أردوغان يتنصل من أزمة اللاجئين السوريين بتحميل أوروبا المسؤولية

الرئيس التركي ينتقد تقاعس الأوروبيين عن دعم أنقرة ومساندتها في مواجهة تدفقات اللاجئين إليها، في وقت يعيش فيه اللاجئون السوريون في تركيا أزمة حادة.

تركيا تتجاهل جهود أوروبا وخاصة المانيا في استقبال اللاجئين السوريين الفارين من الحرب
اردوغان يزعم دورا تركيا في تحقيق امن اوروبا في وقت تدعم فيه بلاده التنظيمات الارهابية في ليبيا وسوريا
انقرة تدعم بقوة اندماج دول منطقة البلقان مع المؤسسات الأوروبية الأطلسية

أنقرة - شن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انتقادات حادة ضد أوروبا حيث حملها مسؤولية أزمة اللاجئين في بلاده حيث انتقد تقاعس الأوروبيين عن دعم تركيا ومساندتها في مواجهة تدفقات اللاجئين إليها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس أردوغان خلال مشاركته، الثلاثاء، في قمة "عملية التعاون في جنوب شرق أوروبا"، التي انطلقت في العاصمة البوسنية سراييفو، الإثنين، وتختتم الثلاثاء.
وقال في هذا الخصوص: "الدول الأوروبية لا تستطيع التفاهم فيما بينها لتقاسم عشرات اللاجئين، بينما تحتضن تركيا أكثر من 4 ملايين لاجئ".
ولفت إلى أن تركيا أنفقت على اللاجئين السوريين المقيمين داخل أراضيها أكثر من 37 مليار دولار، وساهمت في تخفيض الهجرة غير النظامية إلى القارة الاوروبية بنسبة 99 في المئة، من خلال التدابير التي اتخذتها.
واستطرد قائلا: "الاتحاد الأوروبي تعهد بدفع 6 مليارات يورو إلى تركيا لمساعدة اللاجئين السوريين، لكن يؤسفني أن أقول أن أنقرة لم تستلم سوى 2.5 مليار يورو من هذا المبلغ".

الاتحاد الأوروبي تعهد بدفع 6 مليارات يورو لمساعدة اللاجئين السوريين لكن يؤسفني أن أقول أن أنقرة لم تستلم سوى 2.5 مليار يورو

ويأتي تصعيد الرئيس التركي في مواجهة أوروبا وتحميلها ازمة اللاجئين رغم ما يعانيه اللاجئون السوريون في تركيا من تهميش وظروف قاسية وفق عديد المنظمات الحقوقية.

وتجاهل اردوغان جهود أوروبا وخاصة المانيا في استقبال اللاجئين السوريين الفارين من الحرب في بلادهم وكذلك من سوء أحوالهم الاقتصادية في تركيا.
وأكد الرئيس أردوغان أن تركيا ساهمت بشكل كبير في تحقيق أمن أوروبا ومنطقة البلقان، لكنها "لم تحظ بالدعم المطلوب من أصدقائها الأوروبيين".

لكن مراقبون يرون ان اردوغان يتجاهل بتصريحاته دور تركيا في دعم المجموعات المتشددة في سوريا وليبيا والتي كانت وراء عديد من العمليات الارهابية داخل اوروبا.
وشدد الرئيس التركي على أهمية عملية التعاون في جنوب شرق أوروبا، مبينا أن نجاح هذه المسيرة أمر مهم بالنسبة لاستقرار ورخاء تركيا وعموم القارة الأوروبية.
وأكد أن تركيا تدعم بقوة اندماج دول منطقة البلقان مع المؤسسات الأوروبية الأطلسية، مشيرا أن القرار الذي سيصدر بشأن محادثات انضمام ألبانيا وشمال مقدونيا إلى الاتحاد الأوروبي، سيؤثر على مستقبل المنطقة برمتها.
وتابع قائلا: "سياسات التوسع الأوروبية باتت أسيرة حفنة من الشعبويين، وباتت التيارات المتطرفة تتعاظم في أنحاء القارة الأوروبية، وهذه التيارات تهدد السلام الداخلي في أوروبا".

ويرى مراقبون ان انتقادات الرئيس التركي للتغيرات السياسية في اوروبا محاولة منه للتعمية على الازمة السياسية في تركيا خاصة مع تنكر اردوغان للديمقراطية وسعيه للاستفراد بالسلطة رغم الانشقاقات المتواترة داخل حزبه.

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان
اردوغان ينتقد السياسات الداخلية الاوروبية متجاهلا ازمة الديمقراطية في بلاده

ورغم خطابه المتشدد تجاه اوروبا حاول اردوغان مغازلة الأوروبيين حيث أعرب عن ثقته بأن قادة الدول الأوروبية سيدافعون عن فكرة تكامل منطقة البلقان مع الاتحاد الأوروبي.
وتأسست "عملية التعاون في جنوب شرق أوروبا" عام 1996؛ بهدف تعزيز التعاون السياسي والأمني بين بلدان المنطقة، وتعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع أبعاد المؤسسات الديمقراطية والعدالة ومكافحة الأنشطة غير القانونية والإنسانية.
وتركيا هي من بين الأعضاء المؤسسين لعملية التعاون في جنوب شرق اوروبا إلى جانب ألبانيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا ومقدونيا الشمالية ورومانيا وصربيا واليونان.

وتعرف العلاقات التركية الأوروبية توترا كبيرا بعد ان واصلت أنقرة سياساتها في استفزاز الجانب الأوروبي بالإصرار على إطلاق عمليات تنقيب في المياه القبرصية رغم التحذيرات.

وكان التكتل الأوروبي قد لوح بفرض عقوبات على تركيا إذا لم توقف عملياتها "غير المشروعة".

وتثير أنشطة تركيا في شرق المتوسط ردود فعل حادة من قبل كلّ من قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي الذي كرّر مرارا تحذيراته لأنقرة.

وياتي التصعيد التركي في ظل إصرار من قبل الاتحاد الأوروبي على رفض ضم تركيا بسبب سياساتها المناهضة لتوجهات التكتل الاوروبي.

وكانت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي دعت في فبراير/شباط إلى تعليق التفاوض مع أنقرة بشأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ووزير الخارجية التركي جاويش اوغلو
تعليق التفاوض مع أنقرة بشأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي

وطالبت اللجنة المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء حينها بتعليق مفاوضات الانضمام مع تركيا رسميا، مشيرة إلى عدم احترام أنقرة لحقوق الإنسان والحريات المدنية والتأثير على السلطة القضائية ونزاعات إقليمية مع قبرص وجيران آخرين.

وتقول تركيا إن عضوية الاتحاد الأوروبي تظل أحد أولويات أهدافها الاستراتيجية رغم توقف محادثات الانضمام، التي بدأت رسميا في عام 2004، منذ سنوات. ودعا بعض القادة والمسؤولين بالاتحاد الأوروبي لإنهائها.

ولكن التوجهات التركية المخالفة للسياسات الأوروبية اضافة الى التصريحات النارية وخطاب التصعيد الذي يتبناه المسؤولون الأتراك خاصة الرئيس اردوغان لن تؤدي الى تحقيق هدف الانضمام الى الاتحاد الأوروبي.

وكان الرئيس التركي قد قال في أكتوبر/تشرين الأول إنه سيبحث إجراء استفتاء على سعي بلاده المستمر منذ وقت طويل للانضمام للاتحاد الأوروبي، في مؤشر على سخط من عملية يقول إنها تأثرت بالتحامل على المسلمين.