'الفرح' يحوي المصابين بمتلازمة داون

باريس - قد يبدو هذا الموقع في وسط باريس كأي مقهى آخر مكتظ بالرواد خلال فترة الغداء، غير أنه يتمايز عن سواه لكون طهاته وجميع العاملين فيه يعانون متلازمة داون.

هذا المقهى واسمه \"جوايو\" أي الفرِح هو الأخير ضمن سلسلة متاجر في فرنسا تشغّل أشخاصا مصابين بمتلازمة داون والتوحد وغيرها من الأمراض التي تصيب القدرات الإدراكية.

ويؤكد صاحب المقهى يان بوكاي لانزيراك أنه يطمح لنشر الفرح من أربعة مقاه أخرى على الاقل في أنحاء مختلفة من فرنسا تعطي الأشخاص المصابين بإعاقات الفرصة لإظهار مهاراتهم التي تخولهم كسب رزقهم.

ولطالما حلم هاوي الطبخ شارل بأن يصبح طاهيا في مطعم.

ويقول هذا الرجل البالغ من العمر 36 عاما والمصاب بالتوحد خلال إعداده طبقا من البازلاء ولحم العجل \"أنا سعيد حقا. لطالما أردت الطبخ، لذا فإن حلمي تحقق. سئمت العمل كمجرد غاسل للأطباق\".

أما ماتيلد وهي نادلة في العشرين من العمر مصابة بمتلازمة داون، فتشير إلى أن المقهى ساعدها في تطوير مهاراتها. وقد شاركت هذه الشابة في الافتتاح الكبير للمقهى الذي حضرته السيدة الفرنسية الأولى بريجيت ماكرون الأربعاء.

وتضيف ماتيلد \"سبق لي العمل في مطعم توليت فيه تحضير الطعام. هنا أعمل على الصندوق وهذا يروق لي. لقد تعلمت أصول تحضير القهوة وخدمة الطاولات\".

وقد أولى القائمون على هذا المقهى القريب من دار الأوبرا في منطقة تعج بالسياح، عناية خاصة بأدق التفاصيل إذ ان الزبائن يحصلون على قطعة تركيب \"ليغو\" عندما يطلبون الطعام على الصندوق، ويخرج الطعام من المطبخ على عربة مع قطعة مكملة للأساسية من اللون عينه.

ويوضح صاحب المقهى بوكاي لانريزاك الناشط في مجال الاستثمارات بالطاقة النظيفة، أنه طوّر الفكرة مع زوجته ليدوين عندما أخذا بعض الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة في رحلة استجمام خيرية على قارب قبالة سواحل منطقة بريتاني الفرنسية.

ويشير إلى أن أحد هؤلاء وهو شاب مصاب بالتوحد يدعى تيو سأله \"ألديك عمل لي؟\".

لكن بعدما أجابه بالسلب، تلمس بوكاي لانريزاك (48 عاما) خيبة أمل تيو وهو ما دفعه للتفكير بتأسيس شركة تجارية قادرة على توفير فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة على حد قوله.

وفتح أول مقهى \"جوايو\" أبوابه في مدينة رين الفرنسية في كانون الأول/ديسمبر، وهو بات يتمتع بتقييم على خدمة \"تريب ادفايزر\" كأحد أفضل المطاعم في المدينة الواقعة في غرب فرنسا.

ومن المزمع افتتاح مطاعم أخرى تقدم مأكولات نباتية أو خالية من الغلوتين في باريس وبوردو وليون وربما ليل، ويعود ريعها كلها لتمويل مؤسسات خيرية.

وتوازي نسبة بطالة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة ضعف تلك المسجلة لدى باقي أفراد المجتمع. وتقول والدة أحد العاملين في مقهى \"جوايو\" إن ابنها \"عاد الشخص المفعم بالمرح والحماس الذي نحب\" منذ بدأ العمل في المقهى.

وتشير إلى أن عمله \"أصبح شغفه\".