أكثر من مجرد شجرة!

نحو زرع المزيد من الشجرة العجيبة

ديبوجا (كولومبيا) - في عالم يهدده الاحترار المناخي، تتجدد شجرة غايمارو الاستوائية الضخمة شيئا فشيئا في كولومبيا وهي تتمتع بمزايا "عجيبة" منها قدرتها على ترسيخ غاز الكربون في التربة ما يؤدي الى المحافظة على المناخ.

ويقول المزارع مانويل دوران البالغ من العمر 61 عاما "من دون أشجار لا ماء، ومن دون ماء لا أشجار"، منددا بإقدام البعض على حرق الأشجار للزراعة وأنشطة تربية الحيوانات، وهو ما يجعل "الغابة تتقلص والأنهار تجف".

ويجوب دوران المنطقة معتمرا قبعة من القشّ تحت أشعة شمس ساطعة في هذه الغابة المدارية الجافة على سفح جبال سييرا نيفادا في شمال شرق كولومبيا.

وعلى بعد 900 كيلومتر من هذا المكان، تقع مدينة مديين الشديدة التأثر بالتلوّث، والتي يجتمع فيها خبراء من كل العالم لتقييم ظاهرة انقراض الأنواع الحيّة وأحوال التربة.

يدرك دوران المخاطر التي يمكن أن تسببها الزراعة العشوائية، ويعرب عن اهتمامه ببرنامج للتشجير يركّز خصوصا على شجرة غايمارو.

وتقول ديزي تارييه مديرة منظمة "أونفول فير" لمراسل وكالة فرانس برس "إنها شجرة عجيبة"، معدّدة فوائدها بما في ذلك ثمرتها الغنية بالعناصر الغذائية.

شجرة قديمة

تنمو هذه الشجرة، واسمها العلمي "بروسيوم أليكارستروم" في المكسيك والبرازيل أيضا، ولها أسماء كثيرة منها غايمارو ورامون وكامبيش، وهي كانت ذات أهمية كبرى تعادل أهميّة القمح في الثقافة التي كانت سائدة قبل الاستعمار الأوروبي، لكن كثيرا من المزارعين اليوم يجهلون فوائدها.

ولذا تعمل منظمة "أونفول فير" على تبيين هذه الفوائد، موضحة أنها "تضم قدرا من البروتين يعادل ما في الحليب، ونسبة من البوتاسيوم أكثر من الموز بأربع مرات، ونسبة من الحديد أكثر من السبانخ باربع مرات، ونسبة من الماغنيزيوم أكثر من الفاصولياء بأربع مرات".

إضافة إلى كل ذلك، تقوم الشجرة بوظيفة الحفاظ على التوازن في التربة، وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون بدلا من انبعاثه إلى الجو وتسبّبه بارتفاع درجات الحرارة.

وحين تموت هذه الشجرة، تبقى محتفظة بما في جوفها من هذا الغاز، ولا تبدّده إلى الجو، كما هو حال معظم الأشجار.

يصل ارتفاع شجرة غايمارو إلى خمسين مترا، وجذورها أيضا عميقة في التربة، وهذا ما يجعلها عصيّة على الجفاف والعواصف معا، وهي تتمتع بقدرة على أن تنمو مجددا حتى ولو أتى عليها حريق.

وتقول عالمة الأحياء الكولومبية مونيكا فلوريس "هذه الشجرة لديها قدرة كبيرة على التكيّف مع المناخات المختلفة، ويمكنها أن تعيش في أنواع مختلفة من التربة والارتفاع والحرارة، وثمرها طعام للكثير من الحيوانات" مضيفة أن "هذه العوامل تجعل منها نوعا مهما للحفاظ" على البيئة.

فوائد بيئية

لكن الطلب الكبير على خشبها لبناء المنازل والأثاث المتين، وقطع مساحات من الغابات لإنشاء مزارع، ولاسيما مزارع الكوكا، قلّص من أعدادها.

ويقول وزير البيئة والتنمية المستدامة لويس موريو "ما زلنا نواجه تحدياً كبيرا في السيطرة على قطع الأشجار" رغم انحسار الظاهرة من 282 ألف هكتار في العام 2010 إلى 170 ألفا في العام الماضي.

وبالتعاون مع 190 عائلة، تمكنت منظمة "أونفول فير" من زرع ثلاثين ألف شجرة منذ العام 2011 منها ستة آلاف شجرة غايمارو.

وتقول ماريا ألاركون البالغة من العمر 64 عاما "لطالما أحببت شجرة غايمارو لأنها وارفة الظلال، وحين تسقط أوراقها تصبح غذاء للحيوانات، وجذروها تضرب في عمق الأرض فتثبّت التربة، وثمارها لذيذة".

تعيش هذه الشجرة مئة عام، وتنتج 180 كيلوغراما من الفاكهة بين مارس/آذار وابريل/نيسان، ويمكن أن تؤكل ثمارها أو تُعصر أو يصنع منها حساء أو أن تُشوى أو تُحلّى.

لكن ما زال يتعيّن زرع كثير من الأشجار بدل تلك التي قطعت، بحسب ماريا ألاركون.