أردوغان ينكر وجثث القتلى تفضح إرسال تركيا مرتزقة لقره باغ

تركيا تروج لرواية مضادة لروايات دولية متطابقة تؤكد إرسال أنقرة مرتزقة سوريين لإقليم قره باغ دعما لأذربيجان، زاعمة استعانة أرمينيا بمسلحين من حزب العمال الكردستاني.
أردوغان دأب على الإنكار كلما افتضح تدخل بلاده في صراعات خارجية
أردوغان يصرّ أن بلاده ليست بحاجة إلى إرسال مقاتلين سوريين إلى قره باغ
وسائل إعلام معارضة فضحت سابقا تسليح تركيا للمتطرفين في سوريا وليبيا
الجيش الليبي كان أول من كشف نقل تركيا آلاف المرتزقة من غرب ليبيا إلى قره باغ

أنقرة - أنكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء، صحة الأنباء التي تتحدث عن إرسال بلاده مرتزقة سوريين إلى إقليم قره باغ دعما للجيش الأذربيجاني في مواجهة القوات الأرمنية، في نفي يتناقض مع حقيقة الوضع الميداني وسقوط قتلى من المرتزقة الذين نقلتهم أنقرة من شمال سوريا ومن ليبيا إلى جنوب القوقاز.

وسبق لتركيا أن نفت إرسال مرتزقة جندتهم المخابرات التركية من فصائل سورية متطرفة موالية لأنقرة وقوات تركية للقتال دعما لميليشيات حكومة الوفاق الليبية.

لكن سرعان ما فضحت جنازة ضابطين وسقوط قتلى من المرتزقة السوريين المزاعم التركية، ما دفع أجهزة أردوغان لملاحقة من سرّب خبر مقتل الضابطين بالاسم والرتبة، قضائيا.

ودأب الرئيس التركي على انتهاج سياسة الإنكار كلما تعرضت بلاده لانتقادات لدورها في تأجيج النزاعات ومنها الصراع في ليبيا وأخيرا في إقليم قره باغ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.

وأكدت تقارير متطابقة نفس المعلومات وكان الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر المتواجد على الميدان، أول من أشار إلى أن تركيا بدأت بالفعل في نقل آلاف المرتزقة السوريين من جبهات القتال في ليبيا إلى وجهة غير معلومة، مشيرا إلى احتمالين أولهما أن أنقرة ربما بدأت تراجع موقفها على ضوء التطورات السياسية أو أنها ستوجه دفعات من المرتزقة إلى جبهة أخرى قد تكون قره باغ.

وفي الوقت ذاته تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن إرسال تركيا مقاتلين من الفصائل السورية المتشددة إلى قره باغ وكان المرصد أول من كشف عن سقوط قتلى من المرتزقة السوريين في ليبيا.

وتعالت أيضا أصوات دولية منددة بالتدخل التركي في النزاع بقره باغ دعما لأذربيجان، منتقدة إرسال أردوغان آلاف المرتزقة للقتال دعما للجيش الأذري، في تأكيد ضمني لمكا سبق أن أعلنه الجيش الوطني الليبي.

التدخل التركي دعما لاذربيجان أجج النزاع في قره باغ
التدخل التركي دعما لاذربيجان أجج النزاع في قره باغ

وعبرت دول أوروبية عن قلقها من التدخل التركي في الأزمة بجنوب القوقاز، بينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن تركيا نشرت مسلحين متطرفين من سوريا في قره باغ.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عشرات من المرتزقة السوريين الموالين لأنقرة قتلوا في جبهات المعارك بقره باغ منذ الشهر الماضي، فيما اعتبرت إيران أن نشر مرتزقة في اقليم قره باغ أمر غير مقبول.

كما نشر المركز الأرمني الموحد التابع للحكومة الأرمنية مقطع فيديو الأحد الماضي يظهر مقاتلين سوريين متشددين يقاتلون في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه، ما يدحض صحة مزاعم أردوغان بعدم إرسال مرتزقة لدعم أذربيجان.

