أديس أبابا تستعد شعبيا وعسكريا لصد هجوم جبهة تيغراي

عشرات آلاف الإثيوبيين يتعهدون بالتصدي للمتمردين في تجمع مؤيد للجيش في العاصمة أديس أبابا بينما تعهد المتمردون بأن لا يكون الهجوم دمويا وأن هدفهم فقط إسقاط حكومة أبيي أحمد.
جبهة تيغراي تنفي أي مطامع لها في السلطة وتريد فقط تقرير المصير
تنديد اثيوبي بـ"تضخيم" الإعلام الغربي لمكاسب المتمردين

أديس أبابا - تدور عمليات حشد وتحشيد عسكري وشعبي من قبل الحكومة الاثيوبية وخصومها من المتمردين بقيادة جبهة تحرير تيغراي، بينما يستعد الجانبان على ما يبدو لمواجهة دموية مع تحالف 9 جماعات متمردة مع جبهة تيغراي والتحضير لهجوم على العاصمة.  

وتعهد عشرات الآلاف من الإثيوبيين الأحد بالدفاع عن العاصمة أديس أبابا من المتمردين خلال تجمع مؤيد للجيش، مؤكدين رفضهم للجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع المستمر منذ عام.

وجاءت هذه التظاهرة في وسط العاصمة في مسعى لحشد الدعم الشعبي في النزاع ضد جبهة تحرير شعب تيغراي وحلفائها، فيما كانت الحكومة الإثيوبية أعلنت قبل خمسة أيام حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد.

ووصل الموفد الأميركي إلى منطقة القرن الإفريقي جيفري فيلتمان إلى إثيوبيا الخميس للدعوة إلى إيجاد حل سلمي في البلاد.

وأمرت الولايات المتّحدة السبت دبلوماسييها غير الأساسيين في السفارة الأميركية في إثيوبيا وأفراد عائلاتهم، بمغادرة البلاد. كما طلب عدد من السفارات بينها بعثات السعودية والسويد والنروج والدنمارك، من رعاياها مغادرة إثيوبيا.

وحمل المشاركون الأحد لافتات تنتقد وسائل الإعلام الغربية لبثها ما اعتبروه "أخبار كاذبة" والمبالغة في المكاسب التي حققها المتمردون. وحثت لافتات أخرى الولايات المتحدة على "التوقف عن مص دمائنا".

وقالت أدانيش أبيبي التي تشغل منصب رئيسة بلدية أديس أبابا في خطاب إن أعداء اثيوبيا يحاولون "ترويع سكاننا"، مضيفة "يقولون إن أديس أبابا محاصرة ولكن اديس ابابا محاطة فقط بشعبها الرائع".

وانتقدت رئيسة بلدية أديس أبابا في خطابها الحكومة الأميركية التي قامت الأسبوع الماضي بإلغاء امتيازات تجارية ممنوحة لإثيوبيا بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في حملتها العسكرية في إقليم تيغراي.

وقالت "إن كانت المساعدات والقروض ستجردنا من حريتنا، وإن كانت ستقودنا للتضحية بحريتنا، فلن نضحي بحريتنا"، مؤكدة أن المكان المناسب لجبهة تحرير شعب تيغراي "هو الجحيم".

وفي الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أرسل أبيي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، الجيش إلى تيغراي لإقصاء سلطات المنطقة المنبثقة عن جيش تحرير شعب تيغراي التي اتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية.

وأعلن انتصاره في 28 فبراير/شباط، لكن في يونيو/حزيران استعاد مقاتلو الجبهة معظم مناطق تيغراي وواصلوا هجومهم في منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين.

وأكد مشاركون في التجمع الأحد أنهم ليسوا خائفين من الجبهة. وقال كيبدي هايلو "لن يأتوا إلى أديس أبابا لأنني أعتقد بأن الجيش سيدمرهم"، مضيفا "لن يكون هناك أي مفاوضات. إنهم إرهابيون يجب دفنهم وتدميرهم".

وفي المقابل قال متمردو إقليم تيغراي إن التخوف من "حمام دمّ" في أديس أبابا في حال دخلوا العاصمة لإسقاط الحكومة، أمر "سخيف ولا يتمتع بالصدقية"، مؤكدين أن هدفهم ليس السيطرة على العاصمة، بل التأكد من أن أبيي أحمد "لا يشكل تهديدا لشعبنا".

وبعدما أعلنوا في نهاية الأسبوع الماضي استعادتهم مدينتَي ديسي وكومبولشا، لم يستبعد مقاتلو جبهة تحرير شعب تيغراي وحلفاؤهم من جيش تحرير أورومو الزحف نحو أديس أبابا.

من جهتها، تنفي الحكومة أي تقدّم للمتمردين أو تهديد للعاصمة. إلا أنها أعلنت حالة الطوارئ وطلبت سلطات العاصمة من السكان تنظيم أنفسهم للدفاع عن المدينة.

وقال المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيغراي غيتاشيو رضا إن "أديس بوتقة يعيش فيها ناس من كافة الاهتمامات، والقول إن أديس ستتحوّل إلى حمام دمّ إذا دخلناها أمر سخيف جدا. لا أعتقد أن هذه الفرضية تتمتع بالصدقية"، مضيفا أن "القول بأن سكان أديس (أبابا) يعارضوننا بشدة، مبالغ فيه".

وأشار إلى أنه في حال لم يرحل رئيس الوزراء فالمتمرّدون سيسطرون "بالطبع" على المدينة، مؤكدا أن جبهة تحرير شعب تيغراي لا ترغب في استعادة السلطة، وهي التي كانت تحكم على مدى 27 عاما حتى العام 2018.

وقال "يمكنني أن أؤكد لكم أن ذلك لا يهمّنا" مضيفا "نريد ببساطة أن نتأكد من أن صوت شعبنا مسموع ومن أنه يمارس حقّه في تقرير مصيره خصوصا عبر تنظيم استفتاء لتقرير ما إذا كان يريد أن يبقى في إثيوبيا أو أن يصبح مستقلا".

وأوضح أن المتمردين يتقدّمون نحو الجنوب و"يقتربون من أتاي" التي تبعد 270 كلم شمال العاصمة، وكذلك نحو الشرق باتجاه ميل الواقعة على الطريق المؤدي إلى جيبوتي الأساسي لإمدادات أديس أبابا.

وهيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي على الأجهزة السياسية والأمنية في إثيوبيا لحوالي ثلاثين عاما، بعدما سيطرت على أديس أبابا وأطاحت بالنظام العسكري الماركسي المتمثل بـ"المجلس العسكري الإداري المؤقت" في 1991.

وأزاح أبيي أحمد الذي عُيّن رئيسا للوزراء في 2018، الجبهة من الحكم فتراجعت هذه الأخيرة إلى معقلها تيغراي.