"أميرة المريخ" فانتازيا تؤكد رومانسية الكواكب

رواية إدغار رايس بوروس تعتبر مثالًا كلاسيكيًا على أدب الحب في القرن العشرين.
سلسلة "برسوم" شكلت مصدر وحي لعدد من كتاب الخيال العلمي المعروفين
العقل البشري المتوسط لن يصدق ما لا يستطيع فهمه

"أميرة المريخ" هي رواية فانتازيا علمية بقلم إدغار رايس بوروس نشرت عام 1917، وهي الأولى ضمن سلسلة "برسوم". وتمتلئ بمبارزات السيف والأعمال الجريئة، وهي تعتبر مثالًا كلاسيكيًا على أدب الحب في القرن العشرين، بل تعتبر أيضا مثالا عن رومانسية الكواكب، إحدى مناحي الخيال العلمي التي أصبحت شعبية في العقود التالية من تاريخ نشر هذه الرواية، كما تحتوي الفصول الأولى على عناصر من أدب الوسترن. 
تدور أحداث القصة على سطح المريخ، ويصور بشكل كوكب يحتضر به بيئة صحراوية قاسية، واستندت هذه الرؤية عن المريخ على أعمال عالم الفلك بيرسيفال لويل، والتى كانت ذات شعبية فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
شكلت سلسلة "برسوم" مصدر وحي لعدد من كتاب الخيال العلمي المعروفين فى القرن العشرين، مثل ذلك جاك فانس، راي برادبري، آرثر سي كلارك، روبرت أنسون هاينلاين، جون نورمان، وكانت سلسلة ملهمة لكثير من العلماء في مجالات استكشاف الفضاء والبحث عن حياة خارج كوكب الأرض، بما في ذلك كارل ساغان، الذي قرأ "أميرة المريخ" أيضا عندما كان طفلا.
افتتح بوروس روايته التي ترجمتها "شهرت العالم" وصدرت أخيرا عن دار آفاق بمقدمة موجهة للقارئ حيث رأى أنه يجدر التحدث قليلا عن شخصية كابتن كارتر بطل الرواية وساردها، فالرواية  تقدم مخطوطه الغريب، حتى ليقول كابتن كارتر في مدخل مخطوطه هذا "لم أخبر أحدا بهذه القصة كما لن يطلع أي إنسان على هذه المخطوط إلا بعد أن أنتقل إلى الحياة الأبدية.  

