أقيل عبدالغني الهامل بتهمة الفساد وبقي الفساد والمفسدون في الجزائر!

قضية الكوكايين وإقالة مدير الأمن الجزائري تذكرة لمن يتناسى بمن يحكم الجزائر فعلا.

تصريحات مدير الأمن الجزائري عبدالغني هامل عشية الاعلان عن اقالته عبر وسائل الاعلام، تفيد بأن هناك جهات عليا في قيادة الجيش، دون أن يُسمّيها، تدخلت في مجرى قضية الكوكايين بوهران، التي أحتجز فيها كما أعلن أكثر من 7 قناطير من الكوكايين، ناهيك عن أجهزة مختلفة استخدمت للتغطية عن هذه الجريمة الكبرى. ومارست هذه الجهات ضغوطات على بعض الشخصيات قصد اسكاتها، أو ابعادها حتى تسير هذه القضية في الاتجاه الذي يريده أصحاب القرار.

 ما إن تم الاعلان عن اقالة مدير الأمن عبدالغني الهامل حتى سارع الانتهازيون والضباع بالترويج لخبر الاقالة، مهللين ومكبرين لنصر لم يصنعوه.

كانت تصريحات اللواء الهامل مثيرة ومهولة، حيث أعلن بأن هناك ضغوطات مورست على المحققين في القضية، وأن عدة قضايا ظهرت من خلال ملفات الابتزاز، التي تم العثور عليها أثناء التحقيق مع المتهم الرئيسي في قضية ما بات يعرف بكمال البوشي، من صور وفيديوهات، وأن جهاز الشرطة يمتلك ملفات عديدة تتعلق بالفساد، متورط فيها أناس،  يحاولون تخويفه وتهديده لمنع جهاز الشرطة للقيام بواجبه في محاربة الفساد الذي تم الشروع فيه منذ مدّة وأنه مستعدّ لوضعها تحت تصرف العدالة.

 ولعل أبرز رسائله كانت، تلك التي ردّد فيها "لا يمكن لفاسد أن يحارب الفساد"، في اشارة منه الى من أرادوا ابتزازه بأن يده نظيفة وهو أشرف منهم.

واضح أن أصحاب القرار الحاليين في البلاد، امتعضوا من مواقفه وطريقة عمله، كيف لا وهو الجنرال الذي يفوق مستواه سنين ضوئية مستوى القايد صالح، وقد تدخلوا بعنف لا قالته. واقالته جاءت بعد أن تم التمهيد لها من خلال حشر سائقه في القضية وكذا أسماء أخرى.

 لكن اقالة عبدالغني هامل طرحت جملة من التساؤلات لاسيما وأنها جاءت في ظل تضارب أخبار تفيد أن بوتفليقة نقل الى سويسرا لاجراء فحوصات طبية. والكل يعلم بأن وضعه الصحي لا يسمح له بمواكبة أحداث من هذا النوع.

وجاءت اقالته عشية ذكرى اغتيال محمد بوضياف، هذا الأخير، الذي أغتيل لأنه كان قد شرع في اتصالات مع قائد المخابرات السابق قاصدي مرباح، لاسترجاع أموال طائلة منهوبة ضخت في بنوك سويسرا، وعشية ذكرى 5 جويلية التي يتم فيها ازاحة غير المرغوب فيهم.

 وقد أغتيل قاصدي مرباح وآخرون. كما أنه أزيح الى وقت قريب وزراء، على غرار الوزير الأول عبدالمجيد تبون، وولاة، ومسؤولون في الجمارك، وفي الجيش، وفي مؤسسات أخرى، لأنهم أعلنوا محاربتهم للفساد، واتهموا هم بالفساد.

 قولوا لي بربكم:

 كيف يُترك أحمد أويحيى ووزير الداخلية، ويقال مدير الأمن؟

ولماذا يُترك القايد صالح في منصبه وهو المسؤول الأول عن وزارة الدفاع الوطني التي منحت رخصة استيراد اللحوم لهذا المدعو كمال البوشي المتهم الرئيسي في قضية الكوكايين؟

كيف تُترك وزيرة التربية التي تتحكم في قطاع حيوي هام وفي مستقبل الأجيال، ويدعي القايد صالح بعدها من وهران على هامش المناورات العسكرية التي لم تكن عفوية ولا اعتباطية بل لها علاقة بما يجري، أنه يحافظ على سلامة الأسرة الجزائرية، بانقاذه حراقة ومزطولين؟

كيف يترك طرطاق الذي كان على لسان بائعي الأوهام، يحرق الناس بالخازوق، ويقال من هو أقل منه شأنا وتأثيرا في مجرى الأحداث؟

 إنها ببساطة تصفية حسابات، وقطع الطريق أمام الطامحين للرئاسة، وكذا اعلان الولاء لمن بيدهم الأمر والنهي، والتنافس على الانبطاح والوشاية ولعق ما تبقى في الصحون لأصحاب القرار.

والا: كيف تفسرون عبث ابن القايد صالح في وهران وعنابة مع شركات مختلفة، هذا الأخير الذي ذكرته وثائق ويكيليكس المسربة، بأنه أفسد رجل في قيادة الجيش، وتقيل في المقابل عبدالغني الهامل الذي هو أنظف منه على أساس أن سائقه أو حتى واحد من أفراد عائلته متورط في ملف الكوكايين؟

 كيف يتم التعامل مع أرباب الفساد مثل حداد وطليبة والقائمة طويلة وعريضة، وأصحاب مشاريع كثيرة منبتها الفساد، ويتم دعمهم بمنحهم العقار وأكياس من اليورو والدولار، في قطاعات مختلفة.

وفي المقابل يتم التضييق على أهل الاصلاح ومطاردتهم حتى في مصدر قوتهم سواء في الداخل أو في الخارج؟

ما أحسنها من خاتمة يجب أن يرددها أيّ مدير أو وزير وأي شريف: من يحارب الفساد يجب أن يكون نظيفا!