أردوغان يعلن إرسال قوات إلى ليبيا لإفشال مؤتمر برلين

تجمع القوى الوطنية الليبية يوجه رسالة إلى المشاركين في مؤتمر برلين مفادها أن تركيا لا يمكن أن تكون وسيطا نزيها في ظل انتهاكاتها لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح ومكافحة الإرهاب.
حفتر طالب في موسكو بتسليم الميليشيات السلاح بشكل كامل
أردوغان لجأ إلى مهاتفة ترامب بعد فشل وساطة بوتين
وزير الخارجية الألماني يصل بنغازي لاقناع حفتر بالمشاركة في مؤتمر برلين
تركيا أرسلت 2000 مقاتل سوري إلى ليبيا للقتال مع الوفاق

أنقرة - كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداته بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا قبل أيام من مؤتمر برلين الذي سيعقد الأحد المقبل لبحث حل النزاع، في محاولة لتصعيد جديد بعد أن فشل في تحسين شروط تفاوض حكومة الوفاق التي تكاد تفقد نفوذها كليا في طرابلس، كطرف فاعل في الأزمة الليبية خصوصا بعد رفض قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر قبل ثلاثة أيام التوقيع على هدنة دائمة سعت إليها تركيا بوساطة روسية.

وفي إعلان استعراضي مكرر قال أردوغان اليوم الخميس إن تركيا بدأت في إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في طرابلس قبل أيام من موعد قمة أممية في برلين بشأن الصراع الدائر في ليبيا.

وأضاف أردوغان، الذي تحدث في أنقرة، أن بلاده ستستمر في استخدام كل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية لضمان الاستقرار إلى الجنوب من أراضيها بما في ذلك ليبيا.

ومن المقرر أن يشارك أردوغان مع زعماء ألمانيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا يوم الأحد في المؤتمر الذي يعقد برعاية الأمم المتحدة لبحث إنهاء الصراع.

وقال كذلك إن تركيا ستبدأ في منح تراخيص للتنقيب والحفر في شرق البحر المتوسط العام الحالي تمشيا مع اتفاق بحري أبرمته تركيا مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج وأثار رفضا محليا ودوليا وإقليميا كبيرا خصوصا من دول جوار ليبيا.

وأضاف أردوغان أن السفينة التركية أوروج ريس ستبدأ أنشطة مسح سيزمي بالمنطقة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أردوغان التدخل العسكري في ليبيا، حيث سبق وأن أعلن في 5 كانون الأول/ديسمبر بدء نشر جنود أتراك في طرابلس، استناداً إلى الضوء الأخضر الذي منحه البرلمان التركي قبل ذلك أيام.
وأجاز النواب الأتراك لأردوغان إرسال جنود إلى ليبيا بعد أن طلب السراج من تركيا تدخلا عسكريا في البلاد، بعد أن تقدمت قوات الجيش الوطني الليبي بشكل لافت في الأسابيع الأخيرة نحو طرابلس.

وتحدثت تقارير إعلامية عن نقل مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا إلى ليبيا في رحلات سرية عبر مطار إسطنبول.

ونشرت صحيفة "غارديان" البريطانية أمس الأربعاء تقريرا قالت فيه إن ألفي مقاتل سوري قد وصلوا أو سيصلون قريبا إلى ليبيا قادمين من تركيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق.

وقلت الصحيفة عن مصادر سورية في الدول الثلاث، سوريا وليبيا وتركيا، تأكيدها أن 300 عنصر من الفرقة الثانية في ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، وهو مجموعة من المقاتلين تدعمهم أنقرة، دخلوا تركيا عبر معبر حور كلس العسكري في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كما دخلت مجموعة أخرى قوامها 350 عنصرا في 29 ديسمبر/ كانون الأول.

الرئيس التركي متعود على التعاون مع الميليشيات
للرئيس التركي سجل حافل بالتعاون مع الميليشيات في سوريا وليبيا

وتقوم قوات الجيش الليبي بقيادة حفتر بعملية عسكرية منذ نيسان/أبريل لتحرير طرابلس من الإرهابيين فيما تلجأ حكومة الوفاق التي يسيطر عليها الإسلاميون إلى ميليشيات تساعدها في القتال ضد الجيش في طرابلس حتى لا تفقد سيطرتها على العاصمة.

واستنجد أردوغان الذي سعى منذ البداية إلى ربح نقاط تفاوضية قبل مؤتمر برلين بتوقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية مشبوهة وغير قانونية مع السراج، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دعا طرفي النزاع في ليبيا إلى موسكو الأحد الماضي لحثهم على وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 12 يناير/ كانون الثاني بطلب من أنقرة.

لكن حفتر انسحب دون التوقيع على هدنة دائمة على عكس ما كان يسعى له الرئيس التركي ليزيد الخناق على حكومة الوفاق في طرابلس والميليشيات التابعة لها.

وقالت مصادر مقربة من الجيش الليبي إن حفتر طالب خلال زيارته لموسكو الأحد بمهلة زمنية من 45 يوماً إلى 90 يوماً لقيام الميليشيات بتسليم السلاح بشكل كامل.

كما طالب بتكوين لجنة من الجيش الوطني الليبي إلى جانب الأمم المتحدة تكون مسؤولة على حصر الأسلحة وتسليمها، تحت مراقبة القوات المسلحة الليبية.