طبعة روايات الهلال
من أدب الوسترن

أعرف أن العقل البشري المتوسط لن يصدق ما لا يستطيع فهمه، ولذا لا أود أن أصبح مثارا لسخرية الناس وموضوعا لمنابر الوعظ والصحافة، ويعتبرونني كاذبا كبيرا، وأنا لا أحكي سوى حقائق بسيطة سوف يثبتها العلم في يوم ما. ربما تساعد الأفكار التي اكتسبتها على كوكب المريخ والمعرفة التي يمكنني إيرادها في هذا التسجيل للوقائع على فهم مبكر لألغاز ذلك الكوكب الشقيق ألغاز بالنسبة لكم لكنها لم تعد ألغازا بالنسبة لي".      
وقال بوروس في مقدمته التي جاءت كجزء من تقنية الرواية "تعود ذاكرتي الأولى عن كابتن كارتر إلى تلك الأشهر القليلة التي أمضاها في منزل والدي في فرجينيا، قبل بداية الحرب الأهلية مباشرة. كنت آنذاك طفلا، أبلغ من العمر خمس سنوات، لكنني أتذكر جيدا ذلك الرجل الرياضي الطويل، ذا الوجه المكفهر الأملس الذي كنت أدعوه العم جاك. كان يبدو ضاحكا على الدوام، يشارك الأطفال في ألعابهم الرياضية بروح الزمالة القلبية الطيبة نفسها التي يشارك بها الرجال والنساء من نفس عمره في التسلية والترفيه، أو يجلس لمدة ساعة للترفيه عن جدتي العجوز بسرد قصص حياته الغريبة الجامحة  في أنحاء العالم كافة. كنا جميعا نحبه وكان العبيد الذين يعملون لدينا يقدسون الأرض التي تطأها قدماه".
ورأى بوروس أن كابتن كارتر كان نموذجا رائعا للرجولة، يبلغ طوله ستة أقدام وبوصتين، عريض الكتفين أوراكه نحيلة، ويحمل سمات الرجل المدرب على القتال. كانت ملامحه واضحة ومحددة، وشعره قصيرا أسود، بينما كانت عيناه من اللون الرمادي الداكن وتعكس شخصية قوية ومخلصة، ومليئة بالحماس والمبادرة، كما كان على خلق، ويتصف بأعلى درجات اللطف والود التي يتسم بها سيد مهذب من الجنوب.
وأضاف "تمتع بقدرة مدهشة على ركوب الخيل لا سيما في تتبع كلاب الصيد، حتى في هذا البلد الذي يضم نخبة من أروع الفرسان، وكثيرا ما سمعت أبي وهو يحذره من تهوره الجامح، لكنه كان يضحك وهو يقول: "لم يولد بعد ذلك الحصان الذي يقتلني السقوط من فوق ظهره". 
لقد تركنا عندما اندلعت الحرب ولم أره مرة أخرى لحوالي 15 أو 16 سنة تقريبا، ثم عاد دون سابق إنذار، فوجئت كثيرا عندما شاهدته، كان يبدو كما هو دون أن يشيخ ولو للحظة، كما لم يطرأ عليه أي تغيير. وخلال وجود الآخرين معه، كان نفس الزميل اللطيف السعيد الذي نعرفه منذ زمن، لكنني رأيته متصورا أنه بمفرده، يجلس لساعات يحدق نحو الفضاء وعلى وجهه نظرة شوق حزين وبؤس يائس، وفي الليل يجلس ناظرا إلى السماء باحثا عن شيء لم أعرفه إلى أن قرأت هذا المخطوط بعد ذلك بسنوات. 
أخبرنا أنه قام في فترة ما بالتنقيب والتعدين في أريزونا منذ الحرب، وأنه حقق نجاحًا كبيرًا تجلى  في تلك الكمية غير المحدودة من المال التي حصل عليها، أما عن تفاصيل حياته خلال تلك السنوات، فقد كان شديد التحفظ، وفي الواقع لم يتحدث عنها إطلاقاً. استمر وجوده معنا لمدة عام تقريبا ثم ذهب إلى نيويورك، حيث اشترى مكانًا صغيرًا يطل على نهر هدسون. واعتدت زيارته مرة في السنة.
وأوضح بوروس أنه خلال رحلاته إلى سوق نيويورك ـ فقد كان هو ووالده يمتلكان سلسلة من المتاجر العامة في جميع أنحاء فرجينيا في ذلك الوقت ـ اقتنى كابتن كارتر كوخا صغيرا، لكنه جميل يقع على منحدر يطل على النهر. وقال "خلال إحدى زياراتي الأخيرة، فى شتاء عام 1885، لاحظت انشغاله الشديد بالكتابة، والآن أعتقد أنه كان منشغلا بكتابة هذا المخطوط. 
قال لي في تلك المرة إنه يسعده أن أتولى مسئولية ممتلكاته إذا حدث له أي شيء، وأعطاني مفتاحًا لدرج صغير في خزنة بغرفة مكتبه، وهو يقول إنني سأجد فيه وصيته وبعض التعليمات الشخصية التي جعلني أتعهد بتنفيذها بنفسي بإخلاص مطلق. بعد ذلك اليوم، كنت أراه ليلا من نافذتي وهو يقف في ضوء القمر على حافة المنحدر المطل على نهر هدسون وذراعاه ممدودتين إلى السماء كأنما في حالة مناجاة، تصورت حينذاك أنه يصلي، على الرغم من معرفتي أنه لم يكن متدينا بالمعنى الحرفى للمصطلح.
ولفت إلى أنه بعد عدة أشهر من عودتي لمنزلي بعد زيارتي الأخيرة له، تسلمت منه في أول مارس 1886، على ما أعتقد، برقية يطلب مني فيها أن أذهب إليه على الفور، لقد كنت دوما منفصلا لديه من بين جيل كارتر الأصغر، ولذا أسرعت إلى تنفيذ طلبه. 
وصلت في صباح يوم 4 مارس 1886 إلى المحطة الصغيرة التي تبعد نحو ميل من موقع سكنه، وعندما طلبت من سائق عربة الخيول أن يأخذني إلى كابتن كارتر، أخبرني أنني إذا كنت صديقا للكابتن، فهناك أنباء سيئة للغاية تنتظرني، فقد وجد الكابتن ميتا بعد طلوع النهار بفترة قصيرة هذا الصباح، وجده حارس العقار المجاور. ولسبب ما لم يكن هذا الخبر مفاجئا لي، لكنني توجهت إلى سكنه بأسرع ما يمكن لكي أقوم بما يلزم لجثمانه، وأتولى باقي شئونه. وجدت الحارس الذي اكتشف موت كابتن كارتر واقفا مع رئيس الشرطة المحلية والعديد من سكان البلدة مجتمعين في غرفة مكتب الكابتن، حكى الحارس بعض التفاصيل المرتبطة بالعثور عليه، وقال إن جثمانه كان دافئا عندما وصل إليه، ممدا وسط الجليد، وذراعاه ممدودتان فوق رأسه في اتجاه حافة المنحدر، وعندما أخذني لأرى الموقع تذكرت، أنه المكان نفسه تحديدا الذي رأيت فيه كابتن كارتر في إحدى تلك الليالي رافعا ذراعيه إلى السماء متضرعا. لم يحمل جثمانه أي علامات على العنف، وتمكن المحققون الشرعيون بمساعدة الطبيب المحلي، من التوصل إلى قرار بأن سبب الوفاة هو السكتة القلبية، بقيت بمفردي في غرفة المكتب، فتحت الخزنة، وأخرجت محتويات الدرج الذي أخبرني أننى سأجد فيه التعليمات التي تركها لي، كانت غريبة إلى حد ما بالفعل، لكني اتبعتها بكل تفاصيلها، وبكل ما أمكنني من إخلاص.

ترجمة أخرى
سلسلة ملهمة لكثير من العلماء 

وختم بوروس "طلب مني نقل جثمانه إلى فرجينيا دون تحنيط، وأن يوضع في نعش مفتوح داخل القبر الذي بناه سابقا والذي كان - كما عرفت في ما بعد جيد التهوية، أجبرتني التعليمات أن أتولى بنفسي الإشراف على التنفيذ على النحو الذي أراده تماما، حتى سرا إن لزم الأمر. 
لقد ترك ممتلكاته بطريقة تجعلني أحصل على كامل دخلها لمدة 25 سنة، وعندئذ أصبح المالك. أما تعليماته الأخرى، فكانت تتعلق بهذا المخطوط الذي كان يجب أن أحتفظ به مختوما ودون قراءة، أي كما وجدته تماما، لمدة 11 سنة، ولا أكشف عن محتوياته إلا بعد مرور 21 سنة على وفاته. هناك ملمح غريب يتعلق بقربه، حيث لا يزال جثمانه راقداً، وهو أن بابه الكبير كان مجهزا بقفل زنبركي ضخم منفرد، مطلي بالذهب. ولا يمكن فتحه إلا من الداخل".