ألوان أيمن قدري تشع في "كمت -  أرض مصر"

الفنان القادم من الجنوب حيث سمرة النيل ونداوته وبكارته في كل شيء يقدم أعماله في قاعة قرطبة بالقاهرة.
اللوحات تكاد تنطق وهي تنقل لنا لقطات عن المراكب فيها الجمال التلقائي وفيها تلقائية الألوان المبهجة
لقطات من داخل المنازل البسيطة ومن خارجها، حيث نرى أقرب الطيور إلى نفوسنا من فراخ وأوز وبط

بقلم: محسن صالح 

حينما نرتاد معرضا للفن التشكيلي، فإننا نحقق الإشباع لتلك المنطقة من داخلنا والتي تشتاق للجمال وتقدره وتجد فيه العزاء مما يحيط بها من متاعب الحياة وهمومها. 
نرتاد المعارض الفنية لأننا نريد ذلك التجديد الدائم لأنفسنا وبث الجديد من الطاقات والهمة حتي ننهض ونقاوم ونستمر وننجح في خاتمة المطاف. 
وقليلة هي المعارض الفنية التي تأخذنا لعالم خاص، تستخدم فيه لغة خاصة، لغة غير منطوقة تستخدم الألوان والخطوط لتبث فينا العديد والعديد من المعاني والمباهج التي نريدها. 
ومعرض الفنان المبدع أيمن قدري، ذلك الفنان القادم من الجنوب حيث سمرة النيل ونداوته وبكارته في كل شيء، ذلك المعرض الذي يأتي تحت مسمي "كمت – أرض مصر" والذي أقيم بقاعة قرطبة بشارع الفرات بالمهندسين حتي 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 يعد تحفة فنية بحق في المحاور التي يتناولها والجوانب التي يغطيها، فلا تملك سوى أن تقف مشدوها أمام لوحاته وأمام زخم التعبير الفني وجماله ونداوته.
 يتناول المعرض في ملمح أول حياة البحر ونعجب حينما نرى اللوحات تكاد تنطق وهي تنقل لنا لقطات عن المراكب فيها الجمال التلقائي وفيها تلقائية الألوان المبهجة وعلي رأسها الأحمر والأخضر والأزرق في سيمفونية خاصة تتفاعل مع أنغام الطبيعة ممثلة في الشاطيء والماء. ننظر إلى المراكب ونعجب لجمالها ونظافتها، وكأنها تعكس لنا نقاء قلوب قاطني الجنوب وبراءتهم وتلقائيتهم الحلوة التي تأسر كل من يتعامل معهم. ونسمع في اللوحات صوت موسيقي المكان، بل يترامي لمسمعنا صوت نداءات أصحاب المراكب وغناء الطيور. لوحات جميلات كما أرادها الفنان المبدع أن تكون فجاءت لتهز مشاعرنا وتدق على قلوبنا بألحان عذبة.

وفي الملمح الثاني الذي لا يزال أثره في نفسي حتى بعد كتابة هذه السطور هو التعبير عن المكان، حيث نرى في لوحات أخرى داخل المعرض لقطات من داخل المنازل البسيطة ومن خارجها، حيث نرى أقرب الطيور إلى نفوسنا من فراخ وأوز وبط وكأني بالفنان يريد أن ينقلنا نقلة نوعية إلى عالم الجنوب، حيث البساطة في كل شيء في المنازل وكذلك في شكل المنازل ومعمارها البسيط الذي لا تغفل عنه لمسة الفن إضافة إلى ذلك الدفء في تلك العلاقة بين البشر والطيور الداجنة التي صارت جزءا من عالم هاديء جميل له موسيقاه الخاصة.
وفي الملمح الثالث داخل هذا المعرض، نرى الحضارة الفرعونية بمبانيها ومعمارها وكأني بالفنان الدكتور أيمن قدري يؤكد على فكرة التواصل بين الماضي والحاضر في سلسلة من المواءمة حيث نجد لون المعابد مع لون زرقة ماء النيل والخضرة على ضفافه في تعبير باللون يربط بإعجاز بين النيل محتضنا التاريخ التالد والحاضر المقيم وبين المستقبل القادم، كما لا يغفل عنا لون الخضرة المتجددة رمز النماء والإنطلاق.
هذا وتترايء أمامنا أحيانا لقطات لصخور وكأنها تنبهنا إلى أن علينا أن نعمل من أجل الغد القادم ومن أجل أن نجد عالمنا حلوا مزدهرا نصنع به مثلما صنع الأجداد من التاريخ، عالم نفتت فيه الصخور لصنع حاضر ومستقبل أبهج.
 الملمح الرابع والأخير هو عربة قصب السكر، أقصد العربة الكارو التي تحمل قصب السكر والتي أرى أنها من اللوحات الرائعات، حيث تلخص لنا أن مصر أحلى بأهلها، وأننا سنرى مستقبلا حلوا بطعم السكر. ولعل الفنان يريد أن يعبر من خلال هذه اللوحة علي الثمرة بعد الكد وعلي حلاوة النتيجة. 
تنتهي جولتي في معرض "كمت – أرض مصر " للفنان المبدع أيمن قدري، ولا تنتهي ما بنفسي من معان، أثارها هذا المعرض الضافي. ألف تحية لفناننا المبدع على معرضه مع أمنياتنا له بالمزيد والمزيد من المعارض الفنية المتميزة في عالم الفن التشكيلي.