7 سنوات سجنا لوزير دفاع كويتي أسبق في قضية فساد

محكمة التمييز الكويتية تطوي صفحة من ملف أحد أكبر قضايا الفساد متهم فيها وزير دفاع أسبق ورئيس وزراء أسبق وعدد من كبار المسؤولين السابقين.

الكويت - طوت محكمة التمييز الكويتية وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد اليوم الأحد آخر صفحة في قضية فساد كبرى أثارت جدلا وسجالات سياسية واسعة تتعلق باختلاس أموال طائلة من صندوق الجيش متهم فيها وزير الداخلية وزير الدفاع الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح ومسؤولين آخرين إلى جانب رئيس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح.

وقضت بحبس خالد الجراح 7 سنوات مع الشغل والنفاذ وبراءة الملحق العسكري السابق في لبنان عادل العنزي، بينما امتنعت عن النطق بعقاب الشيخ جابر المبارك الصباح، مكتفية بإلزامه برد مبالغ مالية في تهم تتعلق بإساءة استخدام أموال الصندوق.

وبذلك تكون المحكمة قد أسدلت الستار على القضية المثيرة للجدل والتي تعكس إلى جانب قضايا أخرى محل متابعة حجم استشراء الفساد في الإمارة الخليجية.

ومحكمة التمييز تعتبر أعلى هيئة قضائية وهي آخر درجات التقاضي في دولة الكويت معنية بالتأكد من حسن سير العدالة عبر إشرافها على تفسير القانون وتطبيقه وتوحيد أحكام القضاء والقواعد القانونية المنظمة لها.

وهي بذلك المحكمة العليا في البلاد تليها محاكم الدرجة الثانية المتمثلة في محكمة الاستئناف التي كانت تنظر في الطعون بالتمييز إضافة لقضايا الاستئناف وذلك قبل إنشاء محكمة التمييز في عام 1990.

والأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف محل للطعن بالتمييز أمام محكمة التمييز، وهي التي تُسمّى في بعض الدول العربية باسم محكمة النقض.

وكانت محكمة الوزراء قد قضت ببراءة الشيخ جابر المبارك ووزير الداخلية والدفاع الأسبق الشيخ خالد الجرّاح ووكيل وزارة الدفاع السابق جسار الجسار وفهد الباز (ملحق عسكري سابق في لندن) وعلي العساكر (ملحق عسكري سابق في البحرين) وعادل العنزي (ملحق عسكري سابق في لبنان) وسمير مرجان (أمين صندوق الجيش السابق بوزارة الدفاع) وحمد البنوان (أمين صندوق الجيش) ووائل الفريح (مدير مكتب وزير الدفاع) من جميع التهم.

وكانت محكمة التمييز قد أرجأت النطق بالحكم في قضية صندوق الجيش إلى جلسة اليوم الأحد السادس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وتتعلّق القضية بملف فساد كبير يتمثل في الاستيلاء على مبلغ قدر بـ800 مليون دولار من أموال الصندوق المخصص لمساعدة العسكريين.

ويحاكم في القضية عدّة مسؤولين في الدولة أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك الصباح ووزير الداخلية الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح. وقد حصلوا جميعا على حكم بالبراءة من محكمة الوزراء في مارس الماضي.

ورافق القضية تطورات مثيرة فقبل أكثر من أسبوع تعرض رئيس الدائرة الأولى في محكمة التمييز المستشار سلطان بورسلي إلى محاولات ترهيب من خلال تهديده بالقتل ومحاولة حرق سيارته وسور منزله من قبل مجهولين.

لكن الشيخ جابر علق على الحادثة معبّرا عن استيائه من ربطها بقضية صندوق الجيش التي يحاكم فيها. وقال في بيان صحفي "إن محاولة التأثير على السلطة القضائية ترهيبا أو ترغيبا هي مساس بأهم مقومات كيان الدولة والملقى على عاتقها تطبيق العدل".

ووصف ربط تهديد المستشار بورسلي بالقضية بالأكاذيب والسلوك الشائن، ومتوعدا بالتصدي لمحاولات النيل من سمعته.

وتسلط هذه القضية وعشرات القضايا الأخرى المنظورة أمام القضاء، الضوء على استشراء الفساد في الكويت بينما تكابد البلاد لكسر الجمود السياسي بعد سقوط حكومتين بسبب الاستجوابات ومعركة لي أذرع بين السلطة التنفيذية والتشريعية بعد فوز المعارضة في الانتخابات التشريعية وهيمنتها على مجلس الأمة الكويتي، بينما تقاوم الحكومة الثالثة ضغوطا من نواب معارضين من الإسلاميين واضطرت لتقديم تنازلات في عدة ملفات لتفادي السقوط.

وتأتي قضية صندوق أموال الجيش بعد فترة قصيرة من صدور حكم بالسجن على وزير سابق للشؤون الاجتماعية في قضية سوء استغلال للمنصب وتنفيع أشخاص مقرّبين وأيضا بعيد فتح القضاء الكويتي قبل أزيد من شهر لقضية فساد في مكتب الاستثمار الكويتي بلندن المتهم فيها مسؤولون كبار تتعلق بهم شبهات في إبرام مناقصات على خلاف الصيغ القانونية.

وتشمل التهم استغلال سلطة المناصب الوظيفية والحصول على مبالغ بمئات آلاف الدنانير نظير منح مناقصات عامة لأشخاص بعينهم خلافا للقانون.

وتشغل قضايا الفساد ومنها قضايا تورط فيها مسؤولون كبار، الرأي العام الكويتي وأصبحت أيضا أحد أكبر مشاغل القضاء الكويتي بسبب تعددها وهي عادة من القضايا شديدة التعقيد والخطورة أحيانا.

وذهب متابعون في تفسير استشراء ظاهرة الفساد ونهب المال العام إلى استشراء عقلية الغنيمة في التعامل مع المال العام ومشاريع الدولة إضافة إلى ثغرات في التشريعات الناظمة ونقصا في الهيئات الرقابية وكوادرها، وهو ما يؤثر على عملها وفعاليتها بل وقد يجعلها هي ذاتها عرضة للفساد.

ومن بين قضايا الفساد التي تتم متابعتها من تحقيقات جارية مع ثمانية مسؤولين حكوميين بشأن جرائم التلاعب بالمال العام ومنح مناقصات على أسس غير قانونية مقابل الحصول على أموال ومنافع شخصية.