أصحاب نظرية عبان رمضان ومؤتمر الصومام في الجزائر يدعمون الجنرال!

 يتصرف البعض من الاعلاميين والمحامين وكأن النظام الحالي نزل من المريخ.

في كل مناسبة من المناسبات التي مرت بها الجزائر وتمر بها، لا يخلو حديث بعض الساسة والاعلاميين ومتناولي الشأن العام عن هواري بومدين، والصاق تهمة الاغتيالات والانقلابات السياسية به وتبرئة خصومه في المقابل. نظريتهم كانت ولا تزال مبنية على أنه لو طبقت مقررات الصومام التي تعطي الأولوية للسياسي على العسكري والداخل على الخارج، وجسدت على أرض الميدان لما وصلت الجزائر الى هذا المستوى من الفساد والانحراف.

يا ليتهم قرأوا التاريخ قراءة موضوعية، وأعطوا كل ذي حق حقه، لأن الذين رفعوا السلاح خلال ثورة التحرير، وخاضوا الحرب ضد المحتل الغاشم وأعوانه، اعتمدوا على الرشاش وليس على السياسية ولو لم يؤمنوا بالرشاش لبقوا يناضلون في حزب الشعب، مع أنهم استعملوها فيما بعد للتفاوض في الحكومة المؤتقة ولكن تحت حراسة البندقية. ليسوا كمن انقلبوا على ارادة الشعب التي افرزتها الصناديق الزجاجية، ووضعوا الشاذلي بن جديد تحت الاقامة الجبرية في مدينة بوسفر بوهران، وجاؤوا بمحمد بوضياف من المغرب، وجاءوا بزروال من باتنة، وبوتفليقة من سويسرا والخليج.

لقد صدعوا رؤوسنا بالحداثة والديمقراطية والمدنية ردحا من الزمن، وضيعوا أوقات من أعمارنا وهم يحدثونا عن الاسلاميين وشرب بول البعير، ويسخرون من أشكالهم ومن هيئاتهم ومن تصرفاتهم، قبل أن يظهر أثناء حكمهم شرب حليب التيس، وترشح المختلين عقليا والحلاقات وبائعي المخدرات.

لقد لفظتهم الصناديق في عدة مواعيد، لأنهم وببساطة لا قاعدة شعبية لديهم، فهم حقيقة غرباء عن الشعب. غير أن جهات دولية تسندهم لفرض منطقها على الجزائر، لاسيما بعض المنظمات الحقوقية، ووسائل اعلام ذات تأثير واسع. وكيف لا تسندهم وأجدادهم الزواف تحالفوا مع الاحتلال وقدموا له الجزائر على طبق من ذهب.

لقد استطاعوا تضليل فئات كثيرة عبر القنوات الفضائية والصحف قبل تعميم الانترنت في الجزائر، التي أعطت الفرصة للجميع من خلال حرية المبادرة، وأصبحت تقنيات الاخراج والتركيب والتأثيرات المختلفة لدى شرائح من المجتمع،وأصبحت الكتابة متاحة للجميع، فبان خبلهم وظهر دجلهم وتدليسهم، وتوضحت مستوياتهم، ولم يعد بمقدورهم المواجهة بالحقائق والبراهين، فيعمدون الى التشويه مدعومين من جهات أجنبية لها حسابات استراتيجية.

وها هم بعدما خسروا مواقعا بعد تنحية الجنرال الذي كان يلقب برب الجزائر، والذي كان يوظف وسائل الدولة الجزائرية لهذه الأقلية الماكرة،لاسيما الاشهار والاعلام والمال.

ها هم بعدما كانوا يسبون هواري بومدين ولعقود، بأنه كان وراء كل الاخفاقات وهو صاحب نظرية أولوية العسكري على السياسي، ها هم ودون حياء يدعمون جنرالا لم يناضل يوما في حياته سياسيا، بل قضى حياته وراء المكتب يوقع على انهاء المهام لضباط أغلبهم أحيلوا للتقاعد في ريعان شبابهم وآخرون بتهم مختلفة تم شطبهم.

 فبعد أن تمت احالة الملقب برب الجزائر على التقاعد بعد خلافات مع الرئاسة، وبعد سجن أحد مساعديه بتهمة الارهاب، ها هو جنرال من جنرالات الدولة العميقة، يتظاهر بالحديث عن مشروع المجتمع، وعن الدولة المدنية واعلان القطيعة مع النظام، قصد استعطاف شرائح من الشعب، وكأن هذا النظام نزل من كوكب المريخ، وليس النظام الذي كان أحد قداشيه؟

والغريب أنك تجد مدنيين ومنهم محامون واعلاميون قضوا حياتهم وهم يرددون: الاسلاميون يريدون أن يحكموا مرة واحدة ومن ثمة يلغون الديمقراطية، ها نحن اليوم نراهم لم يقبلوا بالتداول السلمي عن السلطة بل يقفون كل مرة وراء مرشح العسكر، والذي تختاره الدوائر الخفية والمغلقة كلما شوهت الواجهة، المرشح الذي يخدم مصالحهم ويحقق لهم نزواتهم وأمانيهم، ويعطيهم الفرصة لتجسيد شذوذهم الفكري والسياسي والايديولوجي.

يا ليتهم يقبلون بارادة الشعب التي يتشدقون ويتغنون بها ولو مرة واحدة. يا ليتهم يدعمون مدنيا لا مرشحا لا تزال علامة القبعة على رأسه.