أردوغان يستعجل بالقمع ترحيلا قسريا للاجئين السوريين

النازحون السوريون في تركيا يتعرضون للاعتقال والترحيل القسري بشكل عشوائي إلى المنطقة الآمنة التي أقامتها أنقرة حيث يستمر القتال ما يعرض حياتهم للخطر.

أردوغان يتخلص من أعباء اللاجئين بعد أن استخدمهم كورقة لابتزاز الأوروبيين
أجهزة أردوغان تجبر عشرات النازحين السوريين على مغادرة الأراضي التركية
أردوغان يدفع لتغيير ديمغرافي بطرد الأكراد وتوطين النازحين في 'المنطقة الآمنة'
النازحون السوريون يتعرضون لتهديد مستمر لاجبارهم على مغادرة الأراضي التركية
المنطقة الآمنة التركية تسلط الضوء على أطماع أردوغان التوسعية

اسطنبول - قالت منظمة العفو الدولية في تقرير نُشر اليوم الجمعة إن تركيا ترسل قسرا لاجئين سوريين إلى منطقة سورية بالقرب من الحدود حيث تهدف إلى إقامة "منطقة آمنة"، معرضة حياة النازحين المرحلين للخطر حيث لايزال الصراع مستمرا في تلك المنطقة.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير منفصل اليوم الجمعة، إن السلطات اعتقلت ورحلت عشرات السوريين عشوائيا إلى شمال سوريا بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول.

وتستضيف تركيا حاليا نحو 3.6 ملايين لاجئ فروا من الحرب الأهلية السورية الدائرة منذ ثماني سنوات، لكن مع تنامي الاستياء العام تجاههم بمرور الوقت تأمل أنقرة في إعادة توطين ما يصل إلى مليوني شخص في المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شمال شرق سوريا. وتقول أنقرة إن أكثر من 350 ألف لاجئ سوري عادوا بالفعل طوعا إلى بلادهم.

وذكرت منظمة العفو في تقريرها أن اللاجئين الذين تحدثت إليهم اشتكوا من تهديدهم أو إجبارهم من قبل الشرطة التركية على التوقيع على وثائق تفيد بأنهم سيعودون بمحض إرادتهم إلى سوريا.

وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والتي تتخذ من بريطانيا مقرا لها "في الواقع، تعرض تركيا حياة اللاجئين السوريين لخطر شديد بإجبارهم على العودة إلى منطقة حرب".

أردوغان استخدم ورقة اللاجئين السوريين في ابتزاز الشركاء الأوروبيين والمزايدة على خضومه السياسيين
أردوغان استخدم ورقة اللاجئين السوريين في ابتزاز الشركاء الأوروبيين والمزايدة على خضومه السياسيين

وأضافت أنها تعتقد أن عدد عمليات الإعادة القسرية في الأشهر القليلة الماضية بلغ المئات وذلك استنادا إلى مقابلات أجرتها بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، لكن يمكنها تأكيد 20 حالة.

ولم ترد أنقرة بعد على تقرير منظمة العفو الدولية لكنها سبق أن نفت إرسال أي سوري إلى وطنه رغما عنه.

وقال التقرير إن المُرحلين يتم إبلاغهم عموما بأنهم إما غير مسجلين أو يعيشون خارج المنطقة المُسجلين فيها، مضيفا أن أشخاصا رُحلوا أيضا من مناطق تم تسجيلهم فيها.

وقالت آنا شيا، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية، إن تركيا تستحق التقدير لاستضافة هذا العدد الكبير من السوريين على مدار سنوات عديدة، مضيفة "لكن من غير الجائز أن تستخدم هذا الكرم ذريعة لخرق القانون الدولي والمحلي من خلال ترحيل الناس إلى منطقة نزاع نشط".

وتنص خطة تم الاتفاق عليها بين تركيا وروسيا هذا الأسبوع على طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية من قطاع من الأراضي بعمق 30 كيلومترا على طول الحدود التركية والسماح للاجئين بالعودة إلى هناك "بشكل آمن وطوعي".

تشكل عمليات الترحيل القسري انتهاكا واضحا للقانون الدولي والإنساني وأدار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ظهره للاجئين بعد أن استنفد هذه الورقة في ابتزاز شركاء بلاده الأوروبيين وفي المزايدة على خصومه السياسيين.

ويسعى أردوغان على ما يبدو لتغيير التركيبة الديمغرافية في المناطق السورية ذات الغالبية الكردية بعد العملية العسكرية الأخيرة بحيث يمكنه التخلص من أعباء اللاجئين في الأراضي التركية من جهة وإسكان المرحلين في المنطقة التي احتلتها قواته في شمال شرق سوريا تحت مسمى المنطقة الآمنة بدلا من الأكراد الذين دفعهم العدوان التركي بعيدا عن تلك المنطقة.

وفي خطاب ألقاه أمام قادة العالم بالأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، طرح أردوغان مقترحات طموحة لبناء عشرات القرى والبلدات الجديدة بالمنطقة الآمنة المزمعة على طول الحدود التركية.

وقالت صحيفة "يني شفق" الموالية للحكومة اليوم الجمعة إن الحياة ستعود إلى الوضع "الطبيعي" الآن في تل أبيض ورأس العين على الحدود السورية، بعد أن انتزعت تركيا السيطرة على المنطقة من وحدات حماية الشعب.

