أردوغان يُغرق تركيا في دوامة مشاكل بسبب اس 400 الروسية

العلاقات المتوترة بين أنقرة وواشنطن قد تتلقى ضربة جديدة في ظل احتمال فرض الأخيرة عقوبات إذا مضت تركيا قدما بصفقة البطاريات الروسية التي يتوقع وصول أول شحنة منها خلال الصيف.
أردوغان عالق بين وموسكو وواشنطن بسبب منظومة اس 400
شراء أنقرة اس 400 الروسية سيعرض تركيا لعقوبات أميركية
موسكو ستلجأ لسلاح العقوبات إذا تراجع أردوغان عن صفقة اس 400
الاتفاق الروسي التركي في سوريا حول إدلب على المحك
واشنطن قد تلاحق تركيا وفق قانون كاتسا
 عناد أردوغان يدفع لانهيار صفقة مقاتلات اف 35 الأميركية

أنقرة - يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه عالقا بين حليفه الأميركي في حلف شمال الأطلسي وشريكه الروسي، مخاطرا بإثارة غضب الطرفين مع اقتراب تسلم أنقرة شحنة الصواريخ الروسية اس 400.

وقد تتعرض العلاقات المتوترة سلفا بين أنقرة وواشنطن إلى ضربة جديدة في ظل احتمال فرض الأخيرة عقوبات إذا مضت تركيا قدما بصفقة البطاريات الروسية التي يتوقع وصول أول شحنة منها خلال الصيف.

وكان أردوغان قد أعلن مؤخرا أن تركيا لن تتراجع عن صفقة اس 400 الروسية تحت اي ظرف، في رسالة لواشنطن ولحلف شمال الأطلسي وفي إعلان قد يرتد أزمة سياسية بين أنقرة وشركائها وقد يفاقم أزمة الاقتصاد التركي المتعثر.

وفي الآونة الأخيرة حذّر المتحدث باسم البنتاغون تشارلز سامرز من أن تركيا تضع نفسها في مواجهة "تداعيات خطيرة" وهو تهديد يجب أخذه على محمل الجد، وفق محللين.

ولكن إذا تراجعت تركيا، فإن الرئيس أردوغان سيخاطر بإثارة غضب موسكو، شريكه الإستراتيجي في سوريا.

وقد يضع ذلك على المحك اتفاقا جرى التوصل إليه بين موسكو وأنقرة لمنع هجوم للنظام السوري في محافظة إدلب الحدودية مع تركيا والتي تسيطر عليها جماعات جهادية.

وقد تلجأ روسيا، وفقا لخبراء، إلى السلاح الاقتصادي عبر كبح ذهاب ملايين السياح الروس إلى تركيا التي تعاني من تباطؤ اقتصادي هو الأول في عشر سنوات.

الرئيس التركي يخاطر بإثارة غضب واشنطن وحلف شمال الأطلسي بتمسكه بإتمام صفقة منظومة اس 400 الروسية بينما لم يعد يملك قرار التراجع عنها

وفي حال مضى أردوغان في إتمام الصفقة ستجد تركيا نفسها عرضة لعقوبات أميركية سبق أن اختبرت تأثيرها على قيمة الليرة التي هوت إلى أدنى مستوياتها وذلك في قضية القس الأميركي أندرو برونسون الذي كانت تحتجزه أنقرة وأفرجت عنه لاحقا في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتبدي الدبلوماسية الأميركية السابقة والباحثة في معهد بروكنغز أماندا سلوت اعتقادها بأن "الإدارة الأميركية والكونغرس لا يطلقان تهديدات فارغة. ثمة قلق فعلي في واشنطن وفي أوروبا إزاء شراء حليف في الأطلسي معدات دفاعية روسية".

ويخشى الأميركيون من أن تُستخدم تكنولوجيا بطاريات اس 400 لجمع بيانات حول طائرات الناتو العسكرية وأن تصل هذه المعلومات إلى روسيا.

ويشير أيضا مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته إلى مشاكل حول التوافق التشغيلي للأنظمة الروسية مع أنظمة الناتو، بنما يصر أردوغان على القول إن أنقرة بحاجة إلى منظومة اس 400 للدفاع عن حدودها.

الرئيسان التركي رجب طيب اردوغان والأميركي دونالد ترامب
تصعيد متبادل بين واشنطن وأنقرة ينذر بأزمة دبلوماسية

وبرر التوجه إلى روسيا لعدم توفر سلاح بديل مقنع لدى الجانب الأميركي، معلنا مؤخرا أن "لا مجال للتراجع بالنسبة إلينا".

ويمكن، وفقا لخبراء، أن تُلاحق تركيا من خلال قانون كاتسا (قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات) الذي يفرض عقوبات اقتصادية على كل كيان أو بلد يوقع عقود تسليح مع شركات روسية.

ودعا مسؤولون أميركيون وجنرالات مرارا إلى وضع حد للمحادثات حول تسليم مقاتلات اف 35 الأميركية إلى تركيا في حال حازت الأخيرة على منظومة اس 400.

وتعتزم تركيا شراء مئة مقاتلة من هذا الطراز، فيما بدأ طيارون أتراك بالتدرب مع نظرائهم في الولايات المتحدة.

واستثمرت أنقرة نحو مليار دولار في هذا البرنامج وبالتالي فإن أي قرار أميركي يمنع وصول المقاتلات سيمثّل خرقا للعقد. وتقول مصادر إن واشنطن سوف تكون مستعدة لتعويض أنقرة ماديا.

وافقت واشنطن في العام الماضي على بيع صواريخ باتريوت الأميركية إلى أنقرة من دون أن تتمكن من دفعها نحو التخلي عن منظومة اس 400.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان الثلاثاء الماضي رغبته "الأكيدة" في الحفاظ على الاتفاق حول مقاتلات اف 35 مع تركيا، غير أنه في سبيل ذلك "نحتاج أن تشتري تركيا منظومة باتريوت".

واشنطن قد تلغي صفقة بيع مقاتلات من طراز اف 35 لأنقرة
أنقرة تعتزم مواصلة التفاوض على صفقة شراء اف 35 الأميركية بعد الانتخابات المحلية

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو أعلن في بداية مارس/آذار أن المفاوضات المتعلقة باحتمال شراء الصواريخ الأميركية انطلقت، غير أن الوقت يضغط، إذ في ختام الشهر الجاري تنتهي مهلة العرض الرسمي للباتريوت، وفقا لوسائل الإعلام.

وتقول أماندا سلوت إنه من "غير المرجح" أن يؤدي هذا الخلاف التركي الأميركي إلى "قطيعة دائمة"، لكن "ذلك سوف يؤثر بشدة على علاقات متوترة أصلا ويطرح أسئلة جديدة في واشنطن حول موثوقية الحليف التركي".

ومن غير المتوقع عقد محادثات ثنائية رفيعة المستوى بهذا الشأن قبل الانتخابات البلدية التركية المرتقبة في نهاية الشهر الحالي وذلك برغم أن مسؤولين أتراكا وأميركيين يتطرقون إلى هذا الملف في الجلسات الخاصة.

وذكرت الكاتبة في صحيفة حرييت التركية هاندي فرات، أن تشاوش أوغلو سوف يتوجه إلى الولايات المتحدة في أبريل/نيسان للبحث في مسألة منظومة اس 400، غير أن حل الخلاف سيتطلب تدخل أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب.