أردوغان المأزوم يتقلب بين استعراض وآخر في الأمم المتحدة

الرئيس التركي يظهر في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة واعظا وناصحا وخبيرا استراتيجيا، مستحضرا قضايا جانبية تعتبر في تفاصيلها تدخلا في شؤون الدول الأخرى متحدثا عن مقتل خاشقجي ووفاة مرسي.

أردوغان يستفز ترامب بانتقاده خطة السلام الأميركية
خطاب الرئيس التركي يتسم بالاستعراض وبشعبوية مفرطة
لا جديد يخرج عن المألوف في خطاب أردوغان أمام الجمعية العامة
أردوغان يعمق الشروخ في علاقات بلاده الخارجية

نيويورك - توجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء بخطاب لزعماء العالم اتسم بالاستعراض لدى تطرقه للعديد من الملفات الإقليمية والدولية في الوقت الذي تتجه فيه كل الأنظار إلى ما يحدث في بلاده من أزمات مالية واقتصادية وخروقات لا تهدأ لحقوق الإنسان.

وقفز أردوغان على كل القضايا الملحة التي تثقل كاهل تركيا، ناثرا نصائحه في كل الاتجاهات، مقدما نفسه واعظا وخبيرا استراتيجيا ملما بكل القضايا.

وفي الوقت الذي كان الشعب التركي ينتظر من رئيسه ترميم الشروخ التي أحدثتها سياساته في العلاقات الخارجية، اختار أردوغان التصعيد باستحضار وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في محبسه بوصفها بالجريمة، مؤكدا أن بلاده ماضية في تتبع مسار هذه القضية.

كما استحضر قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 في قنصلية بلاده باسطنبول والتي فشلت كل مساعيه في تدويلها. وكان قد استثمر في هذه القضية محاولا ابتزاز السعودية التي قطعت عليه كل طرق المساومات بوضعها على مسارها القانوني وباتخاذ إجراءات قانونية بحق المتورطين في الجريمة.

وكان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حاضرا بقوة في كلمة أردوغان حيث دعا إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بإسرائيل، متسائلا "إذا لم تُطبق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بإسرائيل، إذا ما الفائدة من هذه المنظمة؟".

وأضاف "إذا لم نكن مؤثرين عبر قراراتنا التي نتخذها، فأين ستتجلى العدالة؟"، داعيا الأمم المتحدة إلى دعم الشعب الفلسطيني بما هو أكثر من الوعود.

وتابع "أنا أتساءل أين هي إسرائيل، يا ترى أي أراض تشملها إسرائيل، أين كانت إسرائيل عام 1947، وأين أصبحت في 1949 و1967، وأين هي حاليا؟".

وأضاف رافعا خرائط حول المنطقة "العام 1947 تقريبا لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، والمنطقة برمتها فلسطين .. وبعد قرار التقسيم في العام ذاته بدأت فلسطين بالتقلص وإسرائيل بالتوسع حتى عام 1967".

وقال "الوضع الحالي تكاد فلسطين غير موجودة، فالمنطقة برمتها تقريبا أصبحت إسرائيل، هل تشبع إسرائيل؟ لا فحاليا تسعى لأخذ ما تبقى".

في الوقت الذي كان الشعب التركي ينتظر من رئيسه ترميم الشروخ التي أحدثتها سياساته في العلاقات الخارجية، اختار أردوغان التصعيد باستحضار قضايا جانبية يعتبر الخوض فيها تدخلا في شؤون الدول الأخرى

وشدد الرئيس التركي الذي تقيم بلاده علاقات مع إسرائيل، على أن موقف تركيا من قضية القدس واضح و"تتمثل بأن الحل يكمن في تأسيس دولة فلسطينية، تكون مستقلة وأراضيها متجانسة على أساس حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وأكد أن أي خطة سلام أخرى غير ذلك لن تكون عادلة أو مقبولة أو تملك حظوظا في التطبيق، منتقدا خطة السلام الأميركية المعروفة بصفقة القرن والتي لم يعلن منها حتى الآن إلا الجانب الاقتصادي فيما أجلت واشنطن الحديث عن الشق السياسي لما بعد انتهاء سجالات الانتخابات التشريعية الإسرائيلية وتشكيل الحكومة.

وتساءل أردوغان الذي يراهن على إصلاح العلاقات مع الرئيس الأميركي صاحب مبادرة السلام "هل الغاية من المبادرة المطروحة على أنها صفقة القرن، القضاء على دولة فلسطين ووجود شعبها بصورة تامة؟".

وكان لأردوغان أيضا رأي في قضية امتلاك السلاح النووي فقال، إن الطاقة النووية إما أن تكون متاحة لجميع الدول أو محظورة تماما، محذرا من أن "عدم المساواة" بين الدول بشأن تلك المسألة يقّوض التوازن العالمي.

ووقعت تركيا معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عام 1980 كما وقعت معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عام 1996 والتي تحظر أي تفجير نووي لأي غرض.

ولمّح أردوغان في ما مضى إلى أنه يرغب في أن يوفر لتركيا ذات الحماية التي تتوفر لإسرائيل والتي يقول محللون أجانب إنها تمتلك ترسانة نووية كبيرة.

وتلتزم إسرائيل بسياسة غموض تجاه القضية النووية، فهي ترفض أن تؤكد أو تنفي امتلاكها قنبلة نووية.

وقال أردوغان أمام اجتماع لزعماء العالم في الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة "حيازة طاقة نووية يتعين إما أن تُحظر على الجميع أو تُتاح للكل".

وفي كلمته طالب أردوغان أيضا المجتمع الدولي بالمساعدة في توفير السلام والأمن في مدينة إدلب السورية، مضيفا أن إنشاء "منطقة آمنة" في شمال سوريا سينقذ أرواح الملايين.

وتسيطر تركيا التي تستضيف 3.6 ملايين لاجئ سوري، على مناطق من شمال سوريا حيث تقول إن 350 ألف سوري عادوا بالفعل.

وتعتزم تركيا إعادة توطين مليون لاجئ سوري في شمال سوريا وحذرت من أنها قد تعيد فتح الطريق أمام المهاجرين إلى أوروبا إذا لم تتلق دعما دوليا مناسبا للخطة.

وغضبت أنقرة من دعم الولايات المتحدة لقوات يقودها أكراد تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وتعتبر تركيا مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية تنظيما إرهابيا وترغب في إبعادها عن منطقة حدودية تزيد مساحتها على 400 كيلومتر.

وبدأت تركيا والولايات المتحدة، عضوا حلف شمال الأطلسي، دوريات برية وجوية مشتركة على الشريط الحدودي، لكن أنقرة تقول إن واشنطن تتحرك ببطء شديد لإقامة منطقة آمنة كبيرة بما فيه الكفاية لإبعاد القوات الكردية من منطقة الحدود.