ألحان متعددة وأصوات متفردة في "المنكوس"

منشدو المنكوس عبروا عن أصالة الموروث الشعري الشعبي في الإمارات والجزيرة العربية بألحانهم المتعددة وأصواتهم المتفردة.
المنكوس واحد من الألحان الإماراتية التراثية لغناء الشعر النبطي
منافسة أشد ومهارات صوتية أعلى ومعايير تحكيم دقيقة

أبوظبي ـ شهدت الحلقة التسجيلية الثانية من برنامج "المنكوس" في موسمه الأول، الذي تنتجه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، والتي تم تسجيل مجرياتها على مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي، منافسةً أشد ومهارات صوتية أعلى ومعايير تحكيم دقيقة حيث برز منشدو المنكوس معبّرين عن أصالة الموروث الشعري الشعبي في الإمارات والجزيرة العربية بألحانهم المتعددة وأصواتهم المتفردة، في الحلقة التي تمّ بثّها على قناتي "الإمارات" و"بينونة"، مساء الأحد الموافق 27 يناير/كانون الثاني 2019، في تمام العاشرة مساء.
وجاءت الحلقة التسجيلية الثانية لتُبرز رؤية برنامج "المنكوس"، ضمن توجهات لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وأهدافها وحرصها المستمر على التعريف بالموروث الشعبي، وتعزيز دوره في بناء الهُوية الوطنية، من خلال إبراز لحن المنكوس، بصفته واحدًا من الألحان الإماراتية التراثية لغناء الشعر النبطي، كما اشتملت على مقابلاتِ لجنة التحكيم مع بقية المتسابقين ضمن البرنامج الساعين إلى الإجازة سبيلاً للدخول في منافسات الوصول إلى اللقب، ووصل عددهم إلى حوالي 30 مشاركاً من دول الخليج العربية، ضمن البرنامج الفني الذي يستهدف إحياء لحن المنكوس كموروث شعبي عريق.
وتميز أداء أعضاء لجنة التحكيم المشكّلة من الشاعر محمد بن مشيط المري من الإمارات، والشاعر والمنشد شايع فارس العيافي من المملكة العربية السعودية، و الأستاذ إبراهيم الخالدي نيابةً عن الناقد والأكاديمي الدكتور حمود جلوي، عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بكلية التربية الأساسية، من الكويت، بصعوبة الاختيار والتشديد على المعايير الدقيقة والحرص على اختيار الأفضل والأعلى في المهارات الصوتية وإتقان لحن المنكوس وتمييزه في الاختلاف الإيقاعي والصوتي والأداء عن الألحان الشعرية الأخرى المتقاربة في الموروث الشعبي في جنوب الجزيرة العربية.
وقد برر أعضاء اللجنة هذا الحرص لشدة المنافسة وتقارب القدرات لدى الكثير من نجوم ومشاهير الشعر الشعبي الذين جذبهم البرنامج، كما حرصوا على الطلب من المشاركين أداء ألحان إضافية بعد دخولهم باب التأهل في البرنامج، الأمر الذي تطلّب جهداً إضافياً بذله المشاركون لتأكيد أحقية مشاركتهم في البرنامج الفني الأول من نوعه في أداء لحن المنكوس.
وجاء المتسابق الأول عبدالله عمر المنصوري من الإمارات، وقد أجازته اللجنة بالإجماع حيث قال المري له: "أبدعت وأمتعت، لديك خامة صوت جيدة، ونفس طويل وأداؤك ممتاز"، طالباً منه إسماع اللجنة ألحاناً أخرى من المنكوس، أما شايع العيافي فقد توجّه إليه بنصيحة أن يركّز على الألحان ويعدّدها فلا يقتصر إنشاده على لحن واحد، وأكّد الخالدي على أن خامة صوت المتسابق جيدة.
كما أجازت اللجنة المتسابق الثاني فيصل السبيعي المدارية من السعودية والذي أكّد شايع العيافي له أن الباب لا ينفتح إلا للمستحقين من المتسابقين، طالباً منه إسماع اللجنة صوتاً ثانياً، وقال: "حضورك وأداؤك جيدان وأنت متمكّن من لحن المنكوس، نطلب منك فقط التركيز على أدائك"، بينما تساءل المري عن علاقة المتسابق بالمنكوس وهل ورثه عن أب وجد أم أنه حفظه وتدرب عليه وأتقنه بنفسه، حيث أجابه المتسابق بأنه مطّلع على المقامات الشعرية وأنه يحبّ لحن المنكوس.
