أردوغان يرحل مئات آلاف السوريين قسرا إلى "المنطقة الآمنة"

الرئيس التركي يرسل 365 ألف سوري من تركيا إلى الأراضي السورية غير المستقرة، في خطوة تناقض مواقفه بأنه "زعيم إنساني" يسعى لتأمين اللاجئين السوريين من الحرب.
تركيا تثبت بقاءها في سوريا بإقامة "منطقة آمنة" تحت رعاية جندها
أردوغان يوهم المجتمع الدولي بعودة طوعية للاجئين السوريين إلى أراضيهم
أنقرة تمضي في تنفيذ مخططاتها التوسعية بالأراضي السورية
بضع ساعات تفصل عن تنفيذ تركيا لوعيدها بإرسال الإرهابيين إلى أوروبا

أنقرة - أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد عودة 365 ألف سوريٍ إلى ديارهم ومنازلهم في شمال شرق سوريا، في خطوة يروج فيها الرئيس التركي "للمنطقة الآمنة" بعودة طوعية لمئات آلاف السوريين، وهي رواية تناقض واقع الترحيل القسري للاجئين بعد أن استنفذ ورقة ابتزاز الدول الغربية.

وحذرت تقارير لمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش' من عمليات إخضاع السلطات التركية بالقوة للاجئين السوريين، بهدف توقيع وثائق تفيد بأنهم يطلبون العودة إلى سوريا.

وكشفت منظمة العفو الدولية أن تركيا تتعمد ترحيل السوريين قسريا من على أراضيها إلى بلد مثقل بالحرب، حيث تحدث أعضاء المنظمة إلى لاجئين صرحوا بأن الشرطة التركية اعتدت عليهم بالضرب للتوقيع على استمارة تفيد بأنهم يريدون طوعا العودة إلى أراضيهم، في حين تسعى السلطات التركية إلى القذف بهم في المناطق السورية الغير آمنة والمحتوية على التنظيمات الإرهابية.

ونقل تقرير المنظمة قول آنا شيا الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين "إن زعم تركيا بأن اللاجئين من سوريا يختارون العودة مباشرة إلى منطقة النزاع أمر خطير وغير نزيه. بل إن الأبحاث التي أجريناها تظهر أن الناس يتعرضون للخداع أو يُجبرون على العودة".

وأضافت شيبا "إن تركيا تستحق التقدير لاستضافة أكثر من 3.6 مليون من النساء والرجال والأطفال من سوريا لأكثر من ثماني سنوات، لكنها لا تستطيع استخدام هذا الكرم كذريعة للتخلي عن القانون الدولي والمحلي عن طريق ترحيل الأشخاص إلى منطقة يدور فيها النزاع".

وتشهد سوريا منذ 2011 عمليات اقتتال بين جيش النظام الأسد ومعارضين له، بالإضافة إلى تواجد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، وهو ما يشكل خطرا جسيما على المدنيين.

وفي ذات السياق نقلت 'هيومن رايتس ووتش' قول لاجئين سوريين تم ترحيلهم، "إن موظفين أتراك أجبروهم على توقيع استمارات لم يُسمح لهم بقراءتها، وفي بعض الأحيان بعد تعرضهم للضرب والتهديد، ثم نقلوهم إلى سوريا".

وكان أردوغان قد هدد في أكثر من موضع الدول الأوروبية بفتح الأبواب أمام المهاجرين للتوجه إلى أوروبا في حال عدم تقديم المزيد من الدعم الدولي، محاولا ابتزاز الشركاء الأوروبيين واحتواء انتقادات غربية لتدخله العسكري ضد أكراد سوريا، الذين تعتبرهم تركيا "جماعة إرهابية".

ويروج الرئيس التركي "للمنطقة الآمنة" كحل لأزمة اللاجئين من جهة، ولحماية الأمن القومي التركي من جهة أخرى، وهو في الواقع عنوان لأطماع التمدد التركي وتوسعه في سوريا.

كما عمل بعد أن أظهر نفسه "كزعيم إنساني"، على تنفيذ مخططاته بإنشاء "منطقة آمنه" في شمال شرق سوريا لينقل إليها اللاجئين المقيمين بتركيا.

ويسعى من خلال ذلك أصلا، لتثبيت أقدامه في سوريا ضمن نزعة توسعية، فقد أعلن ذلك صراحة بعزمه إقامة قواعد عسكرية بالمنطقة.

