الازمة المالية تُعمّق مأزق البيجيدي قبل المؤتمر الوطني

أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي يحث أنصاره على المساهمة في توفير الأموال لتنظيم مؤتمر الحزب.

الرباط - حثّ الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي ''البيجدي'' عبدالإله بنكيران الأنصار والمتعاطفين معه إلى المساهمة في تمويل المؤتمر المقبل، ما يشير إلى تفاقم الأزمة المالية التي تعصف بالبيجيدي الذي يواجه تصدعات داخلية بسبب تعدد أزماته التنظيمية والهيكلية، ما يعمّق الشكوك بشأن حظوظ الإسلاميين في الانتخابات المقبلة، بعد اهتزاز قاعدة الحزب وتراجع شعبيته، في ظل عجز القيادة عن طرح أي حلول عملية لترميم نكسات الحزب أو برامج هادفة، مقابل التركيز على توجيه الانتقادات والاتهامات إلى الحكومة الحالية بمناسبة أو من دونها.

وسبق لبنكيران بأن أقرّ بأن "البيجيدي" يواجه أزمة مالية، مشددا على أن تنظيم مؤتمر الحزب المقرر في 26 و27 أبريل/نيسان الجاري، يستوجب أموالا طائلة لا يمتلكها الحزب، ما أثار نقاط استفهام حول هذا العجز المالي، فيما اعتبره متابعون للشأن المغربي دليلا على سوء إدارة بالإضافة إلى تراجع عدد المنخرطين.

وأكد رئيس الحكومة الأسبق (2011 - 2017) في تصريح سابق أن ميزانية "البيجيدي" تراجعت بنحو 10 مرات خلال الأعوام الماضية.

وشهدت ميزانية الحزب تقلبات كبيرة، خاصة بعد انتخابات 2021 التي تكبد خلالها البيجيدي هزيمة مدوية وأخرجته من الحكم من الباب الصغير، حيث انخفضت بشكل ملحوظ بسبب خسارته عددا كبيرا من المقاعد البرلمانية، ما أجبره على اتخاذ إجراءات تقشفية، بما في ذلك تسريح بعض الموظفين وبيع بعض الممتلكات.

وطالب بنكيران في كلمة وجهها إلى أنصار الحزب على صفحته بموقع فيسبوك الأربعاء، وزارة الداخلية بصرف المنحة الخاصة بتنظيم المؤتمر، لافتا إلى أنها تصل إلى 130 مليون سنتيم.

وتابع أن "المساهمات التي قدمها الأعضاء والمتعاطفون مع الحزب ليست هي التي ستنظم المؤتمر وإنما هذا ما يعكس تجاوبا وفضلا كبيرين"، مشددا على أن "حزب العدالة والتنمية عادت إليه الروح واستعادت حركته بعد سقطة الثامن من سبتمبر/أيلول".

واعتبر أن الأموال تدفقت على الحزب بعد النداء الذي أطلقه للمساهمة في دعمه ماليا، مضيفا "منذ وصولي إلى الأمانة العامة دعوت الأعضاء إلى تخصيص صندوق للتطوع استعدادا للانتخابات".

وكشف أنه "لا يزال ملتزما بتسديد مساهمته الشهرية التي تبلغ 5 آلاف درهم على الرغم من أن القانون يحددها بـ3 آلاف درهم"، مستدركا أنه "لم يتم الالتزام بشكل واسع لهذا الطلب”.

وتابع "إذا كنا بعد انتخابات سنة 2021 نتحدث عن سقوط حزب العدالة والتنمية من الطابق الـ17 فإننا اليوم نقول أن عظامنا بخير ولو أننا لم نتعاف بشكل كلي"، مقللا من أهمية نتائج الانتخابات الجزئية الأخيرة التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي وفاز فيها حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

وجدد بنكيران رفضه لما أسماه "حرمان" وزارة الداخلية حزبه من الحصول على التمويل الحكومي الذي يصل إلى 130 مليونا، مشددا على أن الحزب سيتابع هذه المسألة.

ورفض أن يعتمد البيجيدي بشكل كلي على تمويل الداخلية للأحزاب السياسية بخصوص تنظيم المؤتمرات الوطنية، موضحا "سنمول المؤتمر بمواردنا الذاتية وهذا ما يتطلب انخراط جميع الأعضاء والمتعاطفين مع هذا الحزب ومضاعفة وتكثيف مساعدتكم المالية له".

وتطرق بنكيران إلى الهزيمة التي مُني بها حزبه في العام 2021، بينما أثنى على أداء نواب البيجدي في البرلمان، مستعرضا ما أسماها "معارك" خاضها البيجيدي على أكثر من واجهة من بينها الانتخابات الجزئية أو في ما يتعلق بمدونة الأسرة و"تضارب المصالح بالنسبة لرئيس الحكومة".

واعتبر أن ما عاشه الحزب هو نتيجة لما وصفه بـ"مؤامرة" وقعت في العام 2016 وهي السنة التي فاز فيها في الانتخابات لكنه عجز عن تشكيل حكومة لتشبثه برفض شروط وضعها عزيز أخنوش في أزمة سياسية استمرت أشهرا، قبل أن يعفيه العاهل المغربي الملك محمد السادس ويعين عوضا عنه الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني. وقبل الأخير أياما بعد ذلك بشروط أخنوش، ما أظهر البيجيدي في صورة ضعيفة.

ويبدو الحزب في وضع صعب جسده تتالي الانشقاقات وتراجع قاعدته الشعبية، فيما يقلل متابعون للشأن المغربي من حظوظه في العودة إلى المشهد السياسي، خاصة بعد عجز القيادة عن إيجاد حلول للهشاشة التنظيمية والهكيلية التي هزت صورته عند أنصاره.

وركز بنكيران طيلة الفترة الماضية على توجيه انتقادات حادة لحكومة أخنوش ودأب على الثناء على حزبه واستعراض ما يطلق عليها "إنجازات" لا وجود لها على أرض الواقع، فيما تشير تقارير إلى أن الحكومة الحالية تمكنت من معالجة العديد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي شكلت تركة ثقيلة خلفتها حكومة "العدالة والتنمية".