وأجازت اللجنة المتسابق الثالث حامد بن مسفر الحلافي من السعودية وأشاد محمد المري بروعة صوته وإبداعه، كما وافقه العيافي بعد سماع اللحن الثاني منه، معتبراً أنه أعطى المنكوس حقه، أما الخالدي فقد أشاد بمساحات الصوت لديه، وجاء المتسابق الرابع حمدان محمد المنصوري من الإمارات مرتبكاً في بداية شلّته المنكوس بحسب المرّي الذي توافق مع أعضاء اللجنة بعد سماع اللحن الثاني من المتسابق على أن الشاعر أبدع وأمتع مع جمالية الصوت وامتداده مع الطلعة الثانية في الإنشاد ومساحته.
ومع عدم إجازة عدد من المتسابقين لعدم تمكّنهم وضعف أدائهم وغياب مهاراتهم الصوتية والإنشادية، نال المتسابق طالب راشد المري من الإمارات، وهو كفيف من أصحاب الهمم، قبول واستحسان أعضاء لجنة التحكيم حيث أجمعوا على أن لديه خامة صوت جيدة ونفسه طويل، وذلك بعد أن أدى أكثر من لحن أمامهم.

وتتالى أداء المتسابقين مريع مبارك المري وعامر محمد الدوسري من السعودية وعبيد المنصوري من الإمارات الذين انفتح لهم الباب متيحاً لهم فرصة المشاركة رغم الرهبة والتوتر أثناء الأداء، وأجازت اللجنة المتسابق علي عبد الرحمن الهاشمي من الإمارات، رغم أن شايع العيافي أخذ عليه عدم استعداده للمشاركة، وقال له محمد المري: "أنا أجيزك كشخص رغم أنني لم أعطك ضوء التأهّل، إذ يجب أن تتمكن وتكون ملماً لأن لحن المنكوس الذي أنشدته احتوى على كسور"، طالباً منه أداء لحن ثانٍ، بينما نال المتسابق فرج حمد المري من السعودية إجماع أعضاء اللجنة واستمتاعهم بحضوره وإتقانه وأدائه الذي قال عنه العيافي إنه يفوق الوصف.
وتفرد المتسابق عايض راكان المشعلي من السعودية بأدائه لحن منكوس فيه مفردات الدعاء لله بالتوفيق وفتح الباب في وجهه، واستعطاف أعضاء لجنة التحكيم الذين قابلوا التحية بأحسن منها وأعطوه فرصة غناء لحن ثانٍ أجازوه بعده لما برز فيه من تمكّن ومساحات صوتية أفضل، حيث قال الخالدي: "دعوتَ الله أن يفتح الباب وها هو الباب قد فتح أمامك".
أما المتسابقان عبدالله فهد الدوسري ومحمد ناصر المري من السعودية فقد أجمعت اللجنة على إجازتهما لتمكنهما من الصوت ومخارج الحروف وأداء لحن المنكوس، بينما تفرّد المتسابق خليفة حميد الوهيبي بكونه المشارك الوحيد من سلطنة عُمان، والذي خاطبه المري قائلاً: "نتشرف بأهلنا وإخواننا في السلطنة، ونتشرف بمشاركتهم في البرنامج"، أما الخالدي فاعتبر أن أداءه للحن المنكوس يدلّ على وحدة التراث والموروث الشعبي في منطقة الخليج العربي.
وكانت قمة التميز مع عدد من الأصوات المعروفة الحاضرة بفاعلية على الساحة، بينهم حمد الطويل المري وعلي محمد العجمي وناصر محمد المري وفلاح شثين المسردي من السعودية، والذين أجازتهم لجنة التحكيم بالإجماع معتبرةً أنها تعوّل عليهم في نجاح البرنامج وتتوقع لهم التألق في الأداء وحمل رسالة إحياء لحن المنكوس، فهم يشكلون إضافة إلى البرنامج، بإبداعهم وخامات صوتهم وثقتهم العالية بأصواتهم وحضورهم المتميز ضمن البرنامج منذ اللحظات الأولى للمشاركة، وهذا ما دفع اللجنة إلى الاستزادة بسماع ألحان أخرى منهم بينها ما هي خارج المنكوس مثل لحن الرواح الذي أبدع في أدائه المنشد ناصر المري والذي كان أسرع من نال إجازة اللجنة في البرنامج لامتداد نفسه وقوة وجمالية صوته وإتقان أدائه ومخارج حروفه.