وتريد تركيا كنش ملايين اللاجئين السوريين من أراضيها، بعد أن استخدم ورقتهم في ابتزاز أوروبا ماليا وسياسيا، موظفا ذلك للظهور كزعيم إنساني بالمنطقة.
وألقى أردوغان السبت خطابا بالمجمع الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة، بمناسبة الذكرى السنوية الـ81 لوفاة المؤسس مصطفى كمال أتاتورك.
وأفاد بأن العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا، تكللت بالنجاح، مبينا  أن العمليات أدت إلى استتباب الأمن في مساحة تزيد على 8 آلاف و100 كيلومتر مربع.
وتابع "عودة هذا العدد من السوريين إلى ديارهم لا نراه كافيا، فإما أن نعقد مؤتمرا للمانحين لتأهيل المناطق الآمنة أو ننفذ ذلك عبر خططنا ومشاريعنا الرامية لضمان عودة السوريين إلى بلادهم".

وأوضح أن القوات التركية تواصل ملاحقة التنظيمات الإرهابية، في الداخل والخارج، مؤكدا أن العناصر الإرهابية لا تجد مفرا أو مخبأ من القوات التركية في الوقت الحالي.
وأضاف أن القوات التركية ستواصل الرد على استفزازات الإرهابيين من الجانب السوري.

وشنت القوات التركية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأوامر من أردوغان عمليات عسكرية في شمال شرق سوريا تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة "جماعة إرهابية".
وكان الرئيس التركي قد انتقد في هذا السياق تصريحات المعارضة التركية التي تقول بعدم وجود داعٍ لبقاء القوات التركية في سوريا، مشيرا إلى وجود جهات تسعى لإغراق تركيا بالدماء، عبر استخدام التنظيمات الإرهابية.
وأضاف أن من يحاول زرع الفنتة بين أبناء الجمهورية التركية، سيفشل في محاولاته كما فشل في الماضي.

وتحوم حول أنقرة اتهامات بارتكابها جرائم في حق أكراد سوريا، سعيا لتنفيذ مخطط تطهير عرقي للأكراد عن طريق هجمات عسكرية لاقت تنديدا دوليا.

وأثبتت تقارير صحفية بأن المقاتلين الأتراك ارتكبوا جرائم حرب وعمليات قتل بحق المدنيين العزل من الأكراد.

أكراد سوريا يتعرضون للقتل على يد القوات التركية
أكراد سوريا يتعرضون للقتل على يد القوات التركية

كما لفت الرئيس التركي إلى أن محاولات زعزعة الاستقرار في تركيا عبر الهجمات الاقتصادية باءت أيضا بالفشل، وأن الاقتصاد التركي أحبط كافة المؤامرات التي تحاك ضده.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت على تركيا عقوبات اقتصادية إضافية، ردا على تدخلها العسكري في شمال شرق سوريا، استجابة لدعوات نواب أميركيون طالبوا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضرورة وقف ما اعتبروه مذبحة بحق الشعب الكردي في سوريا.
وردا على الجهات الداخلية التي تنتقد تركيا قال أردوغان "هذه الجهات لا تدرك بأن الدولة العثمانية كانت تنتج وتصدر القذائف والبنادق والسفن وأنواع أخرى من الأسلحة، وآثار هذه الدولة ممتدة إلى جنوب القارة الإفريقية".
وأوضح أن تركيا اليوم، تصنع 70 بالمئة من احتياجاتها العسكرية والدفاعية بقدرات وإمكانات محلية بحتة، وأن الهدف الأسمى، هو الوصول إلى نسبة 100 بالمئة في الصناعات الدفاعية والعسكرية المحلية.

وأضاف أنه كان لدى تركيا 62 مشروعا في مجال الصناعات الدفاعية عند مطلع الألفية الثالثة، وأنها اليوم تمتلك أكثر من 700 مشروع بميزانية تبلغ 60 مليار دولار، معربا عن أمله في رؤية المقاتلة الحربية المحلية في الأجواء مع حلول عام 2023.

وفي إطار مسلسل التهديد التركي ، تعتقل أنقرة مئات الإرهابيين من مقاتلي تنظيم داعش، مستغلة ذلك في تهديد الأوروبيين بإرسالهم إلى أوطانهم في أوروبا، إذا لا تفصل عن تنفيذ تركيا لوعيدها سوى بضع ساعات، حيث حددت السلطات التركية غدا الاثنين كموعد لانطلاق عمليات ترحيل أكثر من 1200 من "جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية.

وصرح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قبل يومين بأنه "على الأوروبيين الاستعداد، لأن بلادنا ستفتح أبواب معتقلاتها لتبدأ بتنفيذ وعيدها القديم بترحيل كل من لديها من مقاتلي داعش الأجانب".