنية.

وتتطلع المملكة إلى البدء في استغلاله في العام 2028 مثلما هو مقرر ليكون بوابة المغرب على أفريقيا وأوروبا، كما سيعطي دفعة قوية للتنمية في الأقاليم الجنوبية. في إطار خطوات المغرب المتسارعة في تنفيذ برنامج تنمية وتحولات ضخمة يقودها الملك محمد السادس مع انفتاح مدروس ووازن على العمق الأفريقي وتعزيز الواجهة الأطلسية للمملكة وصحرائها التي تصدرت الاهتمام والرعاية ضمن رؤية ملكية طموحة وواعدة تروم تحويل الصحراء المغربية إلى قطب استثمار عالمي.

ويقف مشروع ميناء الداخلة الأطلسي شاهدا على التحولات العميقة مع انطلاق قطار التنمية في الأقاليم الجنوبية تأسيسا وتأهيلا للمجال الساحلي المغربي، بما في ذلك الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، بوابة لفضاء التواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي.

ويعكس هذا المشروع التزام المغرب بعمقه الأفريقي، فيما يجمع خبراء على أن ميناء الداخلة الأطلسي سيشكل قطبا اقتصاديا بمواصفات عالمية، مشيرين إلى أنه سيعزز مكانة المملكة كملتقى للخطوط الملاحية الدولية بما أنه سيستقبل سفن التجارة والصيد البحري.

وكان نزار بركة وزير التجهيز والماء المغربي قد أكد في إفادة قدمها لمجلس النواب في ديسمبر/كانون الأول أن أشغال بناء الميناء  تقدمت بنحو 12 في المئة، لافتا إلى أن "هذا المشروع الضخم سيكرس الجهة كقاطرة للتنمية ووجهة أساسية للمبادلات بين أوروبا والمغرب وإفريقيا جنوب الصحراء وتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين المغرب وعمقه الإفريقي"، مشيرا إلى أن "الحكومة المغربية وضعت ضمن أولوياتها ضرورة إنجاز هذا المشروع بالجودة العالية المطلوبة وفق الجدولة الزمنية المحددة".

وبالموازاة مع مشروع ميناء الداخلة الأطلسي تشهد مدن الصحراء المغربية تنفيذ حزمة من المشاريع البنيوية الأخرى من بينها الطريق السريع تيزنيت - الداخلة بطول 1055 كلم وتهيئة منطقة للأنشطة الصناعية واللوجستية في جهة جماعة المرسى بمدينة العيون بالإضافة إلى خطط لتشييد محطات لتحلية المياه لتشجيع السكان على الأنشطة الزراعية.

وأوضح رئيس مجلس جهة الداخلة-وادي الذهب، الخطاط ينجا، أن هذه المشاريع وغيرها من المشاريع المهيكلة في إطار برنامج التنمية الجهوية، تتقاطع مع باقي البرامج الوطنية الرامية إلى تعزيز إشعاع الأقاليم الجنوبية وجعلها تضطلع بدورها كجسر اقتصادي واجتماعي للتعاون بين المملكة وعمقها الإفريقي.

وذكر بالنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015، والذي أضحت بفضله هذه الجهات أقطابا تنافسية تخلق الثروة ومناصب الشغل، وذات إشعاع وطني وجهوي ودولي.

وأشار إلى أن المشاريع المتضمنة في النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية سجلت مستويات عالية من الإنجاز بلغت أكثر من 80 بالمئة، مبرزا أن جهة المنطقة حظيت بمشاريع هامة، منها توسعة الطريق الوطنية بين العيون والداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي ، ولافتا إلى العمل على توسيع الطريق بين الداخلة والكركارات، لتسهيل مرور المسافرين وكذلك البضائع من وإلى إفريقيا جنوب الصحراء، بهدف تعزيز دور الجهة كقاطرة بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء.

وأشادت دول عديدة بالطفرة التنموية التي تشهدها مدن الصحراء المغربية، فيما باءت كلّ محاولات جبهة بوليساريو الانفصالية للتشويش على هذه الإنجازات بالفشل.

وأشار تقرير نشره معهد 'ستراتفور' الأميركي للدراسات الإستراتيجية والأمنية إلى أهمية الاستثمارات الأجنبية في الصحراء المغربية في تعزيز موقف المملكة بشأن قضيتها الوطنية"، في وقت يتزايد فيه التأييد الدولي للمقترح الغربي حول الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحلّ الأكثر واقعية وجدية.