أداة مدهشة ومخيفة من غوغل تعيد رسم حدود الفيديو بالذكاء الاصطناعي

'فيو 3' يتمتع بقدرة على انتاج فيديوهات واقعية بصوت وصورة بمجرد كتابة طلب وصفي، ما يُحدث ثورة في صناعة المحتوى البصري ويثير مخاوف من التزييف الرقمي.

واشنطن - أحدثت شركة "غوغل" زلزالًا تقنيًا خلال مؤتمرها السنوي للمطورين "Google I/O 2025"، حيث أعلنت عن الجيل الثالث من أداة توليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي "Veo 3"، التي شكّلت نقلة نوعية في عالم المحتوى المرئي، وأثارت موجة من الإعجاب والقلق على حد سواء.

وتُنتج "Veo 3" مقاطع فيديو مدتها حتى 60 ثانية بدقة "1080p"، مع صوت متزامن يشمل حوارات بشرية تُحاكي حركة الشفاه، ومؤثرات صوتية طبيعية وموسيقى تصويرية تتناسب مع السياق.

يمكن للأداة تحويل أوصاف مثل: "امرأتان تمشيان على حافة جرف مع محيط مائج" إلى مشاهد سينمائية نابضة بالحياة.

تعتمد "Veo 3" على نماذج لغوية متقدمة قادرة على فهم نصوص تفصيلية، بما في ذلك زوايا الكاميرا، والإضاءة، والتفاعلات الفيزيائية. كما توفّر أنماطًا فنية متعددة، من الواقعية إلى "3D Animation"، مع إمكانيات مثل "Zoom" و"Pan" وتعديل العناصر داخل المشهد.

ويبرز التكامل القوي مع أدوات "غوغل" الإبداعية مثل "Flow"، التي تتيح بناء مشاهد كاملة عبر الجمع بين صور ونصوص ومقاطع صغيرة، ونموذج "Imagen 4" لتوليد الصور، بالإضافة إلى "Gemini" لتحسين النصوص.

وتتيح "Flow" للمستخدمين إنشاء فيديوهات مدتها ثماني ثوانٍ بسهولة ثم ربطها بمشاهد أخرى لتكوين مشهد متكامل.

بين الدهشة والرعب: كيف استقبل العالم "Veo 3"؟

انتشرت فيديوهات "Veo 3" بسرعة على "تيك توك" و"يوتيوب"، حيث أبدى المستخدمون دهشتهم من دقة التمثيل البصري ومزامنة الصوت. علّق أحدهم عبر منصة "اكس": "يطمس "Veo 3" الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال من خلال الصوت والالتزام بالنص والتفاصيل الغنية"، بينما قال آخر: "الذكاء الاصطناعي يخرج عن السيطرة... قريبًا لن نعرف ما إذا كان الفيديو حقيقيًا أم مُولَّدًا".

ومن جهة أخرى، حذر خبراء من تداعيات الأداة، مثل "دوميترو إرهان" من "DeepMind"، الذي نبّه إلى مخاطر الانتحال الرقمي واستخدام الأداة في نشر محتوى مُضلل، خصوصًا في ظل قدرتها على محاكاة أنماط فنية لفنانين حقيقيين.

استباقًا للمخاطر، أدرجت "غوغل" تقنية "SynthID" لوضع علامات مائية رقمية غير مرئية تُميز الفيديوهات المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، مما يُسهل تتبعها.

كما قيّدت الشركة الوصول إلى "Veo 3" عبر اشتراك خاص يُعرف بـ"Google AI Ultra"، بقيمة 249.99 دولارًا أميركيًا شهريًا، وهو متوفر حاليًا فقط داخل الولايات المتحدة. كما أصبح متاحًا لمؤسسات الأعمال عبر منصة "Vertex AI".

هل تهدد Veo 3 الصناعة أم تطوّرها؟

من خلال تكلفة منخفضة وإمكانيات عالية، يمكن لمستخدم فردي إنتاج فيديو إعلاني أو تعليمي كامل دون فريق عمل أو أدوات احترافية. معلم مثلًا يمكنه تصميم فيديو عن النظام الشمسي مع صوت ومؤثرات خلال دقائق.

لكن يخشى بعض المخرجين من تراجع الطلب على مهارات مثل المونتاج وتصميم الصوت، إذ تقوم "Veo 3" بمهام متكاملة. في المقابل، يرى آخرون أنها تفتح الباب أمام تجريب أفكار جديدة بسرعة وبتكلفة أقل.


بدأت شركات تسويق في استخدام "Veo 3" لصناعة محتوى دعائي مُفصّل حسب سلوك العملاء، مع تعديل المشاهد تلقائيًا حسب التفاعل في الوقت الفعلي.

وتُخطّط "غوغل" لإطلاق تحديثات تشمل فيديوهات أطول تصل إلى 5 دقائق، دعم لغات جديدة، من بينها العربية بلهجاتها المختلفة، وأدوات دقيقة لضبط تعابير الوجه وتفاصيل المشهد.

تُعد "Veo 3" تجسيدًا حيًا للتحول الرقمي في صناعة الفيديو، حيث تمتزج التقنية بالفن والإبداع. لكنها تضع العالم أمام أسئلة معقدة: كيف نحمي الحقيقة في عصر يمكن فيه تزييف الواقع ببراعة؟ وهل تقود هذه الأدوات إلى ديمقراطية في الإبداع أم فوضى إعلامية؟

يبقى الأمر مرهونًا بكيفية استخدام البشر لهذه التقنية، وبمدى سرعة استجابة القوانين لها.