أخيراً رئيسنا عراقي

السياسة الأبوية القائمة على الوسطية والانفتاح هي ما يحتاجه العرقيون اليوم من رئيسهم. لعل برهم صالح هو الرجل المناسب.

في اسبوعه الأول، زار شارع المتنبي، مصطحبا معه كريمته. جلس في مقهى الشابندر، وتحدث مع العراقيين عن هواجسهم، ليبعث رسائل عديدة الى الشعب، جميعها إيجابية. يستطيع المتتبع ان يرى ذلك بوضوح، من خلال تناول زيارة السيد برهم صالح لشارع المتنبي في وسائل التواصل.

بعد فترة قصيرة جدا، وبحراك مستمر، بدأ بزيارة الكويت والإمارات والأردن ثم إيران تلتها السعودية. المهم في حراك رئيس الجمهورية، الكثير من الرسائل التي بعثها لدول الجوار اهمها، ان العراق مع الجميع، ولا ينتمي الى محور دون اخر.

خلال السنوات التي تلت عام 2003، كان المفهوم السائد لدى اغلب الشعب، ان منصب رئيس الجمهورية "منصب تشريفي". لذلك كان الشعب كثيرا ما يقوم بعمل قفشات على رئيس الجمهورية، كلما ظهر على شاشات التلفاز، وراح يسمي قصر السلام الذي يسكنه الرئيس بفندق السلام.

لقد سأم الشعب من سياسة المحاور، وقاعدة ان لم تكن معي فأنت ضدي، ودفع ثمن هذا كردي وذاك شيعي وانت سني مسيحي صابئي غاليا، وبكلفة انهار من الدماء.

نعتقد ان الوقت قد حان لنجرب الانفتاح على العالم، ورفع شعار نحن مع الجميع، تربطنا مصالح مشتركة، ولا يفرقنا الا التطاول على حقوقنا ووحدة أراضينا.

كثير من الساسة الشيعة خلال السنوات الماضية جربوا ان يكونوا شيعة فقط وفشلوا، وجرب السنة ان يكونوا سنة فقط، فهدمت بيوتهم واحتلت اراضيهم، وجرب الكرد ان يكونوا كردا فقط، فعزلوا أنفسهم عن العالم.

يبدو ان الرئيس صالح يعلم ان اللغة الطائفية والقومية، أصبحت مستهجنة من الشعب، وغير مرحب بها، لذلك يحاول من خلال دوره الابوي ان يعكس ذلك ترجمة لرغبات الشعب على ارض الواقع، من خلال النظر الى مصلحة العراق أولا، ومن ثم تأتي مصالح الاخرين.

يبدو ان قرب أفكار السيد صالح من الراحلين جلال الطالباني، والشهيد محمد باقر الحكيم، وما تميزوا به من عقلانية ووسطية بالتعامل، بالإضافة الى انفتاحهم على مختلف التوجهات، قد تركت اثارها على الرجل، وهو منهج قلما يعتمده الكثير من ساسة البلاد اليوم.

لسنا بصدد الدفاع عن برهم صالح او الراحلين ومنهجهما، لكن لنسأل أنفسنا:

 ماذا لو كان القائمون على الدولة العراقية منذ تغير النظام لغاية الان قد اتخذوا من الانفتاح والوسطية منهجا لهم في إدارة البلاد، هل سيكون حال البلاد بهذا الشكل؟

عموما الوصول المتأخر خيرا من عدم الوصول، ونرى ان العراق ان استمر بالنأي بنفسه بعيدا من سياسة المحاور، والنظر لمصلحة البلد أولا، يكون قد وضع نفسه على سكة النجاح، وهذا ما نتمناه.