أردوغان يمر للسيطرة على نقابات المحامين بقوة القانون

أردوغان يحاول احكام السيطرة على نقابات المحامين في تركيا بقوة القانون حيث تستعد حكومة العدالة والتنمية لتقديم مشروع قانون يفرض تعديلات على اللوائح المنظمة للنقابة تهدف لإنشاء نقابة داخلية منحازة للسلطة لإسكات المنتقدين لسياساتها.
المحامون الأتراك نالوا نصيبا من حملة التطهير االتي تلت انقلاب 2016
العدالة والتنمية يريد تشكيل نقابات مقربة منه داخل نقابة المحامين للتحكم أكثر في القضاء
الحكومة التركية لجأت لأسلوب تغيير القضاة دوريا خلال محاكمة المعارضين

أنقرة - تصدت الشرطة التركية لمسيرة شارك فيها عشرات المحامين الكبار وهي في طريقها إلى العاصمة أنقرة اليوم الاثنين للاحتجاج على مشروع قانون يتحكم في تنظيم نقابات المحامين يقولون إنه يهدف بإسكات المنتقدين للحكومة.

واقترح حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان تغييرات في نظام الانتخاب بالنقابات زعم أنها ستجعله "أكثر ديمقراطية" وسيزيد من تمثيل المدن الأصغر.

لكن المحامين المشاركين في المسيرة يقولون إن الإجراء سيمهد الطريق لتشكيل نقابات مقربة من الحكومة التي تريد احكام قبضتها أكثر على القطاع القضائي.

وتوجه معظم نقابات المحامين بتركيا انتقادات شديدة لحكومة حزب العدالة وسجلها في مجال حقوق الإنسان وتقول إن النظام القضائي انزلق إلى الفوضى نتيجة سجن محامين وتكميم الدفاع وتدمير الثقة في القضاة والادعاء.

ونال المحامون الأتراك نصيبا من حملة التطهير التي قام بها أردوغان ضد معارضيه على إثر فشل انقلاب 2016 المزعوم، حيث وجدت حكومة العدالة والتنمية في ذلك فرصة مناسبة لاعتقال آلالاف الأرتاك من صحفيين وحقوقيين وقضاة ورؤساء جامعات إضافة إلى أمنيين وعسكريين بدعوى صلتهم بالانقلاب وبالإرهاب.

وأوقفت الشرطة المسيرة اليوم الاثنين بوضع متاريس على طريق سريعة مؤدية للمدينة وأظهرت لقطات مصورة الشرطة وهي تتصدى وتدفع رؤساء النقابات.

وقال أرينج ساكان رئيس نقابة المحامين في أنقرة في تصريح للصحفيين "تم إيقاف مسيرتنا نحو عاصمة هذا البلد دون أسباب وهذا غير قانوني بالمرة".

وأضاف "هذا يوم أسود في تركيا بسبب منع المحامين بالعنف من السير نحو العاصمة".

وبدأ المحامون اعتصاما مفتوحا عقب وقف المسيرة التي يتزامن قمعها مع تدهور اقتصادي في تركيا نتيجة السياسات الداخلية والخارجية الخاطئة زادته تداعيات تفشي وباء كورونا تأزما.

وبدأ محامون من نقابات المحامين في جميع أنحاء تركيا "مسيرة الدفاع" يوم الجمعة ضد اقتراح الحزب الحاكم بتغيير القوانين المنظمة للهيئات القانونية وانتخاباتها.

وتتعرض نقابة المحامين في أنقرة المعروفة بانتقادها لحكومة استبدادية متزايد، إلى مضايقات يومية من قبل حكومة العدالة والتنمية. ويعود أحدث هذه المضايقات إلى شهر أبريل الماضي حين تمت دعوة النقابة للتحقيق معها على إثر انتقادها رئيس أكبر هيئة دينية في البلاد لقوله إن الإسلام يدين الشذوذ الجنسي.

وحقق المدعي العام في أنقرة مع نقابة المحامين بتهمة "إهانة القيم الدينية" بسبب انتقادها رئيس هيئة الشؤون الدينية المعروفة بإسم "ديانت"، وهي أعلى سلطة دينية في تركيا، بعد أن أطلق تعليقات معادية للمثليين في خطبة له خلال شهر رمضان اعتبرها عدد كبير من الأتراك استفزازا عنصريا واضحا يدعو إلى الكراهية والعداء.