والفصائل السورية التي تشكلت بدعم وتدريب من المخابرات التركية وبعضها كانت مجموعات صغيرة هي لواء السلطان مراد ولواء صقور الجبل وحركة أحرار الشام وحركة نورالدين الزنكي وفيلق الشام وفرقة الحمزة والجبهة الشامية وجيش النصر وهي تشكل حاليا خزانا للمرتزقة الذين تدفع بهم تركيا وقودا لمعاركها الخارجية.

ويصرّ الرئيس التركي على أن بلاده ليست بحاجة إلى إرسال مقاتلين سوريين إلى إقليم قره باغ، مضيفا أن أنقرة قادرة على تقديم كافة أنواع الدعم لأذربيجان.

وقال الأربعاء في كلمة أمام نواب حزبه العدالة والتنمية "الذين يتواصلون معنا يتهموننا بأننا أرسلنا المجاهدين من سوريا إلى قره باغ، نحن لسنا بهذا الصدد ولدينا القدرة على تقديم كافة أنواع الدعم للإخوة الأذربيجانيين وسنفعل ذلك".

وتابع "لما لا تتحدثون عن الدعم المقدم لأرمينيا من قِبل أعضاء بمجموعة مينسك، هناك كميات كبيرة من الأسلحة تأتي من روسيا وفرنسا وتلتزمون الصمت حيال هذا الدعم، السوريون لا عمل لديهم في قره باغ، لديهم ما يشغلهم في بلادهم، فلا يذهبون إلى قره باغ".

وجدد تأكيده على أن "إقليم قره باغ أرض أذربيجانية وأن نضال الجيش الأذربيجاني لاستعادة أراضيه المحتلة من أرمينيا، حق مشروع وكفاح بطولي".

والفصائل السورية التي تشكلت بدعم وتدريب من المخابرات التركية وبعضها كانت مجموعات صغيرة تشكل حاليا خزانا للمرتزقة الذين تدفع بهم تركيا وقودا لمعاركها الخارجية

وتسوق الحكومة التركية منذ أيام بإسناد من أذربيجان لرواية أخرى تحاول من خلالها الالتفاف على الانتقادات الدولية لتدخلها في النزاع بقرة باغ وإرسالها مرتزقة سوريين إلى الإقليم المتنازع عليه، حيث زعمت أن أرمينيا تستعين بمقاتلين من متمردي حزب العمال الكردستاني وهي ادعاءات تفقد بالمنطق السياسي والجغرافي واللوجستي للصدقية فما أبعد متمردي الكردستاني عن الخوض في مثل هذا النزاع عقيدة ومذهبا وأهدافا فلا جامع بين الأرمن والأكراد.

ونقلت وكالة الأناضول الحكومية التركية نقلا عن السفير الأذربيجاني في أنقرة هازار إبراهيم قوله في تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي أن بلاده "رصدت اتصالات في إقليم قره باغ لإرهابيي منظمة بي كا كا ممن يقاتلون إلى جانب أرمينيا، مع قياداتهم شمالي العراق".

وتابعت أن السفير هازار إبراهيم قال إن قوات بلاده عثرت على جثث لعناصر 'بي كا كا' بين قتلى القوات الأرمينية، مضيفا "رصدنا اتصالات في قره باغ بين ميليشيات بي كا كا التي تقاتل إلى جانب أرمينيا وبين قياداتها في شمالي العراق".

ومن ضمن الادعاءات التركية أيضا أن مقاتلين أرمن من لبنان وسوريا وبعض البلدان الأوروبية توجهوا إلى أرمينيا "للقتال ضد جيش أذربيجان الذي يحاول تطهير أراضيه من الاحتلال الأرميني" وهي أيضا ادعاءات لا دليل على صحتها.

ويبقى الأمر المؤكد في خضم الصراع الحالي بجنوب القوقاز والذي تسعى أطراف دولية لتهدئته، هو أن هناك دور تركي يؤجج الأزمة باعتراف من أعلى هرم في السلطة (الرئيس رجب طيب أردوغان) وكبار وزرائه، حيث أعلنت الحكومة التركية علنا استعدادها لتقديم كل أنواع الدعم لباكو بما في ذلك الدعم العسكري.