أزمة بين الرئيس ورئيس الوزراء تنذر بعودة الصومال إلى مربع العنف

الأزمة بين الرئيس الصومالي ورئيس وزرائه عتبة جديدة تجتاز مثيرة مخاوف من تصعيد للعنف في بلد يواجه بالأساس مأزقا انتخابية وحركة تمرد جهادية.
رئيس المخابرات حلقة من صراع دستوري
أزمة انتخابية تنعكس على الحياة السياسية فاتحة متجاهلة خطر حركة الشباب

مقديشو– يشهد الصومال صراعا بين الرئيس محمد عبدالله محمد (فارماجو) ورئيس وزرائه محمد روبلي على خلفية أزمة انتخابية تنعكس على الحياة السياسية في البلد الواقع في القرن الأفريقي والذي يواجه تمردا تخوضه حركة الشباب.

وأعلن رئيس الوزراء محمد روبلي مساء الأربعاء إقالة وزير الأمن حسن حندوبي جمعالي وتعيين عبدالله محمد نور المعارض بشدة للرئيس محمد عبدلله محمد المعروف باسم فارماجو على رأس هذه الوزارة الأساسية، في خطوة رفضها الرئيس صباح الخميس.

وسيطر التوتر على دوائر السلطة في مقديشو مع تولي المدير الجديد بالنيابة الكولونيل ياسين عبدالله محمود مهامه صباح الأربعاء، وشوهدت وحدة على ارتباط وثيق بالرئاسة تحرس مباني جهاز الاستخبارات الذي وصلت الانقسامات إلى صفوف كبار ضباطه.

وتدهورت العلاقات بين الرئيس ورئيس الوزراء في نهاية الأسبوع الماضي مع إعلان روبلي إقالة مدير الاستخبارات معلنا أن تحقيق الاستخبارات حول اختفاء إحدى موظفاتها إكرام تهليل الذي يتهم جهاديي حركة الشباب، "غير مقنع ويفتقر إلى أدلة".

وبحسب قانونيين فإن الأزمة الحالية بين روبلي ورئيس البلاد حول صلاحية توقيف أو إقالة رئيس المخابرات، تأتي ضمن تضارب الصلاحيات بين السلطة التنفيذية والرئاسية حيث يعطي الدستور المؤقت كلاهما جزءا من صلاحية إقالة وتعيين كبار مسؤولي الدولة وهو ما يعمق أزمات البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية.

إقالات متبادلة

لم تكن العلاقات متوترة على الدوام بين فارماجو، الرئيس منذ 2017، وروبلي الذي عينه في منصبه منذ سبتمبر 2020. وغالبا ما بقي رئيس الوزراء التكنوقراطي البالغ 57 عاما، وهو مهندس عاش في السويد، في ظل الرئيس، السياسي المحنك البالغ 59 عاما والذي له خبرة طويلة بدءا بعمله في وزارة الخارجية منذ الثمانينات قبل أن يتولى رئاسة الوزراء بين 2010 و2011.

وعند قيام أزمة هي من أسوأ الأزمات السياسية في البلد خلال السنوات الأخيرة نتيجة تمديد الولاية الرئاسية في أبريل، اتجه الرئيس إلى رئيس وزرائه التوافقي لحلحلة الوضع، فكلفه في الأول من مايو مهمة الإعداد للانتخابات الرئاسية التي لم يتمكن بنفسه من تنظيمها.

نجح روبلي في جمع كل الأطراف حول طاولة المفاوضات فاتفقوا على جدول زمني للانتخابات. وهو تحدى مرارا الرئيس بشكل صريح، مستندا إلى الشعبية التي يحظى بها. ففي أغسطس زار كينيا ليباشر تقاربا بين البلدين رغم أن الرئيس حظّر إبرام اتفاقات مع كيانات أجنبية قبل الانتخابات.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، تصدى روبلي لوكالة الاستخبارات الوطنية الواسعة النفوذ فأقال مديرها  فهد ياسين حاج على خلفية موجة الاحتجاجات على استخلاصات تحقيق أجرته الوكالة حول اختفاء إكرام تهليل (25 عاما).

ورد الرئيس على الفور فعيّن فهد ياسين، الصديق المقرب له الذي كان مهندس فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2017، في منصب المستشار الأمني للرئاسة. وردّ روبلي مساء بإقالة وزير الأمن حسن حندوبي جمعالي وعين محله عبدالله محمد نور المعارض للرئيس، فرفض فارماجو هذا القرار معتبرا أنه “باطل” دستوريا.

أي مخاطر تواجهها الانتخابات

سجلت العملية الانتخابية تأخيرا حتى قبل الأزمة السياسية الحالية، ما يجعل من المستحيل انتخاب الرئيس في الموعد المقرر في 10 أكتوبر. ويفترض الآن أن يتم تعيين أعضاء مجلس النواب، الخطوة الأخيرة قبل انتخاب رئيس الدولة حسب النظام الانتخابي الصومالي المعقد غير المباشر، بين الأول من أكتوبر و25 نوفمبر.

وحذر الموظف الكبير السابق عبدي كاني عمر بأنه “إذا لم يتم حل هذا النزاع بالتراضي، فسوف يعقد كل الجهود السياسية الجارية، بما فيها العملية الانتخابية التي ستتأخر إن لم تتوقف تماما”. وسبق أن اتهم روبلي الرئيس بالسعي لاستعادة “المسؤوليات الانتخابية والأمنية” التي أوكلها إليه.

مخاوف من عودة العنف

يثير هذا الصراع تصعيدا في التوتر في مقديشو. وشوهدت وحدة عسكرية على ارتباط وثيق بالرئاسة تحرس مباني جهاز الاستخبارات الأربعاء. ووصف عنصر من الجهاز بدون كشف اسمه وضعا “متوترا” وموظفين “مرتبكين” مضيفا “يبدو أن بعض الضباط أخذوا طرفاً”.

وقال أحد موظفي وزارة الإعلام إن صحافيي وسائل الإعلام الرسمية تلقوا أمرا بعدم نشر أي بيانات تصدر عن الرئيس.

وتواجه الصومال منذ 2007 تمردا تشنه حركة الشباب التي طردت من مقديشو في 2011 غير أنها لا تزال تسيطر على مناطق ريفية شاسعة وتشن بانتظام هجمات في العاصمة. وتلعب وكالة الاستخبارات دورا أساسيا في مكافحة حركة الشباب ولا يمكن السماح بإضعافها.

وأدى المأزق الانتخابي في نهاية أبريل إلى مواجهات مسلحة على خلفية الانقسامات السياسية والقبلية في مقديشو، أعادت إلى الذاكرة عقود الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد بعد 1991. وأعرب عمر محمود المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية عن مخاوفه موضحا “رأينا في أبريل بأي سرعة يمكن أن تتحول مقديشو إلى بؤرة مواجهة في سياق انهيار سياسي أوسع نطاقا”.