أكراد تركيا يترقبون اتفاق سلام ينهي عقودا من الصراع
أنقرة - تأمل عائلات كثيرة في جنوب شرق تركيا أن ينتهي الصراع الكردي المستمر منذ أربعة عقود في البلاد والذي أسفر عن مقتل 40 ألف شخص على الأقل، بعد عودة الحديث عن عملية سلام محتملة.
في هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية، تنتظر عائلتان كرديتان ثكليان تفصلهما مسافة عشرة كيلومترات بين ديار بكر وماردين، مع آلاف العائلات الأخرى الإعلان الوشيك لهدنة بين حزب العمال الكردستاني المحظور وحكومة أنقرة، من شأنها أن تضع حدا لأربعة عقود من حرب خلّفت ما لا يقل عن 40 ألف قتيل.
ومنذ الخريف، يعطي استئناف الحوار بدعم من الرئيس رجب طيب إردوغان مع الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان المسجون منذ 26 عاما والذي قد يدعو إلى إلقاء السلاح، أملا للتوصل إلى تسوية للصراع عبر التفاوض.
في منزلها في دياربكر، أكبر مدينة ذات أغلبية كردية في البلاد، تحدق فخرية تشوكور (63 عاما) في صورة ابنتها روزرين بثياب المدرسة المعلقة على حائط. قُتلت خلال اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمن في يناير/كانون الثاني 2016 فيما كانت متوجّهة إلى وسط المدينة.
وأدى انهيار الهدنة التي أبرمت عام 2015 إلى اندلاع جولة جديدة من العنف ما أدى إلى تصاعد أعمال عنف في جنوب شرق البلاد.
واستذكرت فخرية أنه في ذلك اليوم من يناير/كانون الثاني 2016، رفع حظر التجول عن سور، المركز القديم لديار بكر، لبضع ساعات عندما اندلع القتال.
وروت "وجد كثر أنفسهم عالقين، بمن فيهم ابنتي التي اختبأت لدى زوجين مسنين... وعندما أرادت الخروج، قُتلت برصاص قناص". وعلمت العائلة بالخبر عبر التلفزيون.
وعلى مدى أشهر، نظّمت العائلات تجمعات وإضرابات عن الطعام للمطالبة بجثث أحبائها. وتسلم والد روزرين مصطفى جثمانها في يونيو/حزيران.
وبحسب والدتها، ظنّت السلطات أن ابنتها مقاتلة في حزب العمال الكردستاني معروفة باسم "روزا" واتهمتها بالذهاب إلى الجبال للتدّرب.
عائلات الشهداء قلوبهم محطمة، كفى.. ندعم العملية برمّتها، لكننا نريد شيئا ملموسا
وقالت فخرية "لم تكن ابنتي منخرطة أبدا في أي نشاط سياسي. كانت تحب المدرسة وأرادت أن تصبح طبيبة نفسية لمساعدة شعبها". وهي اليوم تنتظر رسالة أوجلان الذي يُتوقّع أن يدعو أتباعه إلى إلقاء أسلحتهم في الأسابيع المقبلة، مضيفة "نحن لا ننسى ما حدث لكننا نأمل. لدي طفلان آخران، من يدري ماذا سيحدث لهما غدا؟".
وفي يناير/كانون الثاني، خلصت مجموعة الأزمات الدولية إلى أن مستوى العنف بين حزب العمال الكردستاني والجيش في تركيا انخفض إلى أدنى مستوياته منذ العام 2015.
وقالت فخرية "بدأنا نتنفس" بعد عقد تحت الضغط مضيفة "أريد السلام، أريد وقف إراقة الدماء... أريد وقفا لإطلاق النار ولست الوحيدة".
في ماردين المجاورة، تحدث سيهموز كايا (67 عاما) عن نجله الشرطي الذي اختطفه حزب العمال الكردستاني في شرق تركيا في يوليو/تموز 2015.
وروى أن ابنه كان بملابس مدنية في السيارة مع شقيقه وأربعة أشخاص آخرين عندما أغلق المقاتلون الطريق: "لم يخطفوا إلا فيدات". وأضاف "بعد أشهر، تلقينا أول مقطع فيديو تم تصويره في جبال قنديل"، وهي جبال شمال العراق حيث يتحصن مقاتلو حزب العمال الكردستاني.
وبذلت العائلة كل ما في وسعها، مع الدولة والحزب المؤيد للأكراد، من أجل إطلاق سراحه. لكن بعد ست سنوات، تلقت مكالمة هاتفية من الحكومة: كان الابن من بين "شهداء غارا" الثلاثة عشر، وهي منطقة في شمال العراق حيث قُتل 12 شرطيا وجنديا تركيا بيد حزب العمال الكردستاني.
وقال سيهموز "لقد انهرت... هؤلاء الأشخاص لا إيمان أو ضمير لديهم. كان ابني يريد فقط أن يكسب لقمة العيش" مشيرا إلى أن نجله تعرض للتعذيب قبل إعدامه.
واليوم، يريد سيهموز السلام لكن لا ثقة لديه بحزب الشعوب للعدالة والديموقراطية الذي يقود المفاوضات بين أوجلان والحكومة والذي يشتبه في أن له صلات بحزب العمال الكردستاني. وختم "عائلات الشهداء قلوبهم محطمة، كفى... ندعم العملية برمّتها، لكننا نريد شيئا ملموسا".