ويقول مراقبون أن الرئيس التركي الذي دأب على استخدام الابتزاز في تصريحاته الإعلامية ضد الدول، يسعى في محاولة جديدة للتشويش على مؤتمر برلين لكسب نقاط إضافية لا تمتلكها حكومة فائز السراج حتى تتفاوض بشكل مريح الأحد، خصوصا أن الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر يتقدم ميدانيا نحو طرابلس بخطى ثابتة تتيح له فرض شروطه الرافضة للتدخل العسكري التركي وحتى وساطة أردوغان الذي قال إنه "غير مخول للعب دور الوسيط" بعد أن لعب دورا مشبوها في تسليح الميليشيات والإرهابيين في طرابلس.

واليوم الخميس، وجّه تجمع القوى الوطنية الليبية رسالة إلى المشاركين في مؤتمر برلين بأن تركيا لا يمكن أن تكون وسيطا نزيها في ظل انتهاكاتها لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح ومكافحة الإرهاب وانحيازها لحكومة الوفاق.

ونقلت قناة "ليبيا" رسالة عن التجمع قال فيها إن "المشكلة الحقيقية في ليبيا أمنية وليست سياسية ولا يمكن حلها إلا بإنهاء وجود الميليشيات ونزع سلاحها وتسريحها وفق جدول زمني محدد".

وأضاف بيان تجمع القوى الوطنية الليبية أن القوات المسلحة بقيادة خليفة حفتر هي الضامن الوحيد لوحدة ليبيا واستقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها.

وبعد فشل الوساطة الروسية لجأ أردوغان إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب حيث أعلنت الرئاسة التركية والبيت الأبيض الأربعاء، أن الرئيسان بحثا مستجدات الأوضاع في ليبيا.

وسبق وأن حذر ترامب في اتصال هاتفي مع أردوغان من أن أي "تدخل أجنبي سيعقد الوضع في ليبيا".

من جهتها دعت وزارة الخارجية الأميركية في بيان سابق إلى ضرورة "أن تتوقف الجهات الفاعلة الخارجية عن تأجيج الصراع" في ليبيا.

ودعت ألمانيا 11 دولة للمشاركة في مؤتمر برلين هي الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا، فرنسا، الصين، تركيا، إيطاليا، الإمارات، مصر، الجزائر، والكونغو، بجانب القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج.

حفتر
حفتر أكد لموسكو أن الجيش الليبي لا يتفاوض مع الإرهابيين 

واليوم الخميس، توجه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى ليبيا لإقناع المشير خليفة حفتر بالانضمام إلى المؤتمر الدولي حول النزاع، فيما أعلنت حكومة الوفاق ترحيبها بالمشاركة ودعت الأمم المتحدة إلى دعم مبادرة السلام.

وأكد ماس الذي من المنتظر أن يلتقي بحفتر في مدينة بنغازي، أن مؤتمر برلين المقرر عقده الأحد هو "أفضل فرصة منذ فترة طويلة" من أجل إجراء محادثات لإحلال السلام في ليبيا التي تعيش حالة من الفوضى منذ 2011 عندما شهدت انتفاضة ومواجهات قتل خلالها الزعيم السابق معمر القذافي.

وأوضح ماس في برلين قبل صعوده إلى الطائرة "آمل أن يغتنم الطرفان هذه الفرصة ليتسنى لليبيين تقرير مستقبل ليبيا... لذلك، نحن بحاجة إلى الاستعداد لوقف فعلي لإطلاق النار ومشاركة الطرفين المتحاربين في صيغة الحوار الذي اقترحته الأمم المتحدة".

وفي نفس الإطار وصل رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي الخميس إلى الجزائر لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين حول الملف الليبي قبل التوجه إلى برلين.

وقال بيان للخارجية الجزائرية إن الزيارة "تندرج في إطار ديناميكية جهود المجتمع الدولي لوضع حد للنزاع في ليبيا و تقديم حل دائم لها".

وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مساء الأربعاء الأسرة الدولية تقديم "دعم قوي" لمؤتمر برلين.

وقال غوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي "أحضّ جميع الأطراف المتحاربة على الإسراع في تعزيز الوقف غير المشروط للأعمال القتالية الذي تم التوصّل إليه برعاية رئيسي روسيا وتركيا والانخراط بصورة بنّاءة في تحقيق هذه الغاية، بما في ذلك في إطار عملية برلين".

وإذ ندّد الأمين العام بـ"التدخّلات الخارجية" في النزاع الليبي، جدّد التحذير من أنّ "أيّ دعم خارجي للأطراف المتحاربة لن يؤدّي إلا إلى تعزيز الصراع المستمر وتعقيد الجهود الرامية لإتاحة التزام دولي واضح بحلّ سلمي للأزمة في البلاد".

ولفت غوتيريش في تقريره إلى أنّ مشروع البيان الذي سيصدر عن مؤتمر برلين يتمحور حول "ستة محاور" هي "وقف الأعمال القتالية ووقف دائم لإطلاق النار، تطبيق حظر الأسلحة، إصلاح قطاع الأمن، العودة إلى عملية سياسية، إصلاح اقتصادي، احترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان".

وعدا عن مقتل المئات، أدى القتال في ليبيا أيضًا إلى زيادة حركة الهجرة من ليبيا باتجاه أوروبا وهو الملف الذي يحاول أردوغان اللعب على أوتاره تمام كما فعل خلال الحرب في سوريا حين هدد دول الاتحاد الأوروبي بفتح الأبواب أمام المهاجرين والإرهابيين للوصول إلى البلدان الأوروبية التي تخشى من موجهة مماثلة تأتي من ليبيا عبر سواحل البحر المتوسط.