وأضافت أن تركيا ستعيد بناء البلدتين اللتين دمرتهما سنوات الحرب وتنشئ قوات أمن ونظاما قضائيا هناك وستعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي بالمنطقة.

تركيا لا توفر جهدا في قمع النازحين السوريين
تركيا لا توفر جهدا في قمع النازحين السوريين

وهذا التحرك المعلن من قبل أنقرة يشير بوضوح إلى الأطماع التوسعية للرئيس التركي، فالحديث عن نظام قضائي وعن إعادة الاعمار على أرض غير الأرض التركية وبهذا المنطق المعلن يؤكد الطابع الاستعماري ونوايا التمدد في انتهاك مكشوف للقانون والمواثيق الدولية.

وتأتي هذه التطورات بينما قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الجمعة إن نحو 300 آخرين من أفراد الشرطة العسكرية الروسية وصلوا إلى سوريا بموجب اتفاق بين أنقرة وموسكو أوقف التوغل العسكري التركي في شمال شرق سوريا.

وينص الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء الماضي، على أن تقوم الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري بإبعاد كافة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية لمسافة 30 كيلومترا من الحدود التركية بحلول يوم الثلاثاء المقبل.

وذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء نقلا عن وزارة الدفاع قولها إن الشرطة العسكرية من منطقة الشيشان بجنوب روسيا، ستقوم بدوريات وتساعد في انسحاب القوات الكردية وأسلحتها لمسافة 30 كيلومترا من الحدود السورية التركية.

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب جماعة إرهابية متحالفة مع مسلحين أكراد يشنون تمردا في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984.

وبدأت تركيا هجومها عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول بعد أن أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب القوات الأميركية بمغادرة شمال شرق سوريا.

وعلّقت تركيا الهجوم بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه واشنطن نص على انسحاب وحدات حماية الشعب من منطقة الحدود. واستند اتفاق بوتين وأردوغان على هذه الهدنة ووسع نطاقها.

وذكرت روسيا أمس الخميس أن خطة السلام التي تم التوصل إليها يوم الثلاثاء الماضي تمضي بسلاسة. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية قوله إن المقاتلين الأكراد انسحبوا بالفعل من المنطقة الحدودية.

تركيا تسعى للتخلص من أعباء اللاجئين السوريين بكل الوسائل
تركيا تسعى للتخلص من أعباء اللاجئين السوريين بكل الوسائل

ومع ذلك، اتهمت قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها الوحدات الكردية تركيا بشن هجوم بري كبير يستهدف ثلاث قرى في شمال شرق سوريا أمس الخميس على الرغم من الهدنة مما أجبر آلاف المدنيين على الفرار.

ولم تعلق وزارة الدفاع التركية مباشرة على تقرير قوات سوريا الديمقراطية لكنها قالت إن خمسة من أفرادها أصيبوا في هجوم شنته وحدات حماية الشعب حول بلدة رأس العين الحدودية بالقرب من القرى الثلاث.

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسن يوم الخميس إن وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا "صامد إلى حد بعيد" في ما يبدو في حين سيعقد ممثلو القوى الكبرى اجتماعا في جنيف قبل أول اجتماع للجنة الدستورية السورية الأسبوع المقبل.

ويجري بيدرسن اليوم الجمعة محادثات مع مسؤولين كبار من دول عربية وغربية قبل اجتماع اللجنة.

وقال دبلوماسيون إن جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا من بين المسؤولين الذين بدؤوا محادثات مغلقة في المدينة السويسرية. وتضم ما يسمى "المجموعة الصغيرة" أيضا بريطانيا ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن والسعودية.

وقال دبلوماسي إن الاقتراح الألماني لإقامة منطقة أمنية في شمال شرق سوريا سيكون من بين الموضوعات المدرجة على أجندة المحادثات.

وذكرت وزارة الدفاع التركية أن وزير الدفاع خلوصي أكار ناقش الوضع في سوريا مع نظيره الأميركي مارك إسبر في اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بروكسل اليوم الجمعة. ولم ترد تفاصيل عن محادثاتهما.

وقال وزير العدل التركي عبدالحميد غول إن أنقرة طلبت رسميا من واشنطن اعتقال وتسليم قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني عندما يدخل الولايات المتحدة.

وفي خطوة لقيت انتقادات من أنقرة، طلب أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من وزارة الخارجية سرعة إصدار تأشيرة دخول لكوباني قائد قوات سوريا الديمقراطية التي كانت حليفا رئيسيا لواشنطن في قتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وتقول أنقرة إن كوباني كان قياديا كبيرا في حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية.

ويوم الثلاثاء المقبل ستبدأ القوات الروسية والتركية بموجب بنود الاتفاق دوريات في شريط يمتد عشرة كيلومترات في شمال شرق سوريا حيث انتشرت القوات الأميركية لعدة سنوات مع حلفائها الأكراد السابقين.

ويمثل وصول الشرطة العسكرية الروسية تحولا في ميزان القوى الإقليمي بعد أسبوعين فقط من قرار ترامب سحب القوات الأميركية، وهي خطوة لاقت انتقادات في واشنطن وفي أماكن أخرى باعتبارها خيانة للحلفاء الأكراد.

كما سلطت الضوء على العلاقة الأمنية المتنامية بين روسيا، القوة المهيمنة حاليا داخل سوريا، وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي.