'مُسافر' قصة الإنسان التائه بين القرارات

الكاتب فهد مسافر عبدالكريم يتناول في روايته سيرة حياة عائلته أثناء الغزو العراقي للكويت في تسعينيات القرن العشرين.

بغداد - بين حُلم طفل بغزو الفضاء وصدمته بغزوٍ جائر، يكتب فهد مسافر عبدالكريم في "مُسافر" سيرة حياة عائلته أثناء الغزو العراقي للكويت في تسعينيات القرن العشرين، يرويها بذاكرة طفل لا يعرف معنى "غزو" ولا "حرب". طفل يحلم أن يصبح رائد فضاءً عندما يكبر ولا يهمه سوى التحليق بدراجته في الحيّ الذي يقطن وسماع أغنيته المفضلة لمايكل جاكسون  "Just Beat It"، ثم التهام الهمبرغر برفقة الأصدقاء والعائلة، هذا كله قبل أن تتحول أحلام الطفولة إلى كارثة لم يكن عقله البريء يتهيأ لاستيعابها.. هكذا ببضع عبارات سمعها ذات يوم سوف تُسرق أحلام طفولته وتذهب أدراج الرياح وهو يرى والده في لحظة مودعا العائلة ومغادرا إلى مصيره المجهول...

هذا الكتاب الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون والذي جاء في 142 صفحة يهديه فهد مُسافر عبدالكريم إلى والده المسافر بين طيّات الألم والخذلان. يهديه إلى الألمِ الذي خَلق كلماته معا وإلى الإنسان حين تُبخس قيمتهُ ويفنى بين أصوات الحرب. يهديه إلى الحاضرين الذين فُقدوا... والغائبين الذين رحلوا... بهذه العبارات الشاعرية المؤثرة وغيرها يُعبّر الكاتب عن حياة كاملة عاشها طفلاً ولم تغادر وجدانه حتى زمن كتابة سطور الرواية.

قدَّم الكاتب فهد مسافر عبدالكريم لروايته بتعريف وفيه يقول: "هذا الكتاب يحكي قصة الإنسان التائه بين القرارات، والمفقود بين الاجتماعات والمؤتمرات السياسية، ولكنه بات يعرف بوصلة اتجاهه. تلك الحروب التعيسة التي تبتلع ضحاياها في لحظة، ضحايا الحروب التي تُقتل ويُقتل معها طموحها وآمالها وأحلامها. مُسافر هي رحلة من رحلات عديدة".

من عوالم الرواية نقرأ:

"في حكايتي ورحلتي.. هنا كنتُ الطفل الذي رأى الحرب.. ضياع.. تشتُّتت.. فقدان للنفس.. حطام.. عدد الصواريخ التي أُطلقت.. عدد الطلقات التي رُميت.. كم عائلة فقدت أحلامها.. كم طفلٍ فقد (مُسافرَهُ) أنتم تحسبون خسائركم الماديَّة.. ونموت مع خسائرنا العاطفيَّة.. ونتحسَّر على خساراتنا.. أُهدي رحلتي إلى كل طفل سار بذلك المسير.. أطفال الحروب.. أولئك الذين رأوا.. كن حذرا.. حين تسأل طفلك.. ماذا تحلم أن تصبح حين تكبر.. !!؟؟".