إصرار غريب لدعاة المصالَحة.. مع الإخوان

هناك من يلعب بورقة الإخوان

غريب أن يظل لدينا حتى الآن من يُصرّ على الدعوة للمصالَحة مع الإخوان، ويظن أنه يمكنه الالتفاف على الرفض الشعبى والرسمى بأن يجعل الوصول إلى هدفه على حلقات متوهماً أن بداياتها مُغرية! وأما الأكثر غرابة، فأن تأتى الدعوة هذه الأيام من بعض من كانوا شديدى الالتزام طوال سنوات بخط السياسة السعودية الرسمية وبتوجهها الفقهى المتزمت المتطرف فى مسائل الدين وحقوق المرأة وفى الحريات السياسية والاجتماعية وفيما يخصّ الفكر والأدب والفن..إلخ، فكيف يبادرون بدعوتهم فى وقت أعلنت فيه السعودية تصحيح أسوأ أخطائها التاريخية التى تجلَّت فى احتضان الإخوان طوال عقود؟

ثم ها هو ولى العهد الشاب محمد بن سلمان يقرر ويبدأ عملياً التصدِّى لهم بعد أن اكتشف مخاطرهم، ويستبعدهم تماماً من العملية التعليمية سواء بالتدريس أو بالإدارة! فهل، بالفعل، يتعمّد دعاة المصالَحة أن يُشهِروا أنهم صاروا معارضين للخط الجديد فى السعودية؟ أم تُراهم أحسوا بالاستبعاد عن التخديم على الرؤية الجديدة هناك، بما يهدد أوضاعهم ومزاياهم، فأرادوا أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم فى الاتجاه الآخر، لينتبه لهم صاحب القرار الجديد؟

لكن، يبدو أن المسئولين فى السعودية، المنوط بهم إحداث ثورة حقيقية، رأوا، وهذا عين العقل، أنه لا يفيد مشروعهم الجديد أن يشارك فيه بعض من تلوثت أياديهم بالتأييد المطلق للسياسة القديمة التى يستهدف التوجه الجديد تدميرها وإحلال محلها نقيضها المنفتح على العالم بأفكاره وآدابه وفنونه، وبالنظرة المتحضرة للمرأة..إلخ. أم هل يكون الدعاة الجدد قد نقلوا عطاءهم على دولة أخرى ما تزال تلعب بورقة الإخوان؟

أما أغرب ما فى دعوات المصالَحة فهو أنها لا تصدر من الإخوان رسمياً، ولا من تصريح من أحد قيادتهم، كما لم يُشِر أحد من الدعاة أنه ينقل عنهم رأياً أو اقتراحاً، ولم يدَّع أنه قريب منهم وأنه استشف أنهم سيكونون جادين فى المضى فى الموضوع، كما أن الدعاة مستمرون برغم أنه لم يبدر عن أحد ممن يُعتَد بتأثيره فى الجماعة أى تأييد للدعوة، بل إن آراء الإخوان ومواقفهم ما تزال ثابتة بالرفض المطلق لاختيار الشعب فى 30 يونيو، وبدعم الإرهاب بالفتوى والمال والدعاية..إلخ!

أحمد عبد التواب

كاتب مصري