وكانت حادثة مقاطعة نقابة المحامين دعوة أردوغان لحضور مراسم الاحتفاء ببدء العام القضائي بالقصر الرئيسي في أغسطس من العام الماضي، النقطة التي أفاضت الكأس وأطلقت يد الرئيس التركي ضد المحامين ونشاطات النقابة.

ويقول حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد وثاني أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان أن عدد كبير من المحامين الاتراك يحاكمون بسبب دفاعهم عن الآلاف من أنصاره وأعضائه المعتقلين منذ انهيار محادثات السلام بين السلطات التركية وحزب العمال الكردستاني. من هؤلاء صلاح الدين دميرتاش المسجون منذ 2016 بتهمة الارهاب. وينفي دميرتاش التهمة.

وقال جيهان أيدن رئيس نقابة المحامين في ديار بكر إن غرامة فرضت عليه لتعطيله سير الإجراءات في المحكمة.

وتعودت حكومة العدالة والتنمية في السنوات التي تلت عملية الانقلاب الفاشل على احكام السيطرة على أكثر من مجال من الجيش إلى الأمن وصولا إلى القضاء والاقتصاد وحتى الانتخابات عبر تمرير قوانين في البرلمان تسمح لها بإسكات معارشي سياسات أردوغان المثيرة للجدل.

وآخر هذه الأساليب التي تعتمد على القانون لفرض سطوة حزب العدالة والتنمية على الدولة تشريع كان اقترحه أردوغان يعزز صلاحيات حراس الأحياء ويسمح لهم بحمل أسلحة نارية والتدقيق في هويات السكان.

ووافق البرلمان التركي على هذا القانون المثير للجدل في 11 من يونيو الجاري رغم اعتراض عدد كبير من النواب والأحزاب المعارضة عليه حيث اتهم الرئيس التركي بالسعي إلى إنشاء "ميليشيا" موازية للدولة خاصة بحزبه.
وبموجب النص، منح حراس الأحياء الذين يقومون بدوريات ليلية للإبلاغ عن سرقات وحالات إخلال بالنظام العام، الصلاحيات نفسها التي يتمتع بها رجال الشرطة.

وقال محمد دراق أوغلو رئيس نقابة المحامين في إسطنبول إن حكومة أردوغان حققت من خلال استخدام القضاء كأداة ضد خصومها ”ما لم تستطع إنجازه بالوسائل السياسية“ عبر صندوق الانتخابات.

ويتمتع أردوغان، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للقضاء العام الماضي، صلاحيات كاسحة، تشمل نفوذا أكبر على القطاع يمكنه من اختيار أعضاء مجلس القضاة والمدعين.

وقال أكثر من عشرة محامين ومصادر قانونية أخرى في تركيا لرويترز في مايو الماضي إن أسلوب تغيير القضاة خلال المحاكمات شاع على نحو متزايد في السنوات الأخيرة في البلاد. 

ويقول محامون حاورتهم رويترز إنهم مقتنعون أنها أسلوب تتحكم من خلاله الحكومة في المحاكم.

ويستخدم القضاء كأداة لدعم البرامج السياسية في تركيا منذ عشرات السنين. ويقول خصوم أردوغان إن القضاء استخدم في عهده كهراوة سياسية وتعرض للتجريف بدرجة غير مسبوقة.

وفي ظل حملة التطهير التي شنها أردوغان تم عزل آلاف القضاة والمدعين وفق بيانات الحكومة نفسها. وحل محلهم قضاة جدد لا يمتلكون الخبرة وغير مؤهلين للتعامل مع الزيادة الكبيرة في أعباء العمل من جراء القضايا المرتبطة بمحاولة الانقلاب.

وبينت حسابات رويترز من واقع بيانات وزارة العدل أن 45 في المئة على الأقل من القضاة والمدعين البالغ عددهم حوالي 21 ألفا تقريبا لديهم الآن خبرة لا تتجاوز ثلاث سنوات.