أردوغان العاجز عن إيجاد حليف واحد للسراج يزور الجزائر

الرئيس التركي يسعى إلى إفشال أي محاولة لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا كما فعل خلال مؤتمر برلين، حيث يخشى إجراء صفقة محتملة لتقاسم السلطة بين السراج  وحفتر تحول دون تثبيت نفوذه في المنطقة.

إسطنبول - دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "تحرك سريع لحل الأزمة الليبية" من إسطنبول قبيل توجهه إلى الجزائر في زيارة أظهرت أنه هو من يبحث عن "دعم سريع" مفقود كان يتوقعه من دول جوار ليبيا بعد أن تورط في التدخل عسكريا فيها.

وهاجم أردوغان الذي غادر بلاده بعد تعرضها لزلزال قوي أسفر عن مقتل حولي 30 شخص، قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر تمام مثلما فعل قبل توجهه إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر برلين الأحد الماضي.

وقالت الرئاسة الجزائرية إن أردوغان سيجري خلال زيارته التي تستمر يومين مباحثات مع الرئيس عبدالمجيد تبون حول سبل تدعيم الروابط القائمة بين البلدين الشقيقين وتوسيع مجالات التعاون بينهما.

 وقال أردوغان خلال مؤتمر صحفي في مدينة إسطنبول قبيل مغادرته إلى الجزائر "حفتر مازال يواصل هجماته في ليبيا، وليس من المتوقع التزامه بوقف إطلاق النار.. حفتر لم يلتزم بمسار السلام، لا في موسكو ولا في برلين".

وتأتي تصريحات الرئيس التركي بعد أن نسف مؤتمر برلين الذي عقد الأحد الماضي في ألمانيا حساباته السياسية الخاطئة بشأن الملف الليبي، وبعد أيام فقط من اجتماع دول جوار ليبيا في الجزائر الذي رفض أي تدخل أجنبي من شأنه أن يعقد الأمور" أكثر فأكثر" في ليبيا.

وأصدر مؤتمر برلين الذي عقد برعاية الأمم المتحدة في ختامه وعود بفرض احترام حظر الأسلحة على ليبيا والتوقف عن التدخل في الشأن الليبي. لكن أثر هذه التعهدات على أرض الواقع يبقى غير مؤكد حيث تواصل الدعم التركي لحكومة فائز السراج بإرسال المقاتلين السوريين من المطارات التركية نحو طرابلس.

والخميس، أكد المشاركون في اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا الذي عقد بمبادرة من الجزائر، رفضهم كل تدخل أجنبي، داعيين الفرقاء الليبيين للمشاركة في مسار الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة الاتحاد الإفريقي ودول الجوار الليبي، للتوصل إلى حل شامل لهذه الأزمة، بعيدا عن التدخلات الخارجية.

كما عبروا عن أملهم في أن "يهتدي الأشقاء الليبيون إلى تسوية سلمية لأزمة بلادهم، بعيدا عن أي حلول عسكرية أو تدخلات أجنبية بما فيها المرتزقة والميليشيات، تمكن من تنظيم انتخابات شفافة تحقق تطلعات الشعب الليبي وتحفظ استقلال ليبيا ووحدتها وسيادتها على كامل أراضيها".

وإثر الاجتماع، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بو قادوم في مؤتمر صحافي "نحن واثقون في قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم عبر الحوار والمصالحة وعلى التوصل إلى تسوية سياسية"، داعيا إلى إشراك الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في أي حل يتم التوصل إليه.

ويقف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر صدا منيعا أمام التدخل السافر لأردوغان في الشؤون الليبية بعد أن أعلن رسميا بداية الشهر الجاري إرسال جنود أتراك و"تقنيين" لمساعدة حكومة السراج والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها في طرابلس.

وينفذ الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية في طرابلس منذ أبريل الماضي لاستعادتها من الميليشيات والإرهابيين ومع فقدان السراج السيطرة على العاصمة شيئا فشيئا ظهرت المطامع التركية في ليبيا بمساندة معسكر الإسلاميين، حيث سارع أردوغان للحصول على مصادقة البرلمان التركي مطلع شهر يناير الحالي، بعد ان طلب بإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا لدعم قوات حكومة السراج.

ويسعى أردوغان حاليا إلى إفشال أي محاولة لإيجاد حل سياسي للأزمة كما فعل خلال مؤتمر برلين، حيث يخشى إجراء صفقة محتملة لتقاسم السلطة بين السراج  وحفتر تقطع أمامه الطريق المؤدي إلى تثبيت نفوذ تركيا في المنطقة الغنية بالغاز شرق المتوسط.

ويبحث الرئيس التركي حاليا حليف جديد يسانده في ليبيا بعد أ واجه رفضًا من تونس في السابق للاصطفاف معه لدعم حكومة السراج رغم محاولة حركة النهضة الإسلامية هناك لدعمه.

وفي الربع الأخير من شهر ديسمبر الماضي، زار أردوغان تونس، بحثا عن دعم لتدخله في ليبيا إلا أنه قوبل برفض واضح من الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد، بعد تنديدات الرأي العام التونسي وأحزاب تونسية بزيارته "المفاجئة" التي سعى من خلالها لتحويل بلادهم إلى منصة لتدفق السلاح والمرتزقة على الجارة الشرقية.

ويرى مراقبون أن الحكومة الجزائرية التي لا تزال تتحسس الطريق نحو سياسة خارجية جديدة تلبي رغبات الشارع المنتفض الذي يواصل الخروج أسبوعيا إلى الشوارع للاحتجاج، لا يبدو أنها ستجازف بالانحياز إلى السراج وستبقى على "حياد" أكدت سعيها إليه لإنجاح مبادرتها لحل ليبي-ليبي يمنع خطر الانزلاق في حرب بالوكالة تهدد أمن واستقرار دول المنطقة.

وأكدت الجزائر في مناسبات سابقة حرصها على الحفاظ على مسافة واحدة من طرفي النزاع الليبي وعلى رفض التدخلات الخارجية في هذا البلد الذي تتشارك معه حدوداً بطول ألف كلم تقريباً.

ويبدو أن الرئيس عبد المجيد تبون الذي يسعى إلى تهدئة الشارع استعداد لاستفتاء على الدستور قبل منتصف العام الحالي، لن يجرؤ على استفزاز الجزائريين بدعم الشق التركي ودعم طرف ليبي ضد آخر، لاسيما أن أغلب الجزائريين لم يوافقوا على الانتخابات التي فاز فيها الرئيس الحالي في ديسمبر الماضي.

واستفز أردوغان الجزائريين منذ أيام عندما حاول استرجاع ملاحم أجداده العثمانيين ضد الإمبراطورية الرومانية قائلا "ها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط. ونأمل في أن يحقق جنودنا في شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التي حققها خير الدين بربروس (أمير البحارة العثمانيين) وهم بالفعل سيواصلون كتابة تلك الملاحم".

ويدرك أردوغان الذي يبحث عن موطئ قدم له لتوسيع نفوذه في ليبيا أن الطريق إليها لن تكون معبدة دون تسهيلات من دول الجوار.

يذكر أن وكالة الأناضول للأنباء أكدت أن أردوغان سيلتقي نظيره تبون وكان لافتا اصطحاب عقيلته أمينة معه إلى الجزائر إلى جانب وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصي أكار رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان.

وتعد زيارة أردوغان للجزائر الأولى لرئيس دولة منذ وصول تبون إلى السلطة في الجزائر.

وبعد زيارته للجزائر سيتوجه أردوغان والوفد المرافق له، إلى كل من غامبيا والسنغال.