أسعار النفط تسجل تعافيا حذرا من تداعيات كورونا

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلمح بالتدخل في حرب أسعار النفط في "الوقت المناسب" إذا استمرت خطورة فيروس كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي.

واشنطن - واصلت أسعار النفط تعافيها اليوم الجمعة، عقب مكاسب كبيرة حققتها في الجلسة السابقة بعد أن لمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أنه ربما يتدخل في حرب الأسعار الدائرة بين روسيا والسعودية في "الوقت المناسب".

كما تلقت الأسعار دعما من خطط للولايات المتحدة لشراء ما يصل إلى 30 مليون برميل من النفط الخام لمخزونات الطوارئ بحلول نهاية يونيو/حزيران، فيما أوردت تقارير أن الجهات التنظيمية في أكبر ولاية منتجة للنفط في البلاد وهي تكساس كبح الإنتاج.

وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي الأكثر نشاطا للتسليم في مايو/أيار 43 سنتا أو ما يعادل 1.7 بالمئة إلى 26.34 دولار للبرميل. وزاد العقد بما يصل إلى 5.5 بالمئة إلى 27.34 دولار للبرميل في وقت سابق من الجلسة.

كما ارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي تسليم أبريل/نيسان 43 سنتا إلى 25.65 دولار للبرميل. وينتهي عقد أقرب استحقاق لشهر أبريل/نيسان، والذي زاد 24 بالمئة أمس الخميس، في وقت لاحق اليوم الجمعة.

وقالت مارجريت يانج محللة السوق لدي سي.إم.سي ماركتس "الانتعاش المفاجئ لأسعار النفط الخام الليلة الماضية كان مدفوعا بالأساس بدراسة الولايات المتحدة التدخل في سوق النفط عبر زيادة الاحتياطيات الاستراتيجية، بينما تقلص بعض إنتاج النفط".

وأضافت "القضية الأساسية هي أن الطلب العالمي على الطاقة ينخفض بشدة إذ أن المزيد من الدول تنضم إلى نادي 'الإغلاق'. الخطورة التي يمثلها كوفيد-19 على الاقتصاد الكلي قد تتجاوز توقعات أي شخص، وربما تستمر لفترة طويلة من الوقت".

كما صعدت العقود الآجلة لبرنت 28 سنتا أو نحو واحد بالمئة إلى 28.75 دولار للبرميل.

وزاد خام القياس العالمي 14.4 بالمئة أمس الخميس محققا أكبر مكسب في يوم واحد منذ سبتمبر/أيلول، لكنه يتجه صوب تسجيل رابع تراجع أسبوعي اليوم.

وهوت أسعار الخام الأميركي وخام برنت نحو 40 بالمئة في الأسبوعين الماضيين منذ انهارت محادثات بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، بما في ذلك روسيا، مما أدى لأن تعزز السعودية الإنتاج.

ونقلت صحيفة وول ستريت جونال عن مصادر لم تذكر أسمائها أن إدارة ترامب تدرس القيام بمسعى دبلوماسي لحث السعودية على تقليص الإمدادات وأن تستخدم تهديدا بالعقوبات على روسيا لإجبارها على الحد من الإنتاج.

وقال غولدمان ساكس في مذكرة بحثية إن كبح منتجين أساسيين في أوبك للإمدادات قد يدفع أسعار خام برنت في الربع الثاني للارتفاع إلى 30 دولارا للبرميل، بينما من المحتمل أن تعزز الإجراءات الأميركية لدعم السوق الأسعار في الأجل القريب.

وأضاف بنك الاستثمار الأميركي أن التحركات التي ألمح إليها ترامب ستقلص الإمدادات العالمية والمحلية الأميركية، لكنه أشار في ذات الوقت إلى أن أي تدابير أميركية قد تدعم سوق النفط في النصف الثاني من العام، لكن خفض الإمدادات المواكب سيظل غير كاف لموازنة خسارة في الطلب قدرها ثمانية ملايين برميل يوميا، والناجمة عن إبطاء دول للنشاط الاقتصادي لوقف انتشار فيروس كورونا الذي تسبب بوفاة عشرة آلاف شخص في أنحاء العالم.

وقال البنك في مذكرة صادرة أمس الخميس "في الأجل المتوسط، فإن أثر تلك السياسات سيتوقف على قابليتها للتطبيق من الناحية السياسية، مع الوضع في الحسبان الانتخابات الرئاسية المقبلة".

وتابع أن نصيب الإنتاج الأميركي قد يرفع بما يتراوح بين خمس وعشر دولارات تقدير غولدمان ساكس لسعر خام غرب تكساس الوسيط الذي يتراوح بين 40 إلى 45 دولارا للبرميل في 2021.

وأضاف البنك أنه بينما تؤدي العودة إلى سياسات إدارة الولايات المتحدة لإمدادات النفط في السبعينات والثمانينات إلى "المساعدة في دعم الأسعار في الربعين الثالث والرابع فوق توقعنا لخام برنت عند 30 و40 دولارا للبرميل، فإنها ببساطة تستبدل سياسة دعم النفط المصطنعة لأوبك بأخرى" في إشارة إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حيث تعد السعودية عضوا أساسيا.

وتراجعت أسعار النفط بأكثر من 40 بالمئة إلى أقل من 30 دولارا للبرميل منذ انهيار المحادثات بين أوبك والمنتجين المستقلين في السادس من مارس/آذار دون اتفاق على تعميق أو تمديد تخفيضات الإنتاج المعمول بها منذ يناير/كانون الثاني 2017 بسبب رفض روسيا ذلك.

وكانت الرياض تريد زيادة تخفيضات الإنتاج لدعم الأسعار التي تضررت من وباء فيروس كورونا، لكن موسكو لم توافق على مزيد من التخفيضات حتى لا تمنح فرصة للشركات الأميركية للاستحواذ على صناعة النفط الصخري التي تعتمد بصورة كبيرة على أسعار أعلى للنفط في بحر من الخام ذو الأسعار الرخيصة.

وتهدف هذه المصارعة الروسية لاستعادة الحصة السوقية من المنقبين الأميركيين الذين دفعت معدلات نموهم رغم استنادها على الديون إلى أخذ اللقب من موسكو كأكبر منتج للنفط في العالم، العام 2018، في صورة عكست التفوق الأميركي وكيف أعادت التكنولوجيا تشكيل المشهد العالمي للطاقة.