وجاء أداء المتسابق زايد صالح المري من الإمارات مرتبكاً لم يقنع عضو اللجنة الشاعر محمد بن مشيط المري الذي قال: "المنكوس له أداء وطريقة وأنت لم يقنعني أداؤك"، بينما اعتبر العيافي أن صوته متقطع وأمامه فرصة لتحسينه فملامح الطرب موجودة لديه، ووافقه الخالدي ناصحاً إياه على أن يهتم بجمالية صوته ويبذل مجهوداً أكبر لتحسينه.
وكان مقلب الحلقة حضور ناصر بن شايع العيافي ورغم عدم مشاركته في البرنامج، أمام لجنة التحكيم التي تضم والده، الأمر الذي أثار شجن الوالد واعتزازه بابنه الذي أنشد من أشعاره وكلماته فأبدع وأمتع، وتبعه المتسابق ناصر بن هادي المنصوري من الإمارات الذي أجازته اللجنة رغم تأكيدها عليه بأنه واقع تحت ضغط المشاركة الذي يجب أن يتجرد منه ليبدع ويقدم جماليات موهبته وصوته، وهذا ما أعادت التأكيد عليه مع المتسابق عمر شافي العجمي من الكويت الذي طالبته بتطوير نفسه فهو من أهل المنكوس ولكنه واقع تحت الضغط النفسي أيضاً، كذلك أجازت بخيت جابر المري من السعودية بإجماعها على تميّز صوته الطيب وخامته الجميلة وتمكّنه من لحن المنكوس وكونه من أهل الإبداع.
وتميز المتسابق سعد مهدي اليامي من السعودية بإجماع اللجنة التي رأت في حضوره إضافة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأنه أطرب وأبدع بصوت رائع وأداء متميز مجيد للمنكوس، وكذلك كان رأي اللجنة في فيصل محمد المري من السعودية أيضاً، والذي أضاف برأيها جمال اختيار الأبيات الشعرية إلى جانب جمال الأداء والصوت وإتقان المنكوس.
بينما كان الختام مع خالد فردان القحطاني من السعودية والذي خاطبه العيافي بالقول: "هذا الباب لا نفتحه إلا لشخص لديه الحد الأدنى من ألحان المنكوس وأنت أجدت فيه بكل معاني الإجادة"، وقال له المري: "صوتك طيب وجميل، لكن الرهبة أثرت قليلا، هذا الباب بوابة الشهرة بإذن الله"، وختم الخالدي بالقول: "من أهداف البرنامج إحياء لحن المنكوس وصوتك جميل ولكن اشتغل قليلاً على امتداد نفسك".
يجدر بالذكر أن المشاركين في البرنامج يخوضون غمار هذه المسابقة التراثية عبر مراحل عدة بدءًا من مرحلة تجارب الأداء، وصولًا إلى الحلقات المباشرة، وتختتم بفوز مشاركٍ واحد، ليكون بطل الموسم في أداء لحن المنكوس.
ويهدف برنامج "المنكوس" إلى إعادة إحياء لحن المنكوس الأصيل، ومد جسور التواصل بين الجيل القديم، وجيل الشباب بتعريفهم بالمنكوس، وألحانه، ولفنون أدائه، وأبرز رموزه محليًا و خليجيًا، والحفاظ على الموروث الثقافي، وتسجيله منصةً ثقافية ثابتة ينطلق نحو العالمية من خلال التعريف بهذا الفن التراثي، وأساليب أدائه، وأبرز وجوه هذا الفن الخليجي الأصيل، وإنجاز أكبر قدر ممكن من التواصل مع الجماهير الخليجية، كون المنكوس، وفنون أدائه من الألحان الشعرية والتراثية التي تجمع كل أبناء